في العاشر من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948. ويمثل هذا اليوم فرصة للتأكيد على أهمية احترام حقوق الإنسان وتعزيز الكرامة الإنسانية، كما يتيح للمجتمع الحقوقي الفرصة لتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المدافعين عن هذه الحقوق حول العالم، وخاصة في مصر.
في ذكرى هذا اليوم؛ يظل المدافعون المصريون عن حقوق الإنسان يعملون في ظروف صعبة ومليئة بالتحديات، تجعل جهودهم للدفاع عن حقوق الآخرين؛ بما في ذلك حرية التعبير، حق التجمع السلمي، حقوق المرأة، حقوق الأقليات وحقوق العمال، أكثر صعوبة مع ما يواجهونه من مخاطر وتهديدات مستمرة.
إن الوضع الحالي لحقوق الإنسان في مصر يشهد تراجعًا ملحوظًا، حيث يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان قمعًا متزايدًا يتجلى في الاعتقالات التعسفية للمدافعين بدون تهم واضحة أو بمحاكمات غير عادلة والتضييق على حرية التعبير؛ حيث تُفرض قيود صارمة على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يعوق عمل المدافعين عن حقوق الإنسان. فضلاً عن القيود على المجتمع المدني بالقوانين المقيدة على الجمعيات والمنظمات غير الحكومية.
وشهد العام 2024، انتهاكات عديدة بحق المدافعين عن حقوق الانسان في مصر، رصدتها “لجنة العدالة” في إطار العمل علي مشروعها “العدالة للمدافعين عن حقوق الإنسان”، حيث جرى اعتقال عشرات المحامين والصحفيين، وتدوير البعض بعد سنوات من الاعتقال التعسفي، مثل؛ المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، والمحام الحقوقي إبراهيم متولي، واعتقال الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق تعسفيًا، فضلاً عن استمرار الحبس الاحتياطي التعسفي لعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، بما يتعارض مع أحكام الحبس الاحتياطي المصري، مثل؛ المحام سعيد خلف، والمترجمة مروة عرفة، والمحام مصطفى خطيب، وغيرهم.
شهد العام أيضًا استهدافًا أمنيًا ومؤسسيًا ضد المدافعين عن حقوق العمال لاسيما القيادين النقابين منهم، أبرزهم؛ القيادي هشام البنا، الذي برز دوره في إضراب شركة “وبريات سمنود”، بنهاية أغسطس 2024 والذي عانى من الاعتقال التعسفي لأيام قبل الإفراج عنه، لتتواصل معاناته مع استثنائه وحده من قرار إعادة العمال والعاملات المفصولين إلى العمل، كما يستمر الاعتقال التعسفي بحق الناشط العمالي حسام زكريا، بتهم الانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها ونشر أخبار كاذبة، وذلك بسبب نشاطه في الدفاع عن حقوق العمال.
كما قامت قوات أمنية بإلقاء القبض على 17 ناشطًا وناشطة في يوم 23 أبريل 2024، كانوا نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة للمرأة بالقاهرة؛ للتضامن من النساء في كلاً من غزة والسودان، وقد تعرضوا/ن للاختفاء القسري لمدة ليلة قبل أن يتم إخلاء سبيلهم/ن بكفالة مالية. أما على صعيد مؤسسات المجتمع المدني والملف الحقوقي؛ فبالرغم من حفظ التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011، والمعروفة باسم قضية “التمويل الأجنبي”، إلا أن عددًا كبيرًا من المتهمين بالقضية مازالوا ممنوعين من السفر أو التصرف في أملاكهم المحتجز عليها، وهو ما ينطبق على عدد من موظفين وقيادات “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” الممنوعين من السفر والتصرف في أملاكهم.
وعليه، تدعو “لجنة العدالة” السلطات المصرية إلى؛ الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين بسبب نشاطهم السلمي، مع ضمان بيئة آمنة تسمح لهم بممارسة عملهم المشروع والسلمي بشكل آمن وفعال وخالي من التهديدات والمضايقات، كذلك مراجعة التشريعات التي تقيد حرية التعبير والتجمع وتأسيس الجمعيات، بما يتماشى مع المعايير الدولية، أيضًا تحث اللجنة المجتمع الدولي على مواصلة الضغط لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.