على مدار اليوم، 12 يونيو 2025، تواصل السلطات المصرية احتجاز وترحيل عشرات النشطاء المشاركين في «المسيرة العالمية إلى غزة»، من مختلف أنحاء العالم. وهي مبادرة شعبية عالمية، لإعلان الاحتجاج على جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت الحملة تخطط لمسيرة من مدينة العريش المصرية حتى معبر رفح الحدودي، للمطالبة بكسر الحصار الذي يعرقل وصول المساعدات الإنسانية الملحة إلى قطاع غزة، في ظل أوضاع كارثية يشهدها القطاع، حيث يواجه نحو مليوني فلسطيني انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وتوشك المجاعة أن تفتك بمجتمعات بأكملها نتيجة الحصار المتواصل، وتدمير الأراضي الزراعية، وتعطيل المساعدات.
إن قرار السلطات المصرية بإجهاض المسيرة من خلال اعتقال وترحيل النشطاء الدوليين لا يعكس تورطها المباشر في الحصار المفروض على غزة فحسب، بل يُجسد سياسة القمع المنهج التي تتبعها ضد أي شكل من أشكال الحراك السلمي.
منذ عام 2007، تعد الحكومة المصرية شريكًا رئيسيًا لإسرائيل في تحويل غزة إلى سجن مفتوح من خلال إغلاق معبر رفح. ومع اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، وانخراط إسرائيل في جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في القطاع، سعت السلطات المصرية منذ اللحظة الأولى لتحويل الكارثة الإنسانية إلى فرصة للربح. إذ فرضت، من خلال إبراهيم العرجاني، الزعيم القبلي المدعوم من الرئيس السيسي والذي يسيطر على عدة شركات يملك الجيش في بعضها أكثر من 51% من الأسهم، مبالغ مالية باهظة على الفلسطينيين الفارين من النزاع، وصلت إلى 10,000 دولار أمريكي للفرد، مقابل السماح لهم بدخول مصر. بل أن حتى المواطنين المصريين العالقين في غزة لم يُعفَوا من دفع رشاوى للحكومة المصرية كي يُسمح لهم بالخروج من القطاع.
هذه السياسات لا تعبّر قطعًا عن موقف الشعب المصري المناهض لجرائم الاحتلال. فمنذ بداية الحرب على غزة، تم اعتقال ما لا يقل عن 150 ناشطًا مصريًا –بينهم قُصّر– لمجرد مشاركتهم في احتجاجات تضامنية مع الشعب الفلسطيني. ولا يزال العديد منهم رهن الاحتجاز التعسفي حتى الآن، بينما يواجه بعضهم اتهامات بالإرهاب لا أساس لها، شأنهم شأن عشرات الآلاف من سجناء الرأي في مصر.
إن قمع «المسيرة العالمية إلى غزة» هو امتداد للقمع الذي يتعرض له المصريون أنفسهم، المحرومين من حقهم في التعبير السلمي عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. فعلى مدى عقود، شكّلت الأنظمة الاستبدادية في مصر عائقًا رئيسيًا أمام مختلف مظاهر التضامن الشعبي مع فلسطين، لكن في عهد الرئيس السيسي، تعمق هذا القمع واتخذ طابعًا أكثر فجاجة، في سياق أشمل من مساعي قمع كل أشكال المعارضة.
نطالب السلطات المصرية بالسماح فورًا لجميع الراغبين في التعبير السلمي عن آرائهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني، سواء كانوا أجانب أو مصريين، بممارسة هذا الحق. كما نطالب بالإفراج الفوري عن كل سجناء الرأي في البلاد، لا سيما أولئك المحتجزين لمجرد تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- مركز النديم
- مؤسسة عنخ
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
- منصة اللاجئين في مصر
- لجنة العدالة
- ايجيبت وايد لحقوق الإنسان