رصدت “لجنة العدالة” محاولة انتحار جديدة نفذها أحد المحتجزين السياسيين داخل مركز شرطة بلقاس بمحافظة الدقهلية، وذلك في ظل تفاقم الانتهاكات المستمرة وتردي أوضاع الاحتجاز التي باتت تهدّد الحياة اليومية للمحتجزين.
وتمثلت المحاولة المأساوية في قيام المحتجز السياسي مصطفى النجار، بقطع شرايين يده داخل زنزانة الحجز، نتيجة اليأس الشديد الذي أوصلته إليه سنوات الاحتجاز التعسفي، والإهمال الطبي المتعمد، وعدم تنفيذ قرارات إخلاء سبيله الصادرة لصالحه.
وكان “النجار” دخل في إضراب مفتوح عن الطعام قبل أسابيع؛ احتجاجًا على استمرار احتجازه رغم صدور أكثر من قرار قضائي بإخلاء سبيله، دون أن يتم تنفيذها، ليتم تدويره على ذمة قضايا جديدة، في سابقة تُظهر التجاهل التام للإجراءات القانونية والحقوق الأساسية للمحتجز.
وفي ظل هذه الظروف القاسية؛ انهار “النجار” نفسيًا وجسديًا، ولجأ إلى محاولة إنهاء حياته كتعبير أخير عن رفضه لما يتعرض له من ظلم وإجحاف.
ووفقًا لمصادر مقربة من عائلة “النجار”؛ فإنه تم نقله إلى مستشفى بلقاس العام، حيث تلقى 10 غرز طبية في يده، لكنه فور استقرار حالته الصحية، تم تحويله مباشرة إلى سجن جمصة شديد الحراسة، في خطوة تُعد معاقبة له على محاولة الانتحار، بدلًا من تقديم الدعم النفسي أو الطبي اللازم.
وتعتبر “لجنة العدالة” أن هذه الحادثة ليست فردية؛ وإنما هي نتيجة حتمية لحالة الإهمال والانتهاكات المنظمة التي تُمارس يوميًا ضد المعتقلين في مصر، وتؤكد أن تعامل السلطات المصرية مع مثل هذه الوقائع يعكس تجاهلًا صارخًا لحياة الإنسان وكرامته، ويتنافى مع أبسط المعايير الدولية لمعاملة السجناء واحترام حقوق الإنسان.
وتدين اللجنة بشدة الانتهاكات التي تمارس ضد المحتجزين، وتشدد على ضرورة فتح تحقيق فوري ومستقل في محاولة الانتحار هذه، بالإضافة إلى جميع الانتهاكات المرتبطة بها، بما في ذلك تجاهل السلطات التنفيذية لقرارات الإفراج القضائية، ومعاقبة المسؤولين عنها دون السماح بإفلاتهم من العقاب.
كما تطالب “لجنة العدالة” بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين ظروف الاحتجاز في جميع مراكز الشرطة والسجون بشكل يتناسب مع الالتزامات الدولية التي صادقت عليها مصر، خصوصًا المعايير المنصوص عليها في مبادئ نيلسون مانديلا ومعايير الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة السجناء، بما يضمن توفير الرعاية الصحية المناسبة، والتهوية الكافية، والتغذية الملائمة، والحد الأدنى من الخصوصية والكرامة لكل محتجز.
