عقدت “لجنة العدالة”، يوم السبت الموافق 3 مايو/ أيار الجاري، الساعة 1 ظهرًا، بمركز “سير داودا كيرا بابا جوارا” الدولي للمؤتمرات، في بانجول بغامبيا، فعالية جانبية في إطار مشروعها “مراجعة البلدان – Country Review”، حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان، وذلك خلال الفترة الممتدة من نهاية الدورة السابقة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى الدورة الحالية، مسلطة الضوء على أهم الأحداث والانتهاكات والتحولات التي أثرت على مشهد حقوق الإنسان في البلاد، سواء من خلال تصعيد الأزمات أو ظهور علامات التحسن.
– استهداف واسع للمدنيين:
وفي كلمتها ببداية الفاعلية، قالت مي عمان، Legal officer at ISLA، إن الاتجاه الرئيسي في الصراع في السودان يتمثل في سقوط ضحايا من المدنيين على نطاق واسع نتيجة النزوح حيث نزح أكثر من 8 مليون شخص داخليًا وعبر الحدود، وكذلك هناك اتجاه أخر هو الهجمات المستهدفة عرقيًا، وانتشار العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي؛ خاصة في المناطق التي يسيطر عليها “الدعم السريع”.
وأوضحت “عمان” أنه في ظل الانهيار الكامل لمؤسسات الحكم والخدمات الأساسية، غالبًا لا يتمكن الضحايا من الوصول إلى العدالة والرعاية الطبية.
– زيادة صادمة للقتل خارج إطار القانون:
من ناحيته، تحدث مصعب صباحي، عضو المكتب التنفيذي لمجموعة محامي الطوارئ، عن القتل خارج نطاق القضاء والمجازر، والتهجير القسري، والاعتقالات التعسفية للمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان، حيث قال إنه “منذ بدء الحرب زادت عمليات القتل خارج إطار القانون بشكل صادم دون محاكمة أو عملية قانونية، وعُثر على الجثث في الشوارع وظهر على بعضها علامات التعذيب، حتى عمال الإغاثة والمدافعين الحقوقيين قُتوا في بعض الأحيان بعد تعرضهم للضرب والتعذيب أو أثناء عمليات التفتيش العشوائية، والأسوأ أنه لم يتم إجراء أي تحقيقات”.
وأضاف “صباحي” أن المدافعين عن حقوق الإنسان اليوم في السودان مستهدفون، ويجب توفير الحماية القانونية لهم، وكذلك المدنيين الذين تم استهدافهم بقصف بيوتهم بشكل مباشر، وبالاعتداء على عائلاتهم، واغتصاب الفتيات والنساء”.
– توثيق للاعتداء على المدنيين في دارفور:
فيما قال محمد أباكار، الباحث بمنظمة “عوافي” لحقوق الإنسان: “لقد وثقنا اعتداءات على مراكز رعايا صحية وانتهاكات تعذيب ضد المدنيين، كما أصدرنا تقرير مؤخرًا حول الهجمات والانتهاكات ضد المدنيين في دارفور”.
– استخدام الولاية القضائية العالمية:
كذلك ناقشت إيفا نود، المحامية الحقوقية الأمريكية أهمية قضية محكمة العدل الدولية (السودان ضد الإمارات العربية المتحدة)، واستخدام الولاية القضائية العالمية، وأهمية التوثيق، حيث قالت: “أود أن أتحدث عن توطين العدالة واستخدام الآليات الإفريقية والإقليمية لتوفير فرص للضحايا لطلب العدالة. والتوثيق مهم لأن الهدف منه هو جعل من المستحيل على مرتكبي هذه الانتهاكات الشنيعة إنكار الجريمة أو الإفلات من العقاب، وكذلك منع الانتهاكات المستقبلية، حيث يتم من خلال التوثيق الضغط على الحكومات لفتح تحقيقات سريعة ونزيهة وشاملة، فضلاً عن تقديم تعويضات لضحايا التعذيب وغيره من الانتهاكات”.
وأضافت: “لقد سمعنا أن السودان بيئة خصبة للإفلات من العقاب، ولكن هناك دول نجحت في معالجة تلك المشكلة معتمدة على الإرادة السياسية والضغط الإقليمي والدولي، وهو ما تفعله السودان الآن، حيث رفعت دعوى قضائية تطلب فيها اتخاذ تدابير مؤقتة ضد دولة الإمارات متهمة إياها بالتواطؤ في الإبادة الجماعية ضد المجتمع السوداني وذلك بدعم قوات الدعم السريع”.
وأشارت “إيفا” إلى أنه من خلال مبدأ الولاية القضائية العالمية شهدنا قيام دول غربية بملاحقة مرتكبي جرائم حرب في دول أخرى، مثلما حدث في غامبيا وما فعلته جنوب إفريقيا في الحرب على غزة، والدروس المستفادة من هذه الجهود هي أنه يمكن أن تؤدي لتعطيل حياة هؤلاء المسؤولين وتقيد سفرهم خوفًا من الاعتقال وتجعلهم منبوذين، لذا فإن الإرادة السياسية والمساءلة تسيران جنبًا إلى جنب لمنع الإفلات من العقاب.