قالت “لجنة العدالة” إن التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة في مصر؛ بما في ذلك ارتفاع أسعار خدمات مثل الكهرباء والنقل ونقل الملكية والاتصالات والصلب، أثرت بشدة على العدالة العمالية في مصر. كما جاء قرار الرئيس “السيسي” برفع الحد الأدنى لأجور موظفي الدولة والقطاع العام بنسبة تصل إلى 50 %، ليصل إلى 6000 جنيه مصري (127 دولارًا أمريكيًا)، في 7 أبريل 2024، مع الإعفاءات التي رافقت تنفيذ القرار للشركات الصغيرة بالقطاع الخاص التي يعمل بها أقل من 10 موظفين، والتي تشكل ما يقرب من ثلثي القوى العاملة في مصر، ما تسبب في تأجيج الاضطرابات العمالية في جميع أنحاء البلاد.
جاء ذلك في التقرير الذي تقدمت به اللجنة بمناسبة المراجعة الدورية الشاملة الرابعة لوفاء جمهورية مصر بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، ركزت فيه على حقوق العمال والامتثال لمعاهدات العمل الدولية الرئيسة.
وتطرق التقرير إلى عدم التزام مصر بتنفيذ التوصيات التي جاءت في الاستعراض الدوري الشامل الأخير لها في عام 2019، والذي جاء فيه 19 توصية من أصل 372 توصية تتعلق بحقوق العمل، مثل؛ الدعوة إلى تعزيز تشريعات وحقوق العمل، وتحسين ظروف العمل، ومكافحة العمل القسري وعمل الأطفال، وضمان أجور معيشة عادلة وتوسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية، وتعزيز المساواة بين الجنسين في مصر، وفشلت الحكومة المصرية في التعاطي مع تلك التوصيات، وأبقت على القوانين والممارسات التي تقيد حقوق العمال وحرية تكوين الجمعيات.
ونتيجة لذلك الفشل؛ رصدت “لجنة العدالة” بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار 2024، العديد من الحركات العمالية، بما في ذلك؛ ستة إضرابات، وثلاثة احتجاجات، وخمسة اعتصامات؛ للاعتراض على المطالب الاقتصادية والاجتماعية غير المستجاب لها، والتي تعلق معظمها بتحسين الأجور. وشملت هذه الحوادث عمالاً من القطاعين العام والخاص، فضلاً عن المؤسسات الحكومية.
كذلك شمل التقرير وصفًا لحالة القمع ضد الحركة العمالية في مصر، وكيفية تعاطي الدولة المصرية مع إضراب العاملين بشركة غزل المحلة، حيث تم استدعاء عدد كبير من العاملين والعاملات للتحقيق معهم وتهديدهم في مقر الأمن الوطني بالغربية، تمت إحالة اثنين منهم، هم؛ وائل أبو زويد ومحمد محمود طلبة، لنيابة أمن الدولة، في 26 فبراير/ شباط، والتحقيق معهم في القضية رقم 717 لسنة 2024 حصر أمن دولة بتهمة “الانضمام إلى جماعة تشكلت على خلاف القانون”، و “نشر وإذاعة إشاعات وأخبار كاذبة”، وبعد ثلاثة أشهر من الحبس الاحتياطي، في 27 مايو/ أيار 2024، أفرجت نيابة أمن الدولة العليا عنهما.
كذلك في 29 أبريل/ نيسان 2024، اختطفت قوات أمن الدولة شادي محمد، الناشط العمالي البارز، أثناء عودته إلى منزله من العمل. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال مكان وجوده الحالي غير معروف. وفي 27 فبراير/ شباط 2024، أيدت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، قرارًا رئاسيًا بإنهاء خدمة أحد موظفي الدولة بوزارة العدل تعسفيًا؛ رغم حصوله على تقدير امتياز في تقرير الكفاءة الوظيفية للسنوات الثلاث الماضية. وتم فصل هذا الموظف بموجب التعديلات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 28 يوليو 2021 على القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل غير التأديبي للموظفين العموميين “قانون عزل الإخوان”، والذي منح الرئيس ومندوبوه سلطة مطلقة لفصل الموظفين العموميين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التحقيق.
وفي ختام التقرير، أوصت “لجنة العدالة” السلطات المصرية على التصديق على الاتفاقيات الستة المتبقية من بين اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثلاث عشرة الأساسية. مع ضرورة سحب التعديلات التي أدخلت على القانون رقم 10 لسنة 19972 بشأن الفصل غير التأديبي للموظفين العموميين، مع تعديل قوانين العمل المحلية لضمان التوافق الكامل مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
كذلك حثت اللجنة السلطات المصرية على ضمان ظروف عمل لائقة ومعايير السلامة والصحة المهنية لجميع العمال، بما يتماشى مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السلامة والصحة المهنية، 1981 (رقم 155).
أيضًا دعت اللجنة مصر لتنفيذ تدابير فعالة للقضاء على العمل القسري وعمل الأطفال، وضمان محاكمة ومعاقبة الجناة، مع ضمان أجور معيشة عادلة وتوسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية لجميع العمال، بما في ذلك العاملين في القطاع غير الرسمي، على النحو المنصوص عليه في اتفاقية منظمة العمل الدولية للضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا)، 1952 (رقم 102) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادتان 7 و9).
