Skip to content

تونس: “لجنة العدالة” ترفض تصريحات الرئيس حول مراقبة مصادر الأموال التي تمنح للجمعيات الأهلية من جهات أجنبية وتعتبرها تعديًا سافرًا وعدم احترام للقانون المحلي والدولي

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “لجنة العدالة” إن وجود مجتمع مدني فعال ونشط هو دليل على حيوية ومتانة النظام المجتمعي والبنية التنظيمية لأي دولة حديثة، فالحفاظ عليه يعني الحفاظ على العمود الفقري للمجتمع؛ وذلك لدوره الحاسم في تعزيز الديمقراطية، وتحقيق التنمية المستدامة، وضمان مشاركة المواطنين في صنع القرار وتحقيق الشفافية والمساءلة، وتعزيز التسامح والتعايش السلمي؛ فالمجتمع المدني هو الروح الحية لأي مجتمع حديث، والعمل على قمعه يعني وأد تلك الروح وقتل الجزء الفعال في المجتمع.

وكانت جهات رسمية تونسية أفادت باجتماع رئيس الجمهورية، قيس بن سعيد، عصر الجمعة الموافق 8 مارس/ آذار 2024، بقصر قرطاج، بكل من رئيس الحكومة، أحمد الحشاني، ووزيرة العدل، ليلى جفال، ووزيرة المالية، سهام البوغديري، ومحافظ البنك المركزي- الذي عُيّن حديثًا-، فتحي زهير النوري، حيث دعا “قيس” في الاجتماع محافظ البنك المركزي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة على مستوى لجنة “التحاليل المالية”؛ لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات الأهلية من الخارج من دوائر مشبوهة، على حد زعمه، بحجة أن الشعب التونسي لن يقبل بأن يتدخل في شأنه أحد بأي شكل من الأشكال؛ لا بصفة صريحة ولا تحت جنح الظلام، كما قال.

وكان سبق ذلك الاجتماع انتقادات وجهها الرئيس التونسي إلى لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي، حيث أكد، في لقاء جمعه برئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية بتاريخ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ على لجنة التحاليل المالية أن تقوم بدورها وتتعهد بصفة آلية بالتمويل الأجنبي، معقبًا: “يجب ألّا ينسى البنك المركزي التونسي ومن يقوم عليه أنّه مؤسسة عمومية وليس مستقلاً عن الدولة، وأنه لا بدّ من وضع حد لهذا الانفلات”. قبل أن يبادر في “زيارة فجائية” إلى مقر البنك المركزي، قبل أسابيع، بتغيير المدير العام للجنة “التحاليل المالية”، ثم محافظ البنك المركزي. كما وجه “قيس” انتقادات بوضوح لبعض كبار السياسيين و “نشطاء الجمعيات”، وبعض النقابيين، متهمًا إياهم بالفساد المالي والتعامل “المشبوه” مع أطراف معادية للبلاد، بينها “لوبيات صهيونية واستعمارية”، حسب تعبيره.

وتأتي تلك التصريحات والإجراءات بالتزامن مع اقتراب موعد تنظيم الدورة الجديدة من الانتخابات الرئاسية المقررة الخريف المقبل، وسط تكهنات بأنها جاءت للضغط على منظمات المجتمع المدني لعدم التركيز على الخروقات المتوقعة لتلك الانتخابات، والتي ستُجرى في ظل مناخ قمعي وسلطوي يسيطر على الحياة السياسية والمجتمعية في تونس، وتركز للسلطات في قبضة رئيس الجمهورية.

من جانبه، أكد المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة”، أحمد مفرح، أن تلك التصريحات- والإجراءات المتوقعة كنتيجة لها-، هي تمهيد واضح وصريح من الرئيس التونسي، قيس بن سعيد، لتوجيه ضربة قمعية للمجتمع المدني في البلاد، خوفًا من التعاطي الفعال لمنظماته مع فعاليات الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها قريبًا، وأنها ستكون بمثابة ضربة قاصمة للتجربة الديمقراطية الناشئة في تونس بعد ثورة الياسمين يجب التصدي لها بكل قوة وحزم.

وتعتبر “لجنة العدالة” أن تلك الخطوة؛ بالإضافة إلى محاولة تغيير قانون الجمعيات الأهلية وإنشائها وتمويلها أو إدخال تعديلات عليه، كل ذلك يأتي في إطار الحملة ضد المجتمع المدني في تونس، والذي يعد الرئة الأخيرة التي تتنفس منها الديمقراطية بعد تغول السلطة التنفيذية وهيمنتها على كل السلطات في البلاد.

لذا؛ تشدد اللجنة على رفضها لتصريحات الرئيس التونسي الأخيرة حول التمويل الأجنبي، ووصفه للمنظمات التي تتلقى تمويلات أجنبية بأنها “خيانة وطنية” و “تأمر على أمن الدولة”، مشيرة إلى أن كل تلك التصريحات تؤكد على وجود نية مبيتة من السلطات التنفيذية في تونس للعصف بالمجتمع المدني في البلاد، وتحجيم دوره الفعال في حراسة الديمقراطية والدفاع عنها، كما تعتبرها أيضًا تعديًا سافرًا على حرية عمل منظمات المجتمع المدني وتدخل في شؤونها المالية والإدارية؛ التي صانها القانون التونسي رقم 88 لسنة 2011، والخاص بعمل المنظمات المدنية في البلاد.

وتدعو اللجنة المجتمع المدني التونسي للتكاتف أمام الهجمة الصريحة من قبل مؤسسة الرئاسة، وإعلان منظماته الرفض لأي تدخلات في عملها، سواء من الناحية التنظيمية أو التمويلية، مطالبة الدولة التونسية باحترام الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات الدولية المختصة في دعم المجتمع المدني ونشر ثقافة التعدد والتسامح ودعم الحريات، والتي تصونها وتحفظها العهود والمواثيق الدولية الموقعة عليها تونس.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا