قالت “لجنة العدالة” إن الإخفاء القسري جريمة تتبعها الأنظمة القمعية للعمل على إخفاء الحقائق والانتهاكات التي وقعت فيها بحق الضحايا الذين يقعون في براثنها، مشيرة إلى أن هذه الممارسة الشائنة تُستخدم كوسيلة لإسكات الأصوات المعارضة أو للضغط عليها، وضرب مفهوم الشفافية، وخلق حالة من الرعب والاضطراب بين صفوف المجتمع، فهي لا تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان فحسب؛ بل تعد أيضًا اعتداءً على كرامة الإنسان وحقه في الحياة والحرية.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ورود أنباء للجنة تؤكد قيام السلطات الليبية في شرق البلاد، بإخفاء ما لا يقل عن تسعة أفراد قسريًا منذ أكثر من ثلاثة أيام، بعد توقيفهم دون مذكرة قضائية مع حرمانهم من التواصل مع محامين أو ذويهم، فيما ما يزال مكان وظروف احتجازهم مجهولاً.
وقافلة الصمود؛ هي قافلة برية إنسانية تهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة بعد انطلاقها برًا من تونس. وهي مبادرة رمزية غير مسلحة تهدف لكسر الحصار ولفت انتباه العالم إلى المجازر والتجويع في غزة. وتسعى القافلة إلى الوصول إلى معبر رفح في جنوب قطاع غزة، بعد كسر الحصار (الإسرائيلي) المفروض على القطاع وعبور الحدود المصرية – الفلسطينية.
وانطلقت القافلة في 9 يونيو/ حزيران الجاري، بمشاركة نحو 1500 شخص، وقرابة 20 حافلة و350 سيارة، وجاء معظم المشاركين من تونس، بالإضافة إلى متضامنين من الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب. وفي الوقت نفسه أعلن “التحالف الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي”، أن نحو 4 آلاف من المتضامنين، المنتمين إلى 80 دولة حول العالم، بينهم برلمانيون أوروبيون، سيشاركون في “المسيرة العالمية إلى غزة” للوصول سيرًا على الأقدام إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وفور وصول القافلة التضامنية إلى شرق ليبيا، تم إيقافها وحصارها واعتقال وإخفاء عدد من المشاركين فيها عند مدخل مدينة “سرت” التي تسيطر عليها قوات اللواء خليفة حفتر، ما أدى إلى حرمان المشاركين من الغذاء والماء والدواء ووسائل الاتصال في ليبيا، ودفعهم ذلك للعودة إلى منطقة قرب مصراتة في غرب البلاد.
وتضمنت قائمة المختفين قسريًا كل من:
– يوسف بن يونس. (تونس)
– سامي بن بلقاسم الرقيسي. (تونس)
– علاء بن عمارة. (تونس)
– زيدان إلياس. (الجزائر)
– بلال أورطاني. (الجزائر)
– ياسر بولراس. (الجزائر)
– عبد الرحمن رياض النصر. (ليبيا)
– عبد الرزاق سالم حماد. (ليبيا)
– محمد نور محمد علي. (السودان)
وتؤكد “لجنة العدالة” على أن الإخفاء القسري يُعتبر انتهاكًا يستهدف كرامة الإنسان وحقه في الحرية والأمن الشخصي، وهو ما نصت عليه المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي أكدت أن لكل إنسان حقًا في الحياة والحرية، كما نصت المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز اعتقال أحد تعسفيًا أو إخفاؤه قسرًا، وأن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وشفافة.
كما تشير اللجنة إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جميع أشكال الإخفاء القسري، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2010، وصفت الإخفاء القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية في حال تم ممارستها بشكل منهجي أو واسع النطاق. مشددة على أن استمرار إخفاء تسعة من المشاركين في قافلة “الصمود” – بينهم مواطنون من تونس والجزائر وليبيا والسودان–، منذ أكثر من ثلاثة أيام دون أي معلومات رسمية عن مكان احتجازهم أو أسباب توقيفهم، يمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، ويُعرض حياتهم للخطر.
وتبدي “لجنة العدالة” مخاوفها وإدانتها في الوقت ذاته؛ لتلك الإجراءات التعسفية من قبل السلطات في شرق ليبيا، مطالبة إياها باحترام التزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جميع أشكال الإخفاء القسري والقانون الدولي الإنساني.
وتطالب اللجنة سلطات شرق ليبيا بضرورة إجلاء مصير هؤلاء المختفين قسريًا، والإفراج الفوري عنهم، وإبلاغ ذويهم بمكان وجودهم والسماح لهم بالتواصل مع محامين وأقارب. كما تدعو إلى فتح تحقيق مستقل وفوري لكشف ظروف الاختفاء، ومحاسبة المسؤولين عنه، ومنع إفلاتهم من العقاب وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
وفي الختام، تعرب “لجنة العدالة” عن تضامنها الكامل مع الضحايا وعائلاتهم من المتضامنين الذين يخاطرون بأنفسهم في سبيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار منذ سنوات، مشددة على أن الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات يُعد تواطؤًا غير مقبول مع مرتكبي الجرائم، داعية جميع الآليات الأممية والدولية إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، ودعم الضحايا، وكشف الحقيقة، وتحقيق العدالة.