Skip to content

مصر: بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب.. “لجنة العدالة” تدعو لتعديل التشريعات الوطنية لتتماشى مع التزامات مصر الخاصة باتفاقية مناهضة التعذيب

مدة القراءة: 4 دقائق

قالت “لجنة العدالة” إنه بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، تدعو السلطات المصرية إلى اتخاذ خطوات جادة للتصدي لظاهرة التعذيب المنهجي داخل مقار الاحتجاز. فالتعذيب ليس مجرد انتهاك لحقوق الأفراد؛ بل يشكل تهديدًا لأمن المجتمع ككل، حيث يرسخ مناخًا من الخوف ويضعف الثقة بين المواطنين والنظام، ما يمس بشرعيته على المستويين المحلي والدولي.

ويُحتفى باليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 يونيو/حزيران من كل عام، في إشارة إلى أهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي دخلت حيز التنفيذ عام 1987م، والتي تُعد أداة أساسية لمكافحة هذه الجريمة. وتعتمد الاتفاقية تعريفًا للتعذيب يشمل كل فعل يتسبب في ألم شديد، سواء كان جسديًا أو نفسيًا، يُمارس عمدًا لتحقيق أغراض كالانتزاع القسري للمعلومات أو العقاب أو التخويف، ويكون ذلك على يد موظف رسمي أو بتحريض منه.

وعلى الصعيد التشريعي؛ تنص المادة (52) من دستور 2014، على أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”، وأكدت المادة (99) على الحق في الادعاء المباشر بجرائم الاعتداء على الحقوق والحريات الشخصية، مع ضمان تعويض عادل للضحايا، لكن يقصر النص الجريمة على الأفعال التي ترتكب لانتزاع اعترافات فقط. هذا يعني أن العديد من أفعال التعذيب التي تُرتكب لأغراض أخرى، مثل العقاب أو الإذلال أو التمييز، قد لا تُعتبر جريمة وفقًا لهذا النص، ولا يوجد تعريف موحد أو شامل للتعذيب في التشريعات المصرية يتوافق مع المعايير الدولية.

كما أن الممارسات على أرض الواقع لا تزال بعيدة عن تحقيق هذه النصوص الدستورية، حيث تستمر الأجهزة الأمنية والعقابية في سياسات التعذيب المنهجي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، بما في ذلك مراكز الأمن الوطني التي يُحتجز فيها الأفراد لأيام أو حتى سنوات دون تحقيق، ما يعكس فجوة كبيرة بين الإطار القانوني والممارسات الفعلية.

ففي 16 مايو 2025، نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، تقرير متابعة حول مدى التزام مصر بتنفيذ التوصيات الصادرة في نوفمبر 2023، بعد استعراض تقريرها الدوري الخامس. وخلص التقرير إلى أن مصر لم تحقق أي تقدم ملموس في تنفيذ التوصيات الرئيسية الثلاث التي شملها التقرير، وهي؛ مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ، فرغم إنهاء حالة الطوارئ رسميًا في 2021، استمرت السلطات في العمل بقوانين تمنح أجهزة الأمن صلاحيات واسعة، مثل؛ قانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية.

وأشار التقرير كذلك إلى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد لم يعالج انتهاكات حقوق المتهمين؛ بل عمّقها، وذلك مع غياب أي تدابير جوهرية لمعالجة هذه الإشكالات. وظروف الاحتجاز؛ حيث تستمر معاناة السجناء بسبب الاكتظاظ وسوء أوضاع السجون، بما في ذلك نقص الغذاء والرعاية الصحية والتهوية.

وأبرز التقرير أيضًا الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي – خاصة في القضايا السياسية-؛ كأداة لإبقاء المعارضين دون محاكمة. كما استنكرت اللجنة التمييز في تطبيق قرارات العفو، حيث يُفرج غالبًا عن المدانين في قضايا جنائية، بينما يبقى المعتقلون السياسيون قيد الاحتجاز دون مبرر قانوني.

وعبّرت اللجنة عن قلقها إزاء توسيع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام ليشمل قضايا سياسية ومخدرات، بما يخالف المعايير الدولية التي تقتضي قصر العقوبة على أخطر الجرائم. لم تقم مصر بأي إصلاحات تشريعية لتقنين هذه العقوبة أو الانضمام إلى الجهود الدولية لإلغائها، وفي ختام التقرير، أعربت اللجنة عن أسفها لعدم تقديم السلطات المصرية أي خطط واضحة أو معلومات مفصلة بشأن تنفيذ التوصيات، ما يعكس غياب الإرادة السياسية للتعامل بجدية مع المخاوف الدولية، ويُضعف التزامها بمعايير حقوق الإنسان العالمية.

وخلال النصف الأول من العام 2025، فقط رصدت “لجنة العدالة” ثلاث وقائع وفاة لمحتجزين جراء التعذيب داخل مقار احتجاز مصرية، حيث توفى محمد حسن هلال (32 عامًا)، داخل مستشفى القصر العيني بالقاهرة، بعد نقله من سجن “بدر 3” في حالة صحية حرجة، وسط شكوك قوية حول تعرُّضه لتعذيب مُميت أو عملية تصفية جسدية ممنهجة داخل محبسه.

أيضًا من قسم الخليفة بالقاهرة، توفي المواطن محمود محمد أسعد، المعروف بـ ”محمود ميكا”، حيث أقر ذويه بوجود آثار واضحة للتعذيب على جسده، وجروح غائرة، وعلامات لضرب مبرح على الظهر أقرب لعلامات “الجلد بأداة تشبه الخرطوم”. هذا بالإضافة إلى آثار قيد خانق ومحكم حول الرقبة، وحول اليدين والقدمين، وكدمات وجروح في أنحاء متفرقة من الجسم، كما رصدت اللجنة وفاة المواطن عبد الرحمن محمد حسن داخل وحدة مباحث قسم شرطة السيدة زينب يوم الإثنين، 19 مايو/أيار 2025، بعد ساعات من احتجازه، وسط مؤشرات ترجح تعرضه للتعذيب الذي أفضى إلى وفاته.

تدعو “لجنة العدالة” السلطات المصرية إلى تعديل التشريعات الوطنية لتتماشى مع التزامات مصر الدولية، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية؛ والذي يتيح للخبراء الدوليين المستقلين إجراء زيارات دورية لأماكن الاحتجاز بهدف تقييم أوضاعها وتقديم توصيات لتحسينها.

كما تؤكد اللجنة ضرورة وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب من خلال اتخاذ إجراءات جادة لمحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب، وإجراء تحقيقات شفافة، مع ضمان فصل أي موظف عام تثبت إدانته بجريمة تعذيب ومنعه من العودة إلى العمل مستقبلاً.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا