خبر صحفي
تحرير: لجنة العدالة
جنيف: 9 يوليو/ تموز 2024
تعاني مصر في الوقت الحالي، من أزمة متواصلة لانقطاع الكهرباء ألقت بظلالها على كل فئات المجتمع وطبقاته الاجتماعية، بالتزامن مع فشل حكومي في احتواء الأزمة أو إيجاد حلول سريعة لها، وسط أنباء عن استمرار الأزمة لبداية العام القادم 2025، دون حل.
ومن أكثر الفئات تضررًا من أزمة انقطاع الكهرباء المتواصلة في مصر، كانت فئة السجناء؛ و- تحديدا- السجناء المحتجزين على ذمة قضايا سياسية. ففي ظل ارتفاع عدد السجناء داخل مقار الاحتجاز والسجون والليمانات في مصر كلها ليفوق الطاقة الاستيعابية لها أضعافًا مضاعفة؛ فإن أضرار انقطاع الكهرباء قد تكون “كارثية” أو “مميتة” في بعض الأحيان؛ خصوصًا مع السجناء ذوي الأمراض المزمنة أو الكبار في السن منهم.
– ارتفاع حالات الوفاة:
رصدت “لجنة العدالة” بعضًا من آثار تلك المشكلة المتفاقمة على السجناء والمحتجزين في مصر، حيث أدت تلك الأزمة مع دخول شهر الصيف بدرجات حرارته غير المعهودة في مصر؛ لارتفاع عدد الوفيات داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر، لتصل فقط في شهر يونيو/ حزيران 2024، لـ 7 حالات وفاة تم تسجيلها في أقسام الشرطة والسجون، لعدم ملاءمة أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز للتعامل مع تلك الأعداد من المحتجزين أو درجات الحرارة العالية وسط انقطاع للكهرباء مستمرًا، الأمر وعدم بذل عناية طبية لإنقاذ أرواح هؤلاء، وهو ما لم يتم رصده على مدار كل شهر من الخمسة أشهر الأولى من سنة 2024، كذلك لو قارنه بأعداد حالات الوفاة في يونيو 2023، سنجد أنه تم رصد 4 حالات وفاة فقط.
فرصدت اللجنة وفاة اثنين من المحتجزين احتياطيًا على ذمة قضايا جنائية، داخل حجز قسم شرطة كفر الدوار بمحافظة البحيرة، نتيجة لظروف الاحتجاز غير الإنسانية. كذلك حالة وفاة لمحتجز سياسي داخل سجن “بدر 1” بمدينة بدر في مصر، يُدعى أحمد يوسف عبد اللاه الصياد (40 عامًا)، وسط تشكيكات من أهله بأن الوفاة كانت “غير طبيعية”.
كما رصدت “لجنة العدالة” 3 حالات وفاة داخل مقار احتجاز في مصر، إحداهما لمحتجز سياسي، والآخران لمحتجزين جنائيين، نتيجة لظروف الاحتجاز غير الآدمية. الحالة الأولى، للمحتجز السياسي بسجن جمصة، محمد عسكر (40 عامًا)، أما الحالة الثانية والثالثة لمحتجزين جنائيين، أولهما مكي مصطفى مكي (22 عامًا)، وكان محتجز بداخل حجز قسم شرطة أول أسيوط بمحافظة أسيوط جنوب مصر. والحالة الأخيرة، للمحتجز داخل قسم شرطة إمبابة، شهاب أحمد كحلة (25 عامًا)، والذي تمت معاقبته هو وآخرون بسبب مشاجرة داخل الحجز بتقييدهم بقيود حديدية وتركهم داخل زنازين مكتظة.
أيضًا رصدت اللجنة حالة انتحار لمواطنة روسية محتجزة داخل سجن العاشر من رمضان للنساء بمحافظة الشرقية في مصر؛ بسبب ظروف الاحتجاز غير الإنسانية، مشيرة إلى أن المحتجزة تعرضت لظروف احتجاز قاسية ومعاملة غير آدمية ما أدى لتدهور حالتها النفسية ودفعها للانتحار داخل زنزانتها. وترافق ذلك مع حركة انتقالات قامت بها مصلحة السجون بين ضباط السجن، حيث قامت باستدعاء ضباط آخرين من سجن النساء بالقناطر ليحلوا محلهم دون معرفة السبب وراء تلك التنقلات المفاجئة.
– تفاقم متوقع للأزمة:
من ناحيته، أكد المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة”، أحمد مفرح، أن الأزمة ما تزال في بدايتها، وأنها في طريقها لكي تتفاقم بشكل أكثر على المحتجزين في مصر، وسط إهمال متعمد من جانب السلطات المصرية بعدم توفير ظروف معيشية آدمية للمحتجزين لديها– خاصة السياسيين منهم-، فالزنازين أصبح يتواجد فيها الآن 3 أضعاف طاقتها الاستيعابية تقريبًا، مع عدم توفر شفاطات هواء ومراوح كافية، أضف لكل ذلك انقطاع الكهرباء في بعض الأحيان لأكثر من 6 ساعات يوميًا، ما يعد ظروف احتجاز مروعة لا بد من التحرك للضغط على السلطات المصرية لتحسينها أو استبدال الاحتجاز الاحتياطي ببدائله المعروفة في القانون المصري “.
وكذلك رصدت “لجنة العدالة” إضرابًا للمحتجزين سياسيًا بسجن “بدر 1”، نتيجة لسوء الظروف المعيشية، وعدم استجابة إدارة السجن لمطالبهم التي تعد من ضمن حقوقهم الأساسية، وأدى ذلك لقيام إدارة السجن بشن حملة قمع جديدة ضد المحتجزين السياسيين فيه. وأفادت اللجنة أن إدارة السجن بدأت في تغريب (نقل لسجون بعيدة) عشرات المحتجزين السياسيين لسجني (المنيا والوادي الجديد)؛ وذلك عقابًا لهم عن إضرابهم عن الطعام بسبب انتهاكات يتعرضون لها.
وبذلك تشير الأوضاع داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية إلى “صيف ساخن جدًا” من الأحداث والوفيات؛ كل ذلك بسبب سوء التعامل الحكومي مع أزمة انقطاع الكهرباء، في ظل حرمان هؤلاء المحتجزين السياسيين من حرياتهم بسبب معارضتهم للنظام القائم.
– نحو إيجاد حلول واقعية للأزمة:
ولكل ذلك، تطالب “لجنة العدالة” السلطات المصرية بتوفير بدائل لأزمة انقطاع الكهرباء داخل مقار الاحتجاز والسجون لديها، مثل إيجاد “مولدات احتياطية”؛ على اعتبار أن السجون ومقار الاحتجاز هي مرافق حيوية، قد يؤدي انقطاع الكهرباء عنها لحدوث أزمات كارثية مثل حالات الوفاة أو تفاقم الأمراض، خصوصًا لدى مرضى الجهاز التنفسي.
كما تدعو اللجنة المجتمع الأممي والدولي للضغط على مصر لتوفير ظروف معيشية إنسانية وآدمية لدى المحتجزين لديها بشكل عام، وعدم التمييز بين المحتجزين بسبب توجهاتهم السياسية أو الإيدلوجية.