Skip to content

سجون مصر: مراكز إصلاح وتأهيل أم مقابر لحقوق المصريين

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

التقرير السنوي لعام 2021 ضمن مشروع “مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية” لـ”كوميتي فور جستس”

قالت “كوميتي فور جستس” إنه خلال عام 2021 شهد المجال الحقوقي في مصر تغيرات كبيرة، كان أهمها إلغاء حالة الطوارئ واستبدالها بتعديلات قمعية أفرغت الإلغاء من مضمونة وكرست “الطوارئ” ودولة “الاستثناء” في بلدٍ لم يتغير مسمى “السجون” بها إلا اسمًا، ولا تتناول “استراتيجية حقوق الإنسان” بها إلا الدعاية الخارجية لضمان استمرار الدعم الدولي السياسي والمادي للنظام القائم. 

جاء ذلك خلال التقرير السنوي الذي أصدرته المنظمة لمشروعها الأكبر والأهم لمراقبة مراكز الاحتجاز في مصر، والذي حمل عنوان “سجون مصر.. مراكز إصلاح وتأهيل أم مقابر لحقوق المصريين؟!”، مشيرة إلى أن العام 2021 شهد أحكام عدة صدرت ضد كثير من رموز العمل الحقوقي والسياسي بمصر، مثل؛ زياد العليمي وهشام فؤاد وحسام مؤنس وغيرهم في القضية 957/2021، وعبد المنعم أبو الفتوح ونائبه “محمد القصاص” برفض الطعن على قرار الإدراج بقوائم الإرهاب

سجون مصر والـ”كورونا”

وأوضحت المنظمة أن السجون ومقار الاحتجاز في مصر شهدت خلال 2021 انتشار عدوى كورونا في عديد من المقار التي وُثق بها انتهاكات لحقوق الإنسان، والغياب التام لآليات وتطبيقات العزل والعلاج، فضلًا عن الوقاية وحماية أرواح النزلاء. وفي ظروف أخرى، كان سوء المعاملة والحرمان المتعمد من الرعاية الصحية سببًا في دفع بعض الضحايا لمحاولة الانتحار حرقًا في مجمع سجون طرة. 

كما شهد العام أيضًا إعلان حملة تطعيم نزلاء السجون بلقاح “كورونا” وسط شكاوى وإشكالات عديدة تتمثل في عدالة التوزيع والحق في الوصول للقاح، وكذا إعلان وزارة العدل تفعيل “تجديد الحبس عن بعد” بمعرض القاهرة للتكنولوجيا، وإعلان وزارة الداخلية بانتهاء “أكبر مجمع للسجون في مصر”؛ فيما يمثل مزيدًا من التنكيل بتغريب النزلاء وقطع التواصل عن ذويهم؛ خاصة أولئك المعاقبين تعسفيًا بالحرمان من الزيارات والرعاية الصحية. 

تقنين للانتهاكات الحقوقية

كذلك شهد عام 2021 استمرار التحالف بين السلطات التشريعية والتنفيذية لتقنين انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين، وذلك من خلال تقنين التعسف في تنظيم عمل الجمعيات الأهلية بإصدار اللائحة الجديدة لقانون الجمعيات في فبراير 2021، في خطوة ثابتة لاستئصال العمل الأهلي من المشهد المصري. وفي مايو 2021، صدر القانون 71/2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات المتعلق بتجريم تصوير ونشر وقائع جلسات المحاكم بدون تصريح. كما صدر في يوليو 2021 القانون 135/2021، الذي يتيح فصل موظفين من عملهم في المجلس الإداري للدولة ممن “يمسّون بالأمن القومي” أو يشتبه في انتمائهم إلى جماعات “إرهابية“. 

أحكام إعدام بالجملة

كما قامت السلطات المصرية في العام الجديد بتنفيذ حكم الإعدام بحق 18 متهمًا في قضيتين – بحسب ما تمكن فريق مراقبة المحاكمات من رصده -، هي القضية 12749/2013 (جنايات مركز كرداسة) المعروفة باسم “قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة”، حيث تم تنفيذ الإعدام بحق 17 متهمًا في 24 و26 أبريل 2021، والقضية 106/2019 (جنايات أمن الدولة العليا) المعروفة باسم “محاولة اغتيال مدير أمن الاسكندرية”، حيث أعدمت السلطات متهمًا واحدًا في يوليو 2021. بينما سجل فريق مراقبة المحاكمات إصدار جهات التقاضي أحكامًا بالإعدام بحق 49 شخصًا خلال عام 2021، في 11 قضية جميعها ذات طابع سياسي. كذلك تم تأييد حكم الإعدام بحق 41 متهمًا في ثلاث قضايا ذات طابع سياسي. 

رصد مفصل للانتهاكات

وذكرت “كوميتي فور جستس” في تقريرها أنها خلال عام 2021، تمكنت من رصد 7369 انتهاكًا داخل 66 مقرًا رسميًا وغير رسميٍ للاحتجاز، توزعت بين 19 محافظة بمختلف أنحاء الجمهورية وعبر عديدٍ من أنماط الانتهاكات؛ تصدرها الحرمان من الحرية تعسفيًا بواقع 4885 انتهاكًا، يليه الاختفاء القسري بواقع 1668 انتهاكًا، وسوء أوضاع الاحتجاز بواقع 598 حالة، والتعذيب 156 حالة، والوفاة داخل مقار الاحتجاز بـ62 حالة. 

وعلى صعيد المحافظات، قالت المنظمة إن محافظة القاهرة تصدرت محافظات مصر بنحو 68 بالمئة تقريبًا (5026/ 7369)، تليها محافظة الشرقية التي تم تسجيل نحو 16 بالمئة (1225/7369) من إجمالي الانتهاكات المرصودة. 

أما من حيث أنواع مقار الاحتجاز، أشارت المنظمة إلى أنه من بين 1144 انتهاكًا تمكنت من تحديد المقار التي وقعت بها، تصدرت السجون المركزية/ العمومية/ الليمانات بنحو 66 بالمئة (763/1144)، تليها الأقسام والمراكز الشرطية بنحو 20 بالمئة (229/ 1144)، ثم معسكرات الأمن المركزي بواقع 93 انتهاكًا، ودور الرعاية الخاصة بالأطفال الأحداث بواقع 31 انتهاكًا. 

كذلك بتحليل بيانات الضحايا، أكدت المنظمة ارتفاع نصيب الذكور من الانتهاكات على مدار العام لا سيما الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا بواقع 4742 انتهاكًا، كما تلاحظ بالاطلاع على وقائع الانتهاكات المرصودة ضد الإناث استهدافهن بالحرمان من الحرية تعسفيًا وسوء المعاملة إما على خلفية نشاط أو توجه سياسي، أو للضغط على أبنائهم لتسليم أنفسهم بمنطق الرهائن والعقاب الجماعي، أو للانتقام من شكوى الأمهات من اعتداءات سلطات الاحتجاز/الأمن على أبنائهن داخل مقار الاحتجاز. 

كما قامت المنظمة بتحليل بيانات الضحايا الذين تم التمكن من تحديد فئتهم العمرية، حيث لوحظ أن نصيب الشباب (18 – 34 عامًا) من الانتهاكات المرصودة كان الأعلى بواقع 233 انتهاكًا، توزعت بالأساس بين الحرمان من الحرية تعسفيًا والتعذيب، يليهم فئة متوسطي العمر (35 – 59 عامًا) بواقع 221 انتهاكًا مرصودًا، توزع أكثرها بين الاختفاء القسري والوفاة داخل مقر الاحتجاز. كما تلاحظ ازدياد أعداد الانتهاكات بحق الطلاب والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلال فترة التقرير. 

أيضًا في عام 2021، عمل فريق التوثيق بـ”كوميتي فور جستس” على التحقق من قيام السلطات المصرية بانتهاكات بحق 495 ضحية في السجون ومقار الاحتجاز المصرية، حيث تم توثيق 591 انتهاكًا تم بحق 187 ضحية منهم، ما بين الاعتقال العشوائي بحق مواطنين لا ينتمون لأي خلفيات سياسية أو أيدولوجية، والاختفاء القسري، وتعرض الضحايا الإناث للاعتداء والتحرش الجنسي. 

جهود لرفع الظلم عن الضحايا

كما لفتت “كوميتي فور جستس” من خلال تقريرها إلى أنه خلال عام 2021، قدم فريق التواصل الأممي التابع لها 98 شكوى لصالح أكثر من مئة ضحية لآليات الأمم المتحدة المختلفة، صدر بحق 18 منها آراء قانونية واتصالات، من أهمها؛ رأي قانوني صدر في يناير 2021 من الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي بشأن الاحتجاز التعسفي بحق “محمد عادل”، ورأي قانوني صدر في مايو 2021 بشأن عائلة “الشويخ”، وكذلك تحليل قانوني بشأن قانون الجمعيات الأهلية 149/2019 ومخالفته لمبادئ القانون الدولي والحقوق السياسية والمدنية، وأيضًا تواصل مع الحكومة المصرية في أغسطس من عدد من المقررين الخواص بشأن حالة” محمود عبادة عبد المقصود عيد” الذي يواجه حكمًا نهائيًا تعسفيًا بالإعدام بعد إدانته بتهمة كيدية. 

كما تم التوصل لمكان اختفاء 7 من ضحايا الاختفاء القسري، والتوصل في خمس حالات للإفراج عن المحتجز أو طلب الأهل إغلاق ملف الشكوى، كذا شاركت “كوميتي فور جستس” في الاستبيان العالمي الذي نشرته المقررة الأممية المعنية بوضع المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، لجمع معلومات عن المدافعين المحتجزين بسبب نشاطهم لفترات طويلة، بهدف عرضه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 2021، وساهمت المؤسسة بقائمة تضم 11 من المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين في مصر، جميعهم محتجزون حاليًا على ذمة المحاكمة ومتهمون بتهم مشبوهة تتصل بقانون الإرهاب. 

توصيات التقرير

وأوصت “كوميتي فور جستس” بنهاية تقريرها بضرورة التفات السلطات في مصر لمعالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي ترتبت على فرض حالة الطوارئ طوال هذه المدة، ووقف تنفيذ أحكام محاكم أمن الدولة الطوارئ. 

كذلك دعت المنظمة لإثبات جدوى “الاستراتيجية المصرية لحقوق الانسان” وجديتها والسعي لأن تكون بداية لتحسين الوضع الحقوقي المصري ووقف الانتهاكات المستمرة ضد المواطنين، مع الاتجاه نحو إعادة مفهوم استقلال القضاء المصري، ورفع يد التعيينات الرئاسية عنها لتكون بيد هيئة قضائية مستقلة. 

وأوصت المنظمة أيضًا بتعليق تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين في القضايا التي تفتقر لمبادئ المحاكمة العادلة، الإفراج عن معتقلي الرأي ومن تجاوز حبسهم المدد القانونية، والتوقف عن ملاحقة أعضاء المجتمع المدني. 

وطالبت المنظمة بالكشف عن الموقف الرسمي المصري فيما يخص وقائع القتل خارج نطاق القضاء ومحاكمة المتورطين في الجرائم والعمليات التي ثبت بالوثائق الرسمية المسربة أنها تمت بحق مدنيين بحجة مكافحة الإرهاب، ودون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة. 

كما دعت المنظمة لإلزام قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية بفتح تحقيقات في الشكاوى والبلاغات الخاصة بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، ووضع لائحة تنفيذية تحدد المدى الزمني لإجراء التحقيقات وإبلاغ ذوي الضحايا بنتائج التحقيقات. 

وطلبت المنظمة بإعادة النظر في القوانين سيئة السمعة التي عهد النظام المصري على استعمالها في مواجهة المواطنين سيما معارضيه، وأبرزها قانون الطوارئ وتعديلاته اللاحقة 162/1956، وقانون الإرهاب 94/2015 والتعديلات التي لحقت به بعد الغاء حالة الطوارئ، وقانون تنظيم قوائم الكيانات والإرهابية والإرهابيين 8/2015، وقانون التظاهر 107/2013، والقرار الرئاسي 136/2014 الخاص بولاية القضاء العسكري على المدنيين وتعديلاته، وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية 150/1950 التي تبيح تمديد الحبس الاحتياطي لأجل غير مسمى، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بقانون 57/1959. 

كذا أوصت المنظمة بإعمال بدائل الحبس الاحتياطي خاصةً بحق المتهمين في قضايا الرأي وإعادة النظر في قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب التي تعد إدانة فعلية للمتهمين قبل إصدار الأحكام القضائية بشأنهم. 

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا