قالت “لجنة العدالة” إن تواصلها المستمر مع آليات الأمم المتحدة، والذي يأتي في إطار رفع الظلم الواقع على ضحايا الانتهاكات في مصر والدول التي تغطيها اللجنة، أسفر عن إصدار الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، لرأيان حول شكاوى تقدمت بها اللجنة للفريق الأممي العامل.
وجاء ذلك خلال دورة الفريق الأممي العامل التاسع والتسعين، والتي عقدت في المدة من 18-27 مارس/ آذار الماضي، حيث أصدر الفريق رأيه الأول حول حالة محمد محمود مرغني محمود مبارك (مصر)، والذي فصلت “لجنة العدالة” ما تعرض له من انتهاكات من خلال شكوى تقدمت بها للفريق.
– حالة محمد مرغني مبارك:
ومحمد محمود مرغني محمود مبارك، هو مواطن مصري، وُلد في 1 يوليو/ تموز 1998، وكان وقت إلقاء القبض عليه طالبًا في المدرسة الثانوية، وكان مكان إقامته المعتاد في منيا القمح بمحافظة الشرقية، وتم تدوير اعتقاله على ذمة 3 قضايا مختلفة بنفس ذات التهم، وهي ممارسة معروفة لدى السلطات المصرية للتحايل على المدة القانونية للحبس الاحتياطي وهي عامان.
ففي 20 يونيو، حزيران 2016، اعتقل رجال أمن الدولة بملابس مدنية، ولم يقدموا مذكرة اعتقال أو أي وثائق قانونية وقتها، “مبارك” حينما كان يؤدي امتحانًا في مدرسته، حيث تعرض للإخفاء القسري حتى 11 يوليو/ تموز، وتعرض للتعذيب أثناء مدة اختفائه قسريًا عن طريق الضرب والصعق بالكهرباء، لإجباره على الاعتراف بأفعال لم يرتكبها، وأنه أصيب بجروح وكدمات جسدية نتيجة لذلك، وتم إبلاغ رئيس النيابة بوقائع التعذيب تلك، ولكنه تجاهل ذلك ولم يصدر أمر بالتحقيق فيها.
احتُجز “مبارك” احتياطيًا من عام 2016 إلى عام 2019، فيما يتعلق بالقضية رقم 2694 لسنة 2016، بتهمة “الانضمام والمشاركة في المظاهرات”، والذي تمت تبرئته منها، وأضيف على قضية أخرى، هي القضية رقم 694 لسنة 2019، بنفس التهم السابقة، وصدر فيها حكم ضده بالحبس لمدة عام وغرامة 50 ألف جنيه مصري، وبعد قضاء عقوبته وجد نفسه مضافًا على القضية رقم 3076 لسنة 2022، بتهمة “حيازة منشورات”، وهو ينتظر المحاكمة حاليًا في مركز احتجاز بالعاشر من رمضان، حيث يتقاسم غرفة صغيرة سيئة التهوية مع 10 محتجزين آخرين، ويُمنع من الخروج لممارسة الرياضة، ويرى عائلته مرة واحدة شهريًا لمدة 15 دقيقة فقط.
ورأى الفريق الأممي العامل أن الظروف التي ذكرت في الشكوى المقدمة من “لجنة العدالة” وعدم تفنيد السلطات المصرية لها، أثبت له أن السلطات المصرية فشلت في إرساء أساس قانوني لاعتقال “مبارك” واحتجازه؛ لذا؛ فإن احتجازه تعسفي بموجب الفئة الأولى. كما أن انتهاكات الحق في محاكمة عادلة والإجراءات القانونية الواجبة، هي من الخطورة بحيث تضفي على حرمان “مبارك” من الحرية طابعًا تعسفيًا يندرج ضمن الفئة الثالثة أيضًا.
– حالة معاذ الشرقاوي:
أما الرأي الثاني الصادر عن الفريق الأممي العامل، كان حول شكوى تقدمت بها اللجنة بشأن حالة معاذ نجاح منصور منصور الشرقاوي، وهو مواطن مصري، من مواليد 20 يوليو 1993، وهو طالب وناشط ومدافع عن حقوق الإنسان، وكان نائب رئيس اتحاد الطلاب بجامعة طنطا لعام 2015، وكان وقت القبض عليه يقيم في المعادي بمحافظة القاهرة. والذي ألقي القبض عليه عند نقطة تفتيش أمنية في دهب في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ثم اختفى قسرًا لمدة وتعرض خلالها للتعذيب.
مثل “الشرقاوي” أمام النيابة على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2018، بتهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها”، وظل رهن الحبس الاحتياطي على ذمتها حتى أُطلق سراحه في مارس/ آذار 2020، بتدابير احترازية. وفي عام 2021، أُحيلت قضيته إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، ليصدر حكم ضده غيابيًا في 29 مايو 2022، بالسجن لمدة عشر سنوات ووضعه تحت المراقبة لمدة خمس سنوات. وفي 11 مايو 2023، ألقي القبض على “الشرقاوي” من قبل عناصر أمن الدولة للمرة الثانية في منزله بالمعادي، حيث تعرض بعد ذلك للاختفاء القسري إلى 3 يونيو 2023، وتم تعذيبه خلال تلك الفترة، ليظهر في 3 يونيو 2023، أمام نيابة أمن الدولة العليا في قضية جديدة حملت رقم 540 لسنة 2023، بتهمة “الانضمام إلى تنظيم إرهابي وتمويله”.
ورأى الفريق الأممي العامل أن حرمان “الشرقاوي” من الحرية خالف المواد 3 و6 و9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواد 6 و9 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو إجراء تعسفي وانتهاكات لحقوق الإنسان يقع ضمن الفئتين الأولى والثالثة.
– مطالب مقدمة للسلطات المصرية:
وطالب الفريق من السلطات المصرية في ختام الرأيين أن تتخذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضع “مبارك” و”الشرقاوي” دون تأخير، وجعله متوافقًا مع المعايير الدولية ذات الصلة، وأن الحل المناسب هو إطلاق سراحهما فورًا ومنحهما حق الإنفاذ في التعويض وغيره من جبر الضرر، وفقًا للقانون الدولي.
كما حث الفريق الأممي العامل السلطات في مصر على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية لـ “مبارك” و “الشرقاوي”، واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقهما.
وشدد الفريق الأممي العامل في ختام رأيه على أن الاحتجاز التعسفي والإجراءات المصاحبة له في مصر ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، وأنها منهجية.