Skip to content

“كوميتي فور جستس” ترصد 7283 انتهاكًا داخل مقار الاحتجاز في مصر خلال عام 2022

مدة القراءة: 6 دقائق

قالت “كوميتي فور جستس” إن عام 2022 كان عام مليء بتناقضات السلطة السياسية في مصر بين خطاباتها المعلنة، وممارسات أذرعها المروعة بحق المعارضين والمواطنين ككل، حيث ذابت الفوارق تدريجيًا بين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وبين عموم المواطنين الذين تضرروا بشكل كبير من تداعيات فشل إدارة الدولة للاقتصاد المصري.

– تطورات سياسية وانفراجة وهمية:

وأضافت المؤسسة في تقريرها السنوي لعام 2022، ضمن مشروعها لمراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، أن التكهنات حول “انفراجة” في المشهد الحقوقي المصري بُناءً على ما صورته وعود السلطات آنذاك؛ أثبت الواقع العملي أن كل ذلك ما هو إلا حملة دعائية تستهدف منها السلطات المصرية عيون الخارج فقط، حيث استمرت الأجهزة الأمنية في حملاتها ضد المواطنين غير ملقيةً بال بما تدعيه السلطات من خطوات لتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر.

وأشارت المؤسسة إلى أن تلك العوامل، بالإضافة إلى الضغط الخارجي، جعلت السلطات تستدعي معارضيها إلى المشهد السياسي مجددًا في حفل إفطار رمضاني بعنوان “إفطار الأسرة المصرية”، برعاية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حضره حمدين صباحي، وخالد داوود، وعددًا من رموز القوى السياسية، وهو الإجراء الذي ذكرت مصادر صحفية أنه بغرض طلب الدعم من المعارضين للقيام بتحرك سياسي يطمئن الشعب تجاه الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وتم عقد إفطار الأسرة المصرية، وأعلن “السيسي” خلاله عددًا من القرارات السياسية والاقتصادية، أبرزها؛ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، وبالرغم من ذلك لم تتحرك أعداد المفرج عنهم والمخلى سبيلهم إلا بشكل ضئيل جدًا، وفي نفس الوقت لم تتوقف الملاحقات الأمنية أو احتجاز المواطنين تعسفيًا.

– قرارات قضائية وتعديلات تشريعية:

وأوضح التقرير أن العام الماضي شهد أيضًا قرار وزير العدل بنقل محاكمات “الإرهاب” إلى مجمع سجون بدر؛ مما صعب الأمور على أهالي المتهمين والمحامين، حيث اشتكى المحامون مما وصفوه بـ”الظروف غير الإنسانية والمهينة” التي يضطروا لمواجهتها خلال قيامهم بعملهم في مدينة تبعد بأكثر من 68 كيلومترًا عن القاهرة، وكونها غير مجهزة من الأساس لاستقبال المحاكمات.

وعلى الصعيد القانوني، ذكر التقرير أن مجلس النواب المصري أصدر العديد من التشريعات الجدلية، من ضمنها؛ الموافقة على مشروع قانون 14/2022، والمقدم من الحكومة، بتعديل قانون تنظيم السجون في مصر، والذي كانت التعديلات فيه تعديلات شكلية واصطلاحية لم ترق إلى مستوى الطموح الحقوقي في التعامل مع الانتهاكات الفجة داخل مقار الاحتجاز في مصر، لافتًا كذلك إلى القرار الذي أصدره وزير الداخلية خلال العام، وهو القرار رقم 371/2022؛ بإدراج مقر المخابرات العامة بالعاصمة الإدارية الجديدة ضمن الأماكن المرخص قانونًا بإيداع متهمين فيها على ذمة القضايا التي تمس الأمن القومي وأمن الدولة

من جهة الخارج، وهو الإجراء الذي ينذر بالمزيد من الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري والتعذيب والحرمان من الحرية تعسفيًا.

– أحكام مجحفة وتنفيذ لإعدامات:

كما رصدت “كوميتي فور جستس” من خلال تقريرها، أحكام عدة تنوعت بين؛ الإعدام والسجن المؤبد والمشدد والحبس في عدد من القضايا خلال 2022، من أبرزها؛ أحكام إعدام ضد 10 متهمين بقضية “كتائب حلوان”، كما أصدرت محكمة أمن الدولة طوارئ 9 أحكام بالمؤبد، و3 بالمشدد في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “داعش العجوزة”، و43 حكمًا بالمؤبد، و87 حكمًا بالمشدد، كذلك قضت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة الجنايات بمعاقبة 17 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”أحداث مجلس الوزراء”، بالسجن المشدد من 7 سنوات لـ15 سنة، وإلزامهم برد 17 مليون و622 ألف جنيه قيمة ما أتلفوه، وعاقبت متهمًا بالسجن المشدد 15 سنة، و16 متهمًا بالسجن المشدد 7 سنوات، وفي 3 يناير، صدق الحاكم العسكري على الحكم الصادر بحق الناشط علاء عبد الفتاح، والمحام الحقوقي، محمد الباقر.

وفيما يتعلق بتنفيذ أحكام الإعدام، تم تنفيذ حكم الإعدام خلال العام، بحق 4 متهمين مدانين في القضية رقم 9115/2016 كلي جنوب الجيزة، المعروفة إعلاميًا باسم قضية “ميكروباص حلوان”، كما نُفذت أيضًا أحكام بإعدام 3 متهمين في القضية رقم 3455/ 2014 كلي جنوب الجيزة، المعروفة بقضية “أجناد مصر الأولى”، والتي تعرض المتهمون فيها لانتهاكات عدة عقب القبض عليهم؛ من إخفاء قسري، وإكراه مادي ومعنوي على الإدلاء باعترافات، فضلًا عن التحقيق مع متهمين في غياب المحامين.

– رصد 7283 انتهاكًا:

وبحسب التقرير، تمكن فريق “كوميتي فور جستس” من رصد 7283 انتهاكًا، وقعوا داخل 73 مقر احتجاز سواء رسمي أو غير رسمي، توزعت بين 19 محافظة مصرية، وتنوعت بين أنماط متعددة من الانتهاكات، جاءت النسبة الأكبر من الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا (90 بالمئة تقريبًا) بواقع 6612 انتهاكًا مرصودًا، تليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 373 انتهاكًا مرصودًا، ثم 201 انتهاكًا مرصودًا ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، يليهم الانتهاكات ضمن التعذيب والوفيات داخل مقار الاحتجاز بواقع 49 و48 انتهاكًا على الترتيب.

وأوضح التقرير أن الانتهاكات – خاصةً الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا -، تمركزت في أشهر معينة، أبرزهم؛ شهري أكتوبر ونوفمبر، حيث شهدت هذه الفترة من العام بداية انطلاق الدعوات للتظاهر احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية، وقابلتها الأجهزة الأمنية بحملات الاعتقال التعسفي العشوائي وتفتيش هواتف المواطنين وتوقيف البعض لساعات داخل الأقسام الشرطية.

كما أشار التقرير إلى أنه على صعيد المحافظات التي سُجل وقوع انتهاكات بها خلال العام 2022، وهي 19 محافظة مصرية، تصدرت محافظة القاهرة بنحو 65 بالمئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات المرصودة (4762/7283)، وهو ما يمكن إحالته الي إلى موقع القاهرة كعاصمة جغرافية يجتمع بها العدد الأكبر من سكان الجمهورية، وتأتي في المرتبة التالية محافظة الشرقية؛ التي سُجل بها ما يقارب الـ27 بالمئة من الانتهاكات المرصودة بواقع 1992 انتهاكًا.

ومن حيث أنواع مقار الاحتجاز، فمن بين 1468 انتهاكًا تمكن التقرير من تحديد المقار التي وقعت بها، تصدرت الأقسام والمراكز الشرطية قائمة المقار التي تم رصد وجود الانتهاكات بها بنحو 66 بالمئة من إجمالي الانتهاكات المرصودة (981/1468)، تليها السجون المركزية والعمومية والليمانات بنحو 29 بالمئة تقريبًا من نفس الإجمالي بواقع 430 انتهاكًا مرصودًا، ثم 30 انتهاكًا في مقار الاحتجاز العرضية، يليها معسكرات قوات الأمن المركزي بواقع 25 انتهاكًا مرصودًا، وأخيرًا انتهاكين انتهاكان في مقار الأمن الوطني.

كذلك وثق التقرير وقائع الانتهاكات بحق 50 ضحية، ومن 30 مقر احتجاز تقريبًا؛ تنوعت بين السجون والأقسام الشرطية ومقار الأمن الوطني، وتنوعت أنماط الانتهاكات بين الاعتقال التعسفي بسبب الرأي والمهنة، والاعتقالات الجماعية لعدد من أفراد الأسرة الواحدة، بالإضافة إلى جرائم الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة داخل مقار الاحتجاز والحرمان العمدي من الرعاية الصحية.

– التواصل مع الآليات الأممية:

وذكر التقرير أن فريق التواصل الأممي في “كوميتي فور جستس” قدم 76 شكوى ومراسلة بخصوص ضحايا الانتهاكات الحقوقية في مصر، وذلك إلى هيئات وفرق عديدة تابعة إلى الأمم المتحدة، منهم؛ الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، والفريق المعني بالاختفاء القسري، والمقررين الخواص المعنين بموقف المدافعين عن حقوق الإنسان، وبالقتل خارج نطاق القضاء، وحماية وتعزيز حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب؛ والمقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى مراسلات مجمعة مع شركاء آخرين بشأن ملابسات انعقاد قمة المناخ Cop27 ، بشرم الشيخ، في نوفمبر 2022.

– توصيات التقرير:

وأوصى التقرير في ختامه الرئيس المصري “السيسي” بإصدار عفو عام عن الأحكام التي صدرت ضد أخصام ومعارضي الدولة السلميين، مع إصدار قرار بتعليق تنفيذ أحكام الإعدام، وتحديد مهام وصلاحيات لجنة العفو الرئاسي، وتجفيف منابع ملاحقة المواطنين أمنيًا والاعتقال التعسفي والحبس الاحتياطي المطول، كذلك التوجيه بتضمين برامج المعاشات والضمان الاجتماعي لذوي المحكوم عليهم وضحايا الحبس الاحتياطي المطول والاختفاء القسري.

كذلك أوصت المؤسسة وزارة الداخلية المصرية بإعادة النظر في أوضاع المحتجزين كافةً والمقار المحتجزين فيها، مع التشديد على وقف الملاحقة الأمنية للمعارضين وأصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتوقف عن ممارسات الاختفاء القسري، وفتح تحقيقات في شكاوى وبلاغات المواطنين الخاصة بالانتهاكات الحقوقية، ومحاسبة المتورطين من أفراد الوزارة فيها.

أما بالنسبة للسلطة القضائية، طالبت “كوميتي فور جستس” فتح تحقيقات جدية في جرائم التعذيب بحق الضحايا الذين وثق التقرير حالتهم، كذلك فتح التحقيقات الجدية والشفافة في واقعة وفاة الباحث الاقتصادي، أيمن هدهود، ومحاسبة المسؤولين عن وقائع اختفاؤه القسري وتعذيبه، وكذا إعادة فتح التحقيق في قضية قسم السلام، وإلغاء الحكم المجحف، والتوقف عن محاكمة المدنيين عسكريًا.

أيضًا دعت المؤسسة القضاء المصري لتفعيل بدائل الحبس الاحتياطي المطول، مع إعادة النظر في قرار وزير العدل بنقل محاكمات المتهمين إلى مجمع محاكم بدر؛ لما له من آثار جسيمة على الإخلال بحقوق الدفاع، وتوقف المحكمة الاقتصادية عن إصدار أحكام بحق المواطنين بتهم تتعلق بالنشر والرأي والتعدي على قيم الأسرة المصرية.

كما طلبت المؤسسة من السلطات التشريعية في مصر الالتفات إلى الإصلاح الفعلي لمؤسسات السجون المصرية وليس فقط تغيير المصطلحات، مع إعادة النظر في قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية الذي يقيد عمل أفراد المجتمع المدني، كذلك إعادة النظر في القوانين التي صدرت خلال فترة التقرير والتي توسعت في تطبيق العقوبات السالبة للحرية بدلًا من التأهيل والإصلاح.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا