أعادت الإصلاحات الجارية في إطار نظام اللجوء بالاتحاد الأوروبي تسليط الضوء على المعايير المستخدمة لتصنيف بلدان المنشأ الآمنة، وهو تصنيف تترتب عليه آثار بالغة الأهمية بالنسبة للأفراد الساعين إلى الحماية الدولية. وتقرّ لجنة العدالة بأهمية وجود أنظمة لجوء فعّالة وحسنة الأداء، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن هذه الأطر يجب أن تظل راسخة الارتباط بالالتزامات الأوروبية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، ترى لجنة العدالة أهمية لفت الانتباه إلى تبعات تقييم مصر باعتبارها بلدًا يُفترض أنه آمن للعودة. إذ تشير المعلومات المتاحة الصادرة عن آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقرارات البرلمان الأوروبي، والتوثيق المتراكم لمنظمات المجتمع المدني على مدى سنوات، إلى استمرار تحديات جوهرية تتعلق بسيادة القانون والحماية الفعلية للحقوق الأساسية في مصر.
وتظل لجنة العدالة قلقة إزاء استمرار انتشار التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في أماكن الاحتجاز في مصر، وكذلك تكرار وقوع حالات وفاة أثناء الاحتجاز نتيجة لذلك. فخلال الفترة من 1 يناير وحتى 23 ديسمبر 2025، وثّقت لجنة العدالة 52 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز، وقعت العديد منها في ظروف تثير تساؤلات جدية بشأن مسؤولية الدولة، بما في ذلك مزاعم التعذيب، والحرمان من الرعاية الطبية، والحبس الانفرادي المطوّل. وتتسق هذه الأنماط مع ما خلصت إليه لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب مرارًا من أن السلطات المصرية لم تفِ بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، بما يشمل الحظر المطلق للتعذيب، وواجب التحقيق السريع والمحايد في الادعاءات، وضمان مساءلة المسؤولين. ويؤكد استمرار هذه الحالات أهمية التعذيب والوفيات أثناء الاحتجاز بوصفها مؤشرات محورية عند تقييم مدى أمان العودة إلى مصر.
كما تلفت لجنة العدالة الانتباه إلى مخاوف خطيرة ومستمرة بشأن أوضاع الاحتجاز في مصر، بما في ذلك الاكتظاظ، والاعتداءات البدنية، وحرمان المحتجزين من الرعاية الطبية، وبيئات الاحتجاز غير الآمنة. وتمتد هذه المخاوف لتشمل السجون القديمة ومجمعات الاحتجاز التي أُنشئت حديثًا وتعرضها السلطات المصرية بوصفها «مراكز إصلاح وتأهيل»، وعلى رأسها مجمع سجون بدر. وتشير توثيقات لجنة العدالة إلى أن هذه السجون لا تزال تتسم بأنظمة شديدة التقييد، من بينها العزل المطوّل، وسوء التهوية، والاعتماد على كاميرات المراقبة، والإضاءة المستمرة على مدار الساعة، والقيود الصارمة على التواصل مع الأسرة والمحامين، فضلًا عن محدودية الوصول إلى الخدمات الطبية.
وإلى جانب مجمع بدر، وثّقت لجنة العدالة اعتداءات على محتجزين داخل سجن وادي النطرون رقم 440، فضلًا عن تكرار حوادث العنف والضيق النفسي ومحاولات الانتحار بين المحتجزين السياسيين في سجن الوادي الجديد، بما في ذلك خلال إضرابات مفتوحة عن الطعام. وتشير هذه الوقائع إلى بيئات احتجاز تعرّض المحتجزين لمخاطر جسيمة على صحتهم الجسدية والنفسية، وتثير مخاوف بشأن إخفاق السلطات في ضمان الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية. وبمجملها، تعكس هذه الأوضاع نمطًا هيكليًا أوسع داخل منظومة الاحتجاز في مصر، حيث يقترن الحرمان من الحرية بممارسات قد ترقى بذاتها إلى معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة.
كما أُثيرت مرارًا مخاوف بشأن الاستخدام المطوّل للحبس الاحتياطي، والتشريعات الواسعة لمكافحة الإرهاب، والإجراءات القضائية الاستثنائية، فضلًا عن القيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. وتظل هذه العوامل ذات صلة عند تقييم ما إذا كانت الشروط المطلوبة لتصنيف «بلد منشأ آمن» متحققة فعليًا، بعيدًا عن مجرد وجود أطر قانونية شكلية.
وتلاحظ لجنة العدالة كذلك أن تطبيق افتراضات «بلد المنشأ الآمن» قد يترتب عليه آثار إجرائية كبيرة على طالبي اللجوء، ولا سيما من خلال إجراءات الفحص المعجّلة. ورغم أن هذه الإجراءات مسموح بها بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، فإنها يجب ألا تمسّ الحق في تقييم فردي وعادل وفعّال لاحتياجات الحماية. وفي الحالات التي تستمر فيها مخاطر موثوقة تتعلق بالاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي أو سوء المعاملة أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يصبح توخي قدر أكبر من الحذر أمرًا واجبًا.
علاوة على ذلك، فإن اتساع نطاق الفئات التي قد تتأثر بالسياسات التقييدية في مصر — بما يشمل الصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والأكاديميين، والنقابيين، والمدافعات عن حقوق الإنسان، وأفراد الأقليات الدينية، والأشخاص الذين يعبّرون عن معارضة سلمية — يبرز تعقيد تطبيق افتراضات عامة بشأن الأمان. ويعزز هذا التنوع في أنماط المخاطر أهمية الحفاظ على ضمانات قوية داخل إجراءات اللجوء.
وتذكّر لجنة العدالة بأن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء يظلون ملتزمين بمبدأ عدم الإعادة القسرية وبالتزاماتهم بموجب القانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويُعدّ ضمان أن تكون تقييمات بلدان المنشأ قائمة على الأدلة، وخاضعة للمراجعة الدورية، ومستنِدة إلى طيف واسع من المصادر الموثوقة، أمرًا أساسيًا للوفاء بهذه الالتزامات.
وفي ضوء ما سبق، تشجع لجنة العدالة مؤسسات الاتحاد الأوروبي على مواصلة الانخراط في مداولات دقيقة وشفافة وشاملة عند تقييم تصنيفات بلدان المنشأ، وعلى ضمان بقاء اعتبارات الحماية في صميم أي إصلاح لمنظومة اللجوء في الاتحاد الأوروبي.


![image1170x530cropped معسكر زمزم للنازحين [UN news]](https://www.cfjustice.org/wp-content/uploads/2025/12/image1170x530cropped-400x200.webp)
