أصدرت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في تونس، فجر الجمعة 28 نوفمبر 2025، حكماً نهائياً فيما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”، التي أثارتها النيابة بطلب مباشر من السلطة السياسية ضد عشرات المعارضين وشخصيات أخرى مع تثبيت الطابع الثقيل للأحكام الابتدائية.
لا يختلف عاقلان حول التدخل السافر للسلطة التنفيذية في هذه المحاكمة السياسية منذ بداية الاعتقالات في فيفري 2023، إذ سبق لقيس سعيد أن أعلن إدانة المتهمين قبل أي إجراء تحقيقي رسمي، مشيراً إلى أن “من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بالإدانة لدى التاريخ قبل المحاكم”، كما كشف التدخل في المسار القضائي عن نفسه بتصريح “من سيبرأهم فهو شريك لهم”، مما يؤكد أن الحكم النهائي هو تنفيذ حرفي لقرار سياسي مسبق باسم “محكمة التاريخ” يهدف إلى تصفية المعارضة وتفريغ الساحة السياسية بغاية الاستفراد بالسلطة وإحكام السيطرة على الفضاء العام.
يأتي هذا الحكم في سياق يفتقر إلى أدنى شروط المحاكمة ومنها الحق في حضور المتهم في قاعة الجلسة بما أدى بالنهاية لصدور أحكام دون استنطاق المعتقلين السياسيين ولا ترافع المحامين في حقهم في الأصل سواء في الطور الابتدائي أو الاستئنافي. وذلك في مناخ ألحق فيه القضاء بشكل تام بالسلطة التنفيذية وأصبح مجرد أداة لها، خاصة بعد حل المجلس الأعلى للقضاء وإعفاء قضاة بأمر من رئيس الدولة، وهو ما أنتج بالنهاية وضعا مشوباٌ بالخوف والترهيب في صفوف القضاة خاصة في ظل حالة فراغ مؤسسي خطير بعد تعمّد شلّ المجلس المؤقت للقضاء وفسح المجال لوزيرة العدل للتحكم في المسارات المهنية للقضاة عبر مذكرات العمل، وكلّ ذلك مع استماتة السلطة في عدم تركيز المجلس الأعلى للقضاء الذي نصّ عليه قيس سعيد في دستوره.
تعبر المنظمات الموقعة أدناه عن تضامنها الكامل واللامشروط مع جميع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، معتبرةً أن قرار السراح الشرطي في حق المحامية والصحفية سنية الدهماني، والاكتفاء بالمدة السجنية المقضاة في حق رئيس المجلس التونسي للاجئين مصطفى الجمالي ومدير المشاريع عبد الرزاق الكريمي، ليست منّة من النظام، بل نتيجة تراكم النضالات وتنوعها وتقاطعها، لا سيما إضراب الجوع الذي يخوضه المعتقل السياسي جوهر بن مبارك، إلا أنها استُخدمت كغطاء للتعمية على الأحكام الثقيلة النهائية الصادرة في قضية “التآمر على أمن الدولة” وبغاية الاستفراد بمعارضين بعينهم وبهدف الإرباك وتشتيت الصفوف.
تعتبر أن هذه السلطة، التي لا تجد بديلاً عن فشلها المتعدد الأبعاد إلا اللجوء إلى الأحكام القضائية الثقيلة والترهيب والتضييق، متخفيةً وراء رواية تآمرية سمجة لم تعد تنطلي على عاقل، مما يؤكد عمق الأزمة السياسية والأخلاقية التي تعيشها.
إن أفضل ردّ على هذه الأحكام هو مواصلة النضال والتعبئة في الشارع لكسر حاجز الخوف، وتفكيك كل الأوهام التي تسعى السلطة لزرعها مع كل أزمة لكبح وكسر وتيرة النضال التي باتت تؤرقها.
المنظمات الموقعه:
- منظمة البوصلة
- الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
- المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
- بيتي
- حملة ضد تجريم العمل المدني
- أصوات نساء
- منظمة أنا يقظ
- المفكرة القانونية – تونس
- لجنة العدالة
- جمعية نوماد 08
- الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية
- جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات
- صوت النساء التونسيات السوداوات
- الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
- الجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات
- جمعية برسبكتيف العامل التونسي
- اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس
- فيدرالية التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين
- هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
- منظمة نحن الشباب
- مبادرة سلم



