Skip to content

مصر: “لجنة العدالة” تنشر تقريرًا عن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية وتطالب بحوار مجتمعي معمق حوله

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “لجنة العدالة” إن هذا التقرير عن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية في مصر يهدف إلى تعزيز العدالة وحماية حقوق المحرومين من حريتهم الإنسانية الأساسية، استنادًا إلى مبادئ حقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة، ويأتي في سياق الدور الذي تقوم به اللجنة في مراقبة وتحليل التشريعات التي تؤثر على حياة الأفراد وحرياتهم، وتوجيه الانتباه إلى الانتهاكات التي قد تنتج عن تطبيق تلك التشريعات.

وتضمن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية المقدم إلى مجلس النواب المصري عددًا من التغييرات المهمة على القانون الصادر في عام 1950، الذي يعد الركيزة القانونية لتنظيم سير القضايا الجنائية في مصر. ويشمل المشروع الجديد ستة كتب رئيسة تتناول موضوعات مثل الدعوى الجنائية، جمع الأدلة، المحاكم، طرق الطعن في الأحكام، التنفيذ، والتعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية، ويتألف من 540 مادة.

وأوضحت “لجنة العدالة” أن مشروع القانون يتعارض في بعض مواده مع المعايير الدولية التي تضمن حقوق المتهمين والمحاكمة العادلة. من ضمن تلك المواثيق، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذان يضمنان الحق في المحاكمة العادلة وحق الدفاع. كما أشار التقرير إلى مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم، والتي تنص على حق المحتجزين في الحصول على مساعدة قانونية من محامين والاتصال بهم.

ومع ذلك، ورغم الطابع الشامل لهذا التعديل، فقد أبدت “لجنة العدالة” تحفظاتها العديدة على عدد من النصوص المقترحة التي ترى أنها قد تؤثر سلبًا على ضمانات العدالة وتقييد الحقوق الأساسية للمتهمين والمحامين؛ على حد سواء.

ومن ضمن أبرز تلك المخاوف والتحفظات:

1- الحبس الاحتياطي:

أشارت اللجنة إلى استمرار مشكلة الحبس الاحتياطي المطول في مصر، حيث تتجاهل السلطات القضائية النصوص الحالية التي تقيد مدة الحبس الاحتياطي، خاصة في قضايا الجنايات، والتي لا ينبغي أن تتجاوز عامين. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن هذا النص لا يتم تطبيقه بشكل كافٍ، حيث يتم التحايل على القانون بإعادة توجيه اتهامات مماثلة للمحتجزين بعد انتهاء مدة الحبس الاحتياطي، ما يطيل احتجازهم دون محاكمة. وترى اللجنة أن تعديل القانون لا ينبغي أن يقتصر فقط على النصوص، بل يجب أن يشمل إلزامًا بتطبيقها على نحو صارم لضمان احترام الحقوق.

2- التمثيل القانوني وحق الدفاع:

أبدت اللجنة قلقها البالغ من بعض النصوص التي تقيد حق الدفاع للمحامين، حيث لا يلزم القانون المقترح حضور المحام أثناء استجواب المتهمين في بعض الحالات، ولا يتيح للمحامين الاطلاع الكامل على الأوراق الخاصة بالقضايا. كما أن القانون يمنح النيابة العامة صلاحيات واسعة في حجب المعلومات عن المحامي، ما يشكل خطرًا على حقوق الدفاع ويؤدي إلى الإخلال بمبدأ المحاكمة العادلة. ومن ضمن القضايا المثيرة للقلق هو منح النيابة الحق في منع المحامين من الحديث أثناء الجلسات دون معايير واضحة.

3- إجراءات الجلسات والمحاكمات الغيابية:

كذلك تتضمن بعض المواد المقترحة إمكانية اعتبار الأحكام الصادرة في حق المتهمين غيابيًا كأحكام حضورية، استنادًا إلى وسائل إعلان غير تقليدية مثل؛ الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني. وترى اللجنة أن هذه الوسائل لا تضمن علم المتهم الفعلي بتاريخ الجلسة، ما يؤدي إلى حرمانه من حقوقه في الدفاع والطعن على الحكم، ويفوت على المتهم فرصة الاستفادة من درجات التقاضي المختلفة. كما لاحظت اللجنة أن هذا التعديل يتناقض مع مبدأ قرينة البراءة.

4- المحاكمات عن بعد:

كما أعربت “لجنة العدالة” عن تحفظها تجاه النصوص التي تسمح بإجراء المحاكمات عن بُعد باستخدام التقنية‏ الحديثة. وترى اللجنة أن هذا الإجراء غير مناسب للقضايا الجنائية التي تتطلب حضور المتهم شخصيًا أمام القاضي لتكوين قناعته بشأن التهم الموجهة إليه. كما أن المحامين سيجدون أنفسهم مضطرين للتواجد في أماكن احتجاز المتهمين، مما يعقد ممارسة حقوق الدفاع ويؤدي إلى تضييق نطاق عمل المحامين.

5- قضايا التعذيب والاختفاء القسري:

لاحظت اللجنة أن النصوص المتعلقة بمحاسبة مأموري الضبط القضائي في حالات التعذيب والاختفاء القسري لا تتضمن ضمانات كافية لمحاسبتهم، حيث تمنع المجني عليه أو ذويه من تحريك الدعوى الجنائية بشكل مباشر ضد ضباط الشرطة، وتترك الأمر لرئيس النيابة. وترى اللجنة أن هذا النص يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب ويضعف من آليات المساءلة القانونية.

6- إخفاء هوية الشهود:

من النصوص المثيرة للقلق التي وردت في مشروع القانون، السماح بإخفاء هوية الشاهد وعدم الكشف عن بياناته. وترى “لجنة العدالة” أن هذا الإجراء يتعارض مع مبادئ العدالة، إذ يمكن الاعتماد على شهادات أشخاص مجهولين لإصدار أحكام جنائية، ما يشكل خطرًا على ضمانات المحاكمة العادلة ويضعف من قدرة المتهم على الدفاع عن نفسه.

7- التوسع في صلاحيات المحكمة:

أشارت اللجنة إلى أن بعض النصوص توسع من صلاحيات المحكمة بشكل غير محدد، مثل إعطاء المحكمة الحق في إقامة دعوى جنائية ضد أي فعل يقع خارج الجلسة وتراه المحكمة مؤثرًا على قضاتها أو الشهود. وترى اللجنة أن هذه النصوص فضفاضة وتفتقر إلى تحديد دقيق للمعايير التي يمكن من خلالها قياس الأفعال المؤثرة على المحكمة، مما قد يؤدي إلى إساءة استخدام هذه الصلاحيات.

8- التصالح في جرائم المال العام:

انتقدت اللجنة النصوص التي تسمح بالتصالح في جرائم الاعتداء على المال العام، حيث ترى أن هذه النصوص تفتح الباب أمام استغلال النفوذ والفساد، إذ تسمح للمتهمين بارتكاب جرائم مالية ثم التصالح بعد ذلك، ما يؤدي إلى إفلاتهم من العقاب ويضعف من قدرة الدولة على ردع مثل هذه الجرائم.

وتشدد “لجنة العدالة” في ختام تقريرها على أن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية المطروح أمام مجلس النواب المصري، رغم بعض الجوانب الإيجابية التي يحتويها، يحمل العديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى تعديل قانون الإجراءات الجنائية في مصر والمساواة أمام القانون. وترى اللجنة أن هذه التعديلات، إذا لم تُراجع بشكل شامل، قد تسهم في تفاقم الأوضاع الحقوقية في مصر وتقويض حقوق المتهمين. لذا، تدعو “لجنة العدالة” إلى إجراء حوار مجتمعي واسع يشارك فيه جميع الأطراف المعنية، لضمان أن يكون أي تعديل في هذا القانون متسقًا مع مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الشاملة.

كما أوصت اللجنة بإلزام السلطات بتطبيق النصوص القانونية المتعلقة بالحبس الاحتياطي، وعدم تجاوز فترات الاحتجاز المنصوص عليها قانونيًا. وتعزيز حقوق الدفاع؛ من خلال ضمان حضور المحامي في جميع مراحل التحقيق، ومنحهم الحق الكامل في الاطلاع على أوراق القضايا والدفاع عن موكليهم دون قيود.

كذلك دعت اللجنة إلى إعادة النظر في النصوص التي تتعلق بإجراءات المحاكمات الغيابية، وإلغاء النصوص التي تسمح بإجراء المحاكمات عن بُعد. أيضًا حثت اللجنة السلطات في مصر على تعزيز آليات المساءلة فيما يتعلق بقضايا التعذيب والاختفاء القسري، مع ضرورة إعادة النظر في النصوص المتعلقة بالتصالح في جرائم المال العام لضمان مكافحة الفساد بشكل فعال.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا