Skip to content

النشرة الأسبوعية لسباق الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 خلال الفترة من (16 – 20 أكتوبر، 2023)

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

ملخص

تبعًا لمشروع مراقبة الانتخابات الرئاسية، الذي دشنته “لجنة العدالة” خلال المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، واستكمالاً لمنهجية رصد وتوثيق الانتهاكات في الساحة الحقوقية والسياسية في إطار السعي لضمان الشفافية والمساءلة وتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية، فقد عمدت “لجنة العدالة” خلال الأسبوع الأول من المرحلة الثانية، الموافق 16-20 أكتوبر 2023، على تتبع البيانات والأنباء الصحفية، وتوثيق الوقائع لانتهاكات حقوق الأفراد وأحزاب المعارضة السياسية.

أولاً: وقائع الانتهاكات خلال الفترة المرصودة

خلال المرحلة الثانية من مسيرة الانتخابات المصرية لعام 2024، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار، حازم بدوي، رئيس محكمة النقض، القائمة المبدئية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، في القرار رقم 24 الصادر 16 أكتوبر 2023، لتشمل الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، والمرشح الرئاسي عن الحزب المصري الديمقراطي، فريد زهران، والمرشح عن حزب الوفد، عبد السند يمامة، والمرشح الرئاسي، حازم عمر.

قامت “لجنة العدالة” خلال المرحلة الأولى من الانتخابات؛ التي تمثلت في جمع التوكيلات الرسمية واستيفاء شروط الترشح للانتخابات، على رصد وتوثيق عشرات من الانتهاكات التي تضمنت الاعتداء البدني على المواطنين الراغبين في تحرير التوكيلات لمرشح المعارضة، أحمد الطنطاوي، وتواطؤ مسؤولي الشهر العقاري والسلطات الأمنية وأفراد البلطجية وأعضاء حزب “مستقبل وطن” على عرقلة ومنع إجراء التوكيلات لمرشح المعارضة، وتسهيل عملية إجراء التوكيلات للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي.

وفيما وجهت قوى المعارضة عشرات الشكاوى بشأن تحرير التوكيلات إلى “الهيئة الوطنية للانتخابات”، رفضت الأخيرة الشكاوى، كما نفت وقوع أية انتهاكات من طرف السلطات والهيئات الرسمية للدولة. وأكدت اللجنة في بيانها الأول، الصادر في 29 سبتمبر 2023، على اتخاذها “جميع الإجراءات والقرارات” بالاتفاق مع أحكام الدستور والقوانين والمعايير الدولية، وأن عملية تنفيذها تتم بشكل منضبط ومتسق مع ما حددته الهيئة، كما دفعت بتوصيتها لمكاتب الشهر العقاري بتمديد ساعات العمل لتمكين المواطنين من إجراء التوكيلات. وتضمن بيان اللجنة تنديدًا بما اعتبرته “محاولات التشكيك والتطاول غير المقبول على عملها”، مؤكدة أنه من “واقع المتابعة عدم وقوع أي مخالفات أو أعمال محاباة أو مضايقات لأحد قط… “، كما أشارت إلى “الادعاءات الكاذبة” في هذا الصدد.

ومع ازدياد العراقيل أمام تحرير التوكيلات الرسمية للمرشح المحتمل “الطنطاوي”، تقدم الأخير بطلب إلى مجلس إدارة الهيئة الوطنية بالسماح بجمع “توكيلات شعبية” أو “نماذج تأييد” لإثبات أحقيته بالترشح للانتخابات، إلا أن اللجنة في بيانها الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 2023، اعتبرت الطلب سعيًا إلى تحصيل “استثناءات” اعتبرتها غير مبررة، وأكدت أنها تقف على مسافة “واحدة” من جميع المرشحين فيما يتعلق بتنفيذ القرارات والقواعد المنظمة للعملية الانتخابية.

وحيث تمكن أنصار الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، من تحرير مليون ومئة ألف توكيل خلال المرحلة الأولى من السباق الرئاسي، فيما تمكن رؤساء أحزاب المعارضة من استكمال شروط الترشح بالتزكيات البرلمانية، فإن عرقلة تحرير التوكيلات لمرشح المعارضة الشاب “الطنطاوي” يمثل “تمييزًا” واضحًا ضد مرشح المعارضة التي لا تملك حزبًا سياسيًا بمقاعد برلمانية يفي تأييد نائبيها بالشروط الموضوعة للحق بالترشح بالانتخابات. وقد أدى التعسف المماثل في تحرير التوكيلات لمؤيدي المرشحة المحتملة، جميلة إسماعيل، إلى إعلانها الانسحاب من السباق الرئاسي نزولًا على قرار الحزب – الدستور المصري- بالانسحاب، وإشارتها لعشوائية أداء موظفي الشهر العقاري بما يفتئت على حقوق المواطنين، مثل تحرير التوكيلات لمرشحين آخرين عمدًا، وتسليم التوكيلات دون ختم شعار الجمهورية، أو رفض تسليم التوكيلات بعد إصدارها.

لم يتوقف الأمر هنا في هذا الصدد؛ بل عملت السلطات الأمنية على تتبع القائمين على جمع “نماذج التأييد” للمرشح المحتمل “الطنطاوي” بتهمة تزوير التوكيلات، كما لو أن تحريرها بشكل رسمي كان ممكنًا، وكما لو أن أعضاء حملة “الطنطاوي” قد حرروا نماذج التأييد الشعبي سرًا وأصدروها على سبيل “التدليس” على المواطنين والسلطات.

وفي هذا الخصوص، رصدت “لجنة العدالة” في الأسبوع الأول من المرحلة الثانية – التي بدأت بالإعلان الرسمي عن قائمة المرشحين-، قيام السلطات الأمنية بالقبض على أعداد كبيرة من أفراد حملة المرشح المحتمل “الطنطاوي”، وذلك على خلفية القضية 2255/2023، بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لـ”جماعة إرهابية”، بينهم؛ على محمد الشطوري، وكثير من الناشطات في الحملة الانتخابية. ولا شك في أن هذا يمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق المواطنين بالمشاركة السياسية في مناخ من الطمأنينة والانفتاح، حيث تستعمل السلطة السياسية الذراع الأمني في قمع المعارضين الذين يؤيدون مرشحًا “شابًا” محتملًا، ما يمثل حجم الجرم الذي ترتكبه السلطات بشكل ممنهج في إطار عملية الانتخابات. وتأتي الاعتقالات التعسفية على خلفية ادعاء السلطات للمعارضين بـ”تزوير التوكيلات”، تزامنًا مع قيام نفس سلطات الأمن بالزج بالبلطجية لضرب المعارضين واختلاق الاشتباكات أمام مكاتب الشهر العقاري خلال الفترة الأولى – وهي الانتهاكات التي سبقت الإشارة إليها في التقرير الأول-، الأمر الذي يشير لعزم السلطات على “تتبع” المعارضين السياسيين؛ وليس فقط منعهم مؤقتًا من حقوقهم بالمشاركة السياسية.

 

ثانيًا: تعليق على الأسباب والتبعات

وإذ يمثل هذا عدم قبول الإرادة السياسية لعقد انتخابات حرة ونزيهة، فإنه ينافي التصريحات التي سبق وأدلى بها الرئيس “السيسي” بشأن منح المواطنين فرصة لطلب التغيير، كما يشير لاستحواذ السلطة السياسية على المشهد السياسي، والرغبة في الهيمنة على الانتخابات بما يحولها لاستفتاء على التمديد لا انتخاب لمرشح بين خيارات أخرى، وبما يهدد الاستقرار والسلام والمجتمعي. ففي الوقت الذي اشتدت فيه وطأة الأزمة الاقتصادية على الفئات الفقيرة والوسطى من الجماهير؛ لم يزل النظام السياسي يتحصن في المدينة الإدارية على مبعدة من قلب العاصمة، فيما يغلي الشارع بتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة الغذاء والتضخم وانهيار العملة المحلية، وعجز السلطات عن دفع مستحقات الديون العاجلة ومدفوعات الواردات من السلع الغذائية، وتأخر مدفوعات رواتب الموظفين، فضلًا عن توابع الحرب الموقدة في غزة على الاستقرار السياسي والاجتماعي بالمنطقة.

في هذا السياق، تأتي الذراع الأمنية التي تدير بها السلطة الانتخابات لتضيف المزيد من الضغوط على الشارع المصري الذي كان يأمل في قليل من التنفيس، ويتطلع لمنافسة “منطقية” إن لم تكن حقيقية بالكامل للرئيس “السيسي”، لتصير الانتخابات مسرحية “سوداء” يتنافس فيها رموز المعارضة “المحفوظين” والمحددين سلفًا من طرف النظام القائم في انتخابات مرسومة المسار ومحددة النتائج سلفًا.

وعلى الصعيد الإداري والمؤسساتي، كشفت مرحلة تحرير التوكيلات إخفاق الهيئة الوطنية للانتخابات في إدارة المرحلة الأولى من الانتخابات وفي التحلي بالمؤسسية والاستقلال عن السلطة الحاكمة، حيث خصصت نحو ثلث مكاتب الشهر العقاري في أنحاء الجمهورية (217 من إجمالي 650 مكتبًا) لتحرير التوكيلات، بينما كانت أبرز “ادعاءات” الموظفين لعرقلة تحرير التوكيلات هي “انقطاع الكهرباء” أو “سقوط النظام المعلوماتي”، فضلًا عن احتشاد أفراد البلطجية والموظفين الحكوميين والمواطنين “المستأجرين” لسد صفوف الشهر العقاري. كذلك نلاحظ قصور المدة المسموح بها لجمع التوكيلات – 20 يومًا- بعد الإعلان عن دعوة الناخبين للانتخاب في 25 سبتمبر إلى 14 أكتوبر. كما لم تستجب اللجنة إلى آلاف الشكاوى التي قدمها المواطنون عن عرقلة تحرير التوكيلات و “سقوط السيستم” الذي أصبح ظاهرة عامة في جميع أنحاء البلاد وليس مكتبًا أو اثنين. ومن ثم يعتبر التخاذل عن التدخل الفوري لتذليل العقبات، والفشل في مد فترة تحرير التوكيلات واستيفاء شروط الترشح، والفشل في إيجاد البدائل بشكل رسمي يسمح للمواطنين بممارسة حقوقهم بالمشاركة السياسية، جميعها مؤشرات تدل على انحياز الهيئة العامة للانتخابات لصالح الرئيس الحالي، الذي أفاد بعض أنصاره أن التوكيلات التي حرروها له في مكاتب الشهر العقاري كانت جاهزة لم تتطلب حتى التوقيع عليها بخط اليد.

وكما فشلت عن التدخل الفوري، وقضت تعسفيًا بـ “فردية” الشكاوى المقدمة إليها، فقد تخاذلت عن التعاون مع منظمات المجتمع المدني التي يفترض بها “مراقبة” سير العملية الانتخابية، وعن توفير مكتب أو اثنين للشهر العقاري داخل مقرها لتسجيل توكيلات المرشحين، وعن إرسال مبعوثيها في المكاتب لرقابة عمليات تحرير التوكيلات مع اضطرار وتواتر الشكاوى، وكلها خطوات كان يمكن للهيئة العامة للانتخابات اتخاذها لضمان سير العملية الانتخابية وحماية حقوق المواطنين.

ولا عجب في اتخاذ الهيئة العامة للانتخابات هذا المنحى، علمًا أن أعضاءها قد حصلوا مناصبهم بالتعيين المباشر بقرار من السيد رئيس الجمهورية (426/2023) الذي حدد خمسة مستشارين لعضوية المجلس بموجب المادة 209 من الدستور والمادة 5 من قانون إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات. يتحسب الرئيس “السيسي” للمعارضة الشابة التي لا توقع عقود الإذعان على “معارضة” شكلية فارغة الفحوى، كما يسعى لتحصيل الدعم الشعبي المتآكل بفعل الأزمات الاقتصادية والفقر المتزايد من خلال القفز على القضايا الساخنة لضمان سير “مسرحية” الانتخابات. وفيما يجري هذا بالتزامن مع إشاعة مناخ الخوف والرعب من الاعتقال التعسفي، ومعاقبة المعارضين والنشطاء بالحملات الانتخابية وتعقبهم بالدعاوى القضائية لاجتثاث فرص انخراطهم بالساحة السياسية مرة أخرى، فإن الحاصل هو تقويض حق المواطنين في ممارسة التصويت الانتخابي الحر في إطار من الأمان والشفافية، كما يجهض فرصهم في تنفس الصعداء والتعبير عن الغضب والإحباط وتمثيل مطالباتهم للسلطة السياسية القائمة، التي تتعامل بكونها الوصية الدائمة أيضًا على البلاد.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا