Skip to content

التقرير الربع سنوي الأول لمراقبة الانتهاكات داخل مراكز السجون والاحتجاز بمصر: انفراجة وهمية وإعدامات بالجملة

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “كوميتي فور جستس” إن الجميع توقع حدوث “انفراجه” في المشهد الحقوقي المصري بناءً على ما صورته وعود النظام بنهاية عام 2021؛ ولكن الواقع العملي أثبت أن تلك التصريحات والخطوات ما هي إلا حملة دعائية يستهدف منها النظام عيون الخارج فقط، بينما لم يسري ذلك على المواطنين المتضررين من مصاعب الوضع الاقتصادي، ولا على معتقلي الرأي والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

انفراجة وهمية

جاء ذلك خلال مقدمة التقرير الربع سنوي الأول للمنظمة خلال العام 2022، والتي رأت من خلاله “كوميتي فور جستس” أن المستجدات السياسية الداخلية والخارجية ألقت بظلالها على الواقع المصري الحقوقي، مشيرة إلى تسريبات صحيفة “الجارديان” بشأن التعذيب داخل مقار الاحتجاز، وتصريحات الناشط المفرج عنه، رامي شعث، حول أوضاع السجون في مصر، ورد فعل النظام المصري عليهما ببيانات تنفي كل ما فيها وتصف قائليها بأنهم جهات “إثارية”! ما يؤكد أن كل الوعود التي أطلقها النظام المصري كان يخاطب بها الخارج وليس لها أية آثار في الواقع. 

كما استدلت المنظمة على ما حدث من قبل الجهات الأمنية بمصر مع العديد من الإضرابات العمالية والاحتجاجات الشعبية، مثل؛ فض اعتصام عمال شركة “يونيفرسال” بالقوة، وإضراب العاملون في شركة المستودعات المصرية العامة، والاحتجاجات التي عُرفت إعلاميًا باسم “مظاهرات عزبة فرج الله”، التي أقيمت في سمالوط التابعة لمحافظة المنيا، واعتقال عدد من المشاركين في تلك الفعاليات؛ هو دليل آخر على “الانفراجة الوهمية” التي يحاول النظام ترويجها عن مصر.

تغييرات ظاهرية

أما على الجانب التشريعي، فرأت المنظمة أن النظام المصري اكتفى بإحداث تغييرات ظاهرية على قانون تنظيم السجون، في مارس الماضي، حيث قام بتغيير مصطلحات السجون والسجناء ومأمور السجن إلى “مراكز إصلاح وتأهيل عمومية أو مراكز إصلاح جغرافية أو مراكز إصلاح وتأهيل خاصة”، و”نزلاء،” و”مديري مراكز تأهيل”، في تعديلات وصفتها العديد من الجهات الحقوقية بأنها “تعديلات شكلية تعطي انطباع وهمي بأن ثمة إصلاح يحدث في ملف السجون”، رغم استمرار الانتهاكات الانتقامية ضد السجناء بشكل شبه يومي. 

إعدامات بالجملة والإدراج على قوائم الإرهاب

وعلى صعيد المستجدات القضائية، قالت المنظمة إن محكمة مصرية (الدائرة الأولي إرهاب) قررت إحالة أوراق 10 متهمين للمفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “كتائب حلوان”، كما تم تنفيذ حكم الإعدام في 10 مارس، بحق 4 متهمين مدانين في قضية “ميكروباص حلوان”، كما نُفذت أيضًا بنفس اليوم أحكام بإعدام 3 متهمين في قضية “أجناد مصر الأولى”؛ والتي تعرض المتهمين فيهم لانتهاكات عدة عقب القبض عليهم. كذلك أصدرت المحاكم المصرية 52 حكمًا نهائيًا بالمؤبد، و27 حكمًا نهائيًا بالسجن المشدد خلال فترة التقرير. وفي 3 يناير، صدق الحاكم العسكري على الحكم الصادر بحق الناشط علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي، محمد الباقر، في القضية رقم 1228/ 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس. وفيما يتعلق بقرارات الإدراج على قوائم الإرهاب، فقد قررت محكمة جنايات القاهرة، خلال فترة التقرير، إدراج 39 متهمًا على قائمة الإرهابيين لمدة 5 سنوات، وذلك في 4 قضايا مختلفة. 

ومن الناحية الحقوقية، ذكرت المنظمة أن عام 2022 استهل بإعلان “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” عن وقف عملها في مصر بعد 18 عامًا، وهو ما أرجعه القائمون على عمل المؤسسة الحقوقية إلى “استهداف العاملين سواء القبض على أعضاء من فريق العمل أو السرقة أو الاعتداءات البدنية العنيفة والاستدعاءات الغير قانونية لمحاولات تجنيد بعض أعضاء فريق العمل كجواسيس على الشبكة العربية”. كذلك الإعلان الذي قدمته 32 دولة عضو بالأمم المتحدة الذي عُرف باسم “إعلان 12 مارس”؛ والخاص بممارسات الحكومة المصرية في مسار حقوق الإنسان، و”القيود المفروضة على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، والتضييق على المجتمع المدني والمعارضة السياسية”. 

القاهرة تتصدر الانتهاكات

كما كشفت “كوميتي فور جستس” في تقريرها، عن تمكن فرق الرصد لديها من رصد 1837 انتهاكًا بحق ضحايا داخل مقار الاحتجاز المصرية، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، حيث تصدرت الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا (1643 انتهاكًا) بما يعادل نحو 89% من إجمالي الانتهاكات المرصودة، تليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 116 انتهاكًا، ثم الانتهاكات ضمن سوء أوضاع الاحتجاز بواقع 60 انتهاكًا، ثم التعذيب والوفاة داخل مقار الاحتجاز بواقع 13 و5 انتهاكًا على الترتيب. 

وعلى الصعيد الزمني، قالت المنظمة إن الانتهاكات المرصودة على الثلاث أشهر توزعت بفوارق طفيفة نسبيًا، حيث وقعت 36 بالمئة تقريبًا من الانتهاكات المرصودة في شهر فبراير بواقع 665 انتهاكًا، يليه شهر مارس الذي وقعت به 35 بالمئة تقريبًا من الانتهاكات المرصودة بواقع 650 انتهاكًا، ثم شهر يناير الذي وقعت به 28 بالمئة تقريبًا بواقع 522 انتهاكًا.  

كما أشار التقرير إلى تصدر محافظة القاهرة قائمة الانتهاكات بنسبة 61 بالمئة بواقع 1138 انتهاكًا، كما وقعت النسبة الأكبر من الانتهاكات المرصودة خاصةً ضمن سوء الأوضاع وسوء المعاملة داخل مجمع سجون طرة بواقع 57 انتهاكًا مرصودًا، يليه قسم شرطة ثان العاشر من رمضان بالشرقية، والذي تصدرت فيه الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا بواقع 23 انتهاكًا. 

وبتحليل بيانات الضحايا الذين تمكنت المنظمة من تحديد مهنهم وأعمارهم، كان نصيب الضحايا أصحاب المهن الطبية هو الأعلى بواقع 36 انتهاكًا مرصودًا، كما كان نصيب الضحايا متوسطي العمر (35 – 59 عامًا) هو الأعلى من بين الانتهاكات المرصودة بحق الضحايا الذين تم تحديد فئتهم العمرية بواقع 51 انتهاكًا مرصودًا، وكان نصيب الضحايا الذكور من الانتهاكات هو الأعلى بما يمثل نحو 95 بالمئة تقريبًا (1761/1837). 

كذلك قامت المنظمة في تقريرها بتوثيق حالات عدة ومحددة من الاختفاء القسري، وجرائم التعذيب، والحرمان من الحرية التعسفي، والحرمان من الرعاية الصحية، وسوء أوضاع الاحتجاز، وحالات تعرضت لظاهرة التدوير “الاعتقال المتجدد”.

جهود لمساعدة الضحايا

وحول الجهود التي قامت بها “كوميتي فور جستس” لرفع الظلم عن الضحايا وإيضاح مستجدات الأوضاع الحقوقية بمصر، أوضح التقرير أن فريق التواصل الأممي بالمنظمة قدم 20 شكوى ومراسلة إلى هيئات وفرق عدة تابعة إلى الأمم المتحدة. وترتب على تلك الجهود إصدار عدد من خبراء الأمم المتحدة مذكرة وجهوها إلى الحكومة المصرية بشأن “رضا عبد الرحمن علي محمد” عضو حركة “القرآنيين” في مصر، كذلك صدرت مذكرة بشأن ما يتعرض له 4 من مدافعين من حقوق الإنسان من اعتقال تعسفي وظروف احتجاز قاسية، وهم؛ علاء عبد الفتاح، عزت غنيم، هدى عبد المنعم، وعائشة الشاطر، بالإضافة الي رأي قانوني من الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي بخصوص الصحفيين المصريين العاملين بقناة “الجزيرة” الإخبارية (هشام عبد العزيز غريب، وبهاء الدين إبراهيم نعمة السيد)، كما راسل الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري الحكومة المصرية بهدف الضغط لمعرفة مصير ومكان “عمر عادل عبد الفتاح” المختفي قسريًا وآخرون، مثل؛ أحمد خليل عبد المنعم مبروك، وأحمد جمال الدين محمد طاهر، كانت “كوميتي فور جستس” قد أثارت قضيتهم خلال اجتماعها مع الفريق في فبراير 2022.

توصيات التقرير

وفي ختام تقريرها، أوصت “كوميتي فور جستس” بإعادة فتح التحقيق الجدي في جرائم التعذيب بحق الضحايا الذين وثق التقرير حالتهم، وتتبع الجناة ومنع الإفلات من العقاب، بالإضافة الي تفعيل دور النيابة الرقابي على جميع مقار الاحتجاز في مصر لتفادي وقوع مثل تلك الجرائم مجددًا. 

كما دعت المنظمة إلى إلغاء الأحكام التعسفية التي أصدرتها محاكم أمن الدولة طوارئ بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين وسجناء الرأي الذين أحيلت قضاياهم إليها قبل رفع حالة الطوارئ والإفراج الفوري عنهم، والالتفات الي الإصلاح الفعلي لمؤسسات السجون المصرية وليس فقط تغيير المصطلحات لتحقيق أهداف الإصلاح والتأهيل وليس الانتقام والتنكيل. 

كذلك طالبت المنظمة السلطات في مصر بإعادة النظر في قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية الذي يقيد عمل أفراد المجتمع المدني ويحد من قدرتهم على ممارسة نشاطهم السلمي، مع إعادة النظر أيضًا في القوانين التي صدرت خلال فترة التقرير والتي توسع في تطبيق العقوبات السالبة للحرية بدلًا من التأهيل والإصلاح. 

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا