Skip to content

تونس: “لجنة العدالة” ترفض الاعتقالات الأخيرة ضد “النهضة” وتعتبرها تصعيدًا خطيرًا لحالة القمع المستمرة قبيل الانتخابات الرئاسية

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “لجنة العدالة” إن حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت أعضاء من حركة النهضة وشخصيات أخرى من مختلف الأطياف السياسية في تونس؛ تمثل تصعيدًا خطيرًا وغير مسبوق في سلسلة القمع المستمرة التي تشهدها البلاد. وتأتي هذه الاعتقالات على خلفية اتهامات بالتآمر على أمن الدولة، في قضية جديدة فتحتها السلطات التونسية مؤخرًا، ما يثير المخاوف حول تدهور الأوضاع السياسية وحقوق الإنسان في البلاد قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وترى “لجنة العدالة” أن هذه التطورات الأخيرة تأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحريات العامة والتضييق على الفضاء السياسي في تونس، مع وجود مخاوف متزايدة من استغلال السلطة الحاكمة للأجهزة القضائية والأمنية لتصفية الحسابات السياسية.

وبحسب تصريحات محام المعتقلين، فإن وحدة البحث في جرائم الإرهاب التابعة للحرس الوطني قامت بالتحقيق مع خمسة أشخاص- بينهم عضو في المكتب التنفيذي لحركة النهضة-، بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة. وأشار المحام كذلك إلى أن الحملة لم تقتصر على هؤلاء الأفراد فقط؛ بل شملت اعتقالات واسعة النطاق طالت 80 شخصًا – على الأقل- من مختلف جهات البلاد، ما يؤكد على نهج متزايد لتوسيع دائرة القمع.

وتعتبر “لجنة العدالة” أن هذه الاعتقالات مرتبطة بحالة التوتر السياسي المتصاعد قبيل الانتخابات الرئاسية في البلاد، حيث تشير التحليلات إلى أن السلطة الحاكمة، بقيادة الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد، قد تكون تسعى لتضييق الخناق على المعارضة السياسية ومنع أي محاولة لتحالفات سياسية قد تشكل تهديد جدي لحظوظه في الانتخابات. ومن أبرز هذه المخاوف في هذا السياق، هي إمكانية تعاون حركة “النهضة” مع أحد المرشحين الرئاسيين ضد الرئيس “سعيد”، ما قد يضع السلطة الحاكمة في موقف دفاعي، ويزيد من رغبتها في تشديد القبضة الأمنية والقمعية لمنع أي تنسيق معارض.

وتشير اللجنة إلى أن هذه التطورات تأتي في إطار حملة أكبر تمارسها السلطات في تونس على حركة “النهضة” تحديدًا، حيث تعرض أعضاء الحركة لعشرات الاعتقالات في الآونة الأخيرة، وفقًا لما أوردته تصريحات الناطق الرسمي باسم الحركة، الذي أكد أن هذه الإجراءات لا تزيد إلا من تأزيم الأوضاع في البلاد وتعميق الفجوة بين السلطة والمجتمع. كما لفت إلى أن العديد من المعتقلين هم من المتقاعدين وكبار السن الذين تجاوزوا العقد السادس من العمر، مشددًا على أن هذه الاعتقالات لا تمتلك أي مسوغ قانوني أو أخلاقي، وتستهدف استنزاف قدرة المعارضة على التنظيم والعمل السلمي.

وترى “لجنة العدالة” أيضًا أن هذه الاعتقالات لا تمثل مجرد إجراء أمني عابر؛ بل إنها تعكس استراتيجية أكبر تتبعها السلطة في تونس لفرض سيطرتها على المشهد السياسي ومنع أي تحديات جدية لسلطتها. وتؤكد اللجنة أن استخدام تهم الإرهاب والتآمر على أمن الدولة كذريعة لاحتجاز المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان هو تجاوز خطير للقانون وانتهاك صريح للحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور التونسي والقوانين الدولية.

وفي هذا السياق، تلفت اللجنة الانتباه إلى أن هذه الاعتقالات تمثل استمرارًا لحالة القمع الممنهجة التي تشهدها تونس منذ مدة طويلة، حيث أصبح التضييق على الفضاء المدني والاعتقالات التعسفية وشيطنة المعارضين هي السمة الغالبة على تعامل السلطات مع كل من يعارضها. هذا النهج القمعي يتعارض بشكل صارخ مع تطلعات الشعب التونسي نحو الحرية والديمقراطية، التي كانت من أهم مكتسبات الثورة التونسية.

وتندد “لجنة العدالة” بهذه الحملة القمعية التي تنفذها السلطات التونسية، وتدعو إلى الوقف الفوري لكافة الإجراءات التعسفية والاعتقالات ضد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وتؤكد اللجنة على ضرورة الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والسياسة، بمن فيهم أولئك الذين تم اعتقالهم في الحملة الأخيرة.

كما تطالب اللجنة السلطات التونسية بضرورة فتح الفضاء المدني والسياسي في البلاد، وتوفير البيئة الآمنة لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان وضمان حرياتهم الأساسية، فاستمرار هذه الحملة القمعية لن يؤدي سوى إلى وأد الحريات الوليدة في تونس، وسيعزز مناخ الخوف والقمع الذي يهدد مستقبل البلاد الديمقراطي، وهو ما يستوجب وقفة جادة من المجتمع الدولي والقوى الديمقراطية داخل تونس لوقف هذا التدهور الخطير.

كما تؤكد “لجنة العدالة” في ختام بيانها أن تونس، التي كانت تُعد منارة للحريات في المنطقة بعد ثورة 2011، تواجه اليوم خطرًا حقيقيًا على مستقبلها الديمقراطي، وأن استمرار هذه السياسات القمعية لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة السياسية والاجتماعية، وهو ما يتطلب من جميع القوى الحية في تونس الوقوف صفًا واحدًا في وجه هذا التوجه السلطوي، والضغط من أجل إصلاحات سياسية حقيقية تعيد البلاد إلى مسارها الديمقراطي السليم.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا