Skip to content

السودان: “لجنة العدالة” ترحب بتمديد عمل لجنة تقصي الحقائق وتدعو لدعم جهودها لتحقيق العدالة والمساءلة

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “لجنة العدالة” إن لجان تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة تلعب دورًا محوريًا في توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتحديد المسؤولين عنها، وخاصة في مناطق النزاعات مثل السودان. وتعتبر هذه اللجان أداة أساسية في متابعة الجرائم والانتهاكات، حيث تجمع الأدلة والشهادات من الضحايا والشهود وتوثق الانتهاكات الممنهجة مثل القتل العشوائي، والتعذيب، والاعتداءات على المدنيين.

ومن خلال تقاريرها المستقلة والدقيقة، تساعد هذه اللجان في تقديم صورة واضحة عن الوضع على الأرض، ما يدعم جهود العدالة الانتقالية ويوفر الأساس لمحاسبة المسؤولين أمام القضاء الدولي. كما تساهم في دعم الضحايا نفسيًا وقانونيًا، وتعمل على وضع حد للإفلات من العقاب، ما يمهد الطريق لتحقيق العدالة في المستقبل القريب.

جاء ذلك عقب موافقة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، على قرار تمديد لجنة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، حيث صوت المجلس بأغلبية 23 صوتًا بالموافقة على قرار التمديد، في مقابل تصويت 12 صوتاً بالرفض، وامتناع 12 صوتًا، في الوقت الذي تشهد فيه السودان حالة من ازدياد العنف وتفاقم الانتهاكات الحقوقية.

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قرر في يوليو 2021، خلال دورته السابعة والأربعين، إنشاء لجنة تقصي الحقائق المستقلة بشأن السودان، استجابة لتدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد العنف في البلاد. جاء هذا القرار بعد تفاقم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل الجماعي، والتعذيب، والعنف الجنسي، واستهداف المدنيين في سياق النزاع بين القوات الحكومية وميليشيات مسلحة أخرى. كان الهدف الأساسي من إنشاء اللجنة هو التحقيق في هذه الجرائم وتوثيقها، وتحديد المسؤولين عنها، لضمان عدم إفلاتهم من العقاب، وتحقيق العدالة للضحايا المتضررين.

ومنذ إنشائها، لعبت اللجنة دورًا محوريًا في جمع الأدلة والشهادات من مختلف المناطق المتضررة في السودان، حيث قامت بإجراء تحقيقات مستقلة حول الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين. كما ركزت اللجنة على توثيق الجرائم التي تنتهك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات العشوائية على الأحياء السكنية، وجرائم العنف الجنسي ضد النساء والأطفال. وقدمت اللجنة تقارير دورية إلى مجلس حقوق الإنسان توضح فيها نتائج تحقيقاتها وتوصياتها بشأن كيفية التعامل مع هذه الجرائم، بما في ذلك تعزيز آليات العدالة الانتقالية وتقديم المساعدة للضحايا.

كما ساهمت التقارير التي قدمتها اللجنة في إلقاء الضوء على الجهات الفاعلة والمتورطة في ارتكاب الجرائم، مما ساعد في بناء أساس قوي للمساءلة الدولية. وقد دعت اللجنة في تقاريرها إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان حماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة للمتضررين، وتحقيق العدالة للضحايا من خلال تقديم المتورطين في الانتهاكات إلى العدالة الجنائية الدولية أو الوطنية. كانت هذه التقارير بمثابة مرجع هام للمجتمع الدولي لفهم حجم المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني والتحديات التي تواجه نظام العدالة في السودان.

وعلاوة على ذلك، أوصت اللجنة بضرورة إصلاح النظام القضائي السوداني لضمان توفير محاكمات عادلة للمسؤولين عن الانتهاكات، مشددة على أهمية توفير الدعم القانوني والنفسي للضحايا. وقد أشارت اللجنة في أحد تقاريرها إلى أن الانتهاكات الممنهجة وواسعة النطاق التي ترتكبها الأطراف المتصارعة لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تضافر الجهود الدولية والمحلية لدعم العدالة الانتقالية وتعزيز سيادة القانون.

وبفضل الدور الفعال الذي لعبته لجنة تقصي الحقائق في تسليط الضوء على هذه الجرائم، تمكن مجلس حقوق الإنسان من اتخاذ خطوات إضافية لضمان استمرار عمل اللجنة وتمديد تفويضها لمتابعة التطورات على الأرض. كان هذا التمديد ضروريًا لمواصلة جمع الأدلة الحيوية وتقديمها إلى المحاكم الدولية والهيئات الأممية المختصة، ما يعزز جهود المجتمع الدولي في وضع حد للإفلات من العقاب وضمان تحقيق العدالة في السودان.

وفي وقت سابق، شاركت “لجنة العدالة” في مناقشات مشروع القرار المتعلق بتمديد عمل “لجنة تقصي الحقائق” الخاصة بالسودان، داعية إلى ضرورة تعزيز الحماية والدعم للمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين العاملين في توثيق الانتهاكات على الأرض. وفي مداخلتها، أكدت اللجنة على أن الموارد المخصصة للدعوة السياسية كبيرة؛ في الوقت الذي تعاني جهود دعم المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين من نقص واضح. وتساءلت اللجنة عن الكيفية التي يمكن من خلالها للجنة تقصي الحقائق الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة إذا كانت المنظمات المحلية والمدافعون عن حقوق الإنسان غير قادرين على العمل بفعالية، مشددة على ضرورة تعزيز الفقرة PP 9 لضمان حماية قوية لهؤلاء الناشطين، ما يمكّنهم من مواصلة جهودهم الحيوية في السودان.

أيضًا؛ وقبل الموافقة على القرار، أدخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تعديلات هامة على نص المادة 21 من مشروع قرار لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالسودان، وذلك استجابة لتوصية تقدمت بها “لجنة العدالة” في وقت سابق، في إطار الجهود الدولية لضمان أن تكون التحقيقات الجارية في السودان متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.

وكانت المادة قبل التعديل تنص على: “نرحب بالالتزام المعلن من قبل السلطات السودانية بالتحقيق في الفظائع ومقاضاة المسؤولين عنها، حسب الاقتضاء، من خلال جهود وطنية مستقلة للمساءلة، للتحقيق في الجرائم والانتهاكات للقانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، وتحث على تنفيذ هذه الالتزامات”.

وتقدمت “لجنة العدالة” بتوصية تعالج الحاجة الملحة لضمان أن أي إجراءات تتخذها لجان التحقيق الداخلية في السودان تتفق تمامًا مع القانون الدولي، مقترحة أن يكون نص المادة كالتالي؛ “نرحب بالالتزام المعلن من قبل السلطات السودانية بالتحقيق في الفظائع ومقاضاة المسؤولين عنها من خلال آليات وطنية مستقلة للمساءلة، ونحث على التنفيذ الفوري لهذه الالتزامات. ونذكّر جميع الأطراف بأن أي إجراءات تقوم بها اللجان التحقيقية الوطنية يجب أن تتوافق تمامًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، لضمان أن تسهم هذه الجهود في عملية عدالة موثوقة وشفافة ومحايدة”.

وأعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء استمرار الانتهاكات التي وثقتها، سواء على مستوى مكتب المدعي العام أو النظام القضائي، ما جعل من الضروري تعزيز النص القانوني لضمان التزام السودان بالمعايير الدولية. وأشارت إلى أن الانتهاكات الأخيرة تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، في ظل تحركات الحكومة السودانية التي تنتهك معايير المحاكمات العادلة وتضعف من مصداقية النظام القضائي.

ولكل ما سبق؛ تبدي “لجنة العدالة” ترحيبها الواسع بموافقة مجلس حقوق الإنسان على قرار تمديد عمل لجنة تقصي الحقائق المستقلة بشأن السودان، مؤكدة على أن هذه الخطوة تعد محورية في مسار تحقيق العدالة وضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها البلاد.

كما تشدد اللجنة على أهمية توفير كل أشكال الدعم المادي واللوجستي والفني للجنة تقصي الحقائق، لضمان قدرتها على تنفيذ مهامها بكفاءة وفعالية. إن هذا الدعم يشمل تزويدها بالموارد اللازمة لجمع الأدلة والشهادات وتحليلها، وتمكينها من العمل على الأرض في بيئة آمنة.

كذلك تؤكد “لجنة العدالة” أن تمكين اللجنة من القيام بعملها سيسهم بشكل مباشر في محاسبة الأفراد والجهات المتورطة في ارتكاب الانتهاكات، ويضع حجر الأساس لإرساء نظام عدالة شامل في السودان، ما يمهد الطريق لتحقيق العدالة والمساءلة ويعزز الثقة في النظام القضائي على المستويين الوطني والدولي.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا