تعرب لجنة العدالة (CFJ) عن بالغ قلقها إزاء ما ورد في التقرير الصادر عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعنوان “ثلاثة أيام من الرعب بلا ملاذ آمن: هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين، الفاشر (11–13 أبريل 2025)”، والذي يوثّق انتهاكات جسيمة ارتُكبت خلال سيطرة قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين داخليًا في مدينة الفاشر.
وبحسب التقرير، نفّذت قوات الدعم السريع هجومًا واسع النطاق ومنسقًا على معسكر زمزم على مدار ثلاثة أيام متتالية في أبريل 2025. ويُعد المعسكر أحد أكبر معسكرات النزوح في السودان، ويأوي مدنيين سبق أن نزحوا قسرًا نتيجة موجات متكررة من العنف. وقد وثّق التقرير هجمات عشوائية شملت قصفًا باستخدام أسلحة ثقيلة، وعمليات قتل بحق مدنيين، وتدميرًا واسعًا للملاجئ، وبثًّا منهجيًا للرعب بين السكان النازحين الذين لم تتوفر لهم أي سبل آمنة للفرار.
وأشار التقرير إلى أن المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، تعرّضوا لاستخدام القوة القاتلة في غياب أي ضرورة عسكرية. ووصف ناجون قابلهم مكتب المفوض السامي مشاهد من الفوضى والهلع، وانهيار أي شكل من أشكال الحماية، وغياب الممرات الإنسانية، ما ترك آلاف النازحين محاصرين داخل معسكر مدني يتعرض لهجوم متواصل.
وأكد التقرير أن معسكر زمزم، بحكم طابعه المدني، يتمتع بحماية بموجب القانون الدولي الإنساني. ويُشكّل استهداف المعسكر وسكانه المدنيين انتهاكًا خطيرًا لمبادئ التمييز والتناسب واتخاذ الاحتياطات، وهي مبادئ ملزمة لجميع أطراف النزاع.
وتؤكد لجنة العدالة أن الانتهاكات الموثّقة في تقرير المفوضية السامية تتطابق مع ما قامت اللجنة برصده وتوثيقه سابقًا في معسكر زمزم ومحيطه. فقد وثّقت اللجنة هجمات متكررة ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية داخل المعسكر، بما في ذلك استخدام القوة العشوائية والتآكل المنهجي لحماية النازحين داخليًا في الفاشر. ويُعد تقرير المفوضية السامية تأكيدًا لما تم توثيقه سابقًا بشأن جسامة هذه الانتهاكات واتساع نطاقها.
وتشدد لجنة العدالة على أن الأفعال الواردة في التقرير تٌعد انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم حرب. ويتمتع النازحون داخليًا بحماية خاصة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك المبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي، التي تلزم أطراف النزاع بضمان سلامتهم وكرامتهم وحمايتهم من العنف.
وتنضم لجنة العدالة إلى دعوة المفوضية السامية لإجراء تحقيقات مستقلة وسريعة وفعّالة في الانتهاكات المرتكبة خلال سيطرة قوات الدعم السريع على معسكر زمزم، وتؤكد على الحاجة الملحّة لضمان محاسبة المسؤولين عنها، بما في ذلك عبر آليات المساءلة الدولية. كما تجدد لجنة العدالة دعمها لعمل بعثة تقصي الحقائق الأفريقية والأممية بشأن السودان في توثيق الجرائم وحفظ الأدلة تمهيدًا للمساءلة القضائية المستقبلية.
كما تدعو لجنة العدالة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية وملموسة لحماية المدنيين في دارفور، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتعزيز حماية معسكرات النازحين. وتؤكد أن بيانات القلق وحدها غير كافية ما لم تُترجم إلى خطوات عملية لوقف الانتهاكات ومنع تكرارها.
إن ما جرى في معسكر زمزم للنازحين لا يُعد حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن نمط أوسع من العنف المنهجي ضد المدنيين والنازحين وغيرهم من الفئات المستضعغة في مختلف أنحاء السودان منذ أبريل 2023. وتؤكد لجنة العدالة مجددًا أن تحقيق سلام مستدام في السودان يظل مرهونًا بوقف فوري لإطلاق النار، وبتحقيق العدالة والمحاسبة وإنهاء الإفلات من العقاب عن الجرائم الدولية الجسيمة.



