قالت “لجنة العدالة” إنه في اليوم الدولي لنيلسون مانديلا؛ الذي أقرّته الأمم المتحدة تكريمًا لنضاله من أجل العدالة والحرية، نستحضر نضاله كمدافع مخلص عن حقوق الإنسان، وكمعتقل سياسي قضى 27 عامًا خلف القضبان لم يتخلَّ خلالها عن مبادئه.
ويُعدّ هذا اليوم فرصة لتسليط الضوء على أوضاع السجون في العالم، وضرورة تحويل أماكن الاحتجاز من بؤر للعنف والتعذيب إلى مؤسسات إصلاح وتأهيل تحترم الكرامة الإنسانية، وتم تعزيز اليوم بقواعد مانديلا أو القواعد النموذجية الأدنى لمعاملة السجناء التي تتكون من 122 قاعدة؛ تهدف لضمان التعامل مع السجناء المحتجزين في كل دول العالم بما يتناسب مع آدميتهم بغض النظر عما ارتكبوه من جُرم.
كما تنطلق تلك القواعد من القواعد العامة التي تنص على معاملة المحرومين من حريتهم بالاحترام الواجب لكرامتهم وقيمتهم المتأصِّلة كبشر، وعدم جواز تعذيبهم أو تعريضهم للمعاملة غير الانسانية، وحتى تنظيم المعيشة والحياة اليومية لهم، بما في ذلك؛ حقوقهم في الطعام والماء والنظافة وخلافه.
وفي هذا السياق؛ تبرز أوضاع السجون في مصر كمصدر قلق بالغ، في ظل ما يتواتر من تقارير عن ممارسات التعذيب وسوء المعاملة، والإهمال الطبي، والاكتظاظ، وظروف الاحتجاز غير الآدمية. فخلال الأيام الأخيرة من النصف الأول من العام 2025، شهد سجن بدر 3 في مصر، انتهاكات صارخة حيث يعيش المحتجزون السياسيون في عزلة تامة منذ سنوات، محرومين من الزيارة، والعلاج، والتريض، والتواصل الإنساني.
وتصاعدت المأساة مؤخرًا؛ بتسجيل ما لا يقل عن 15 محاولة انتحار في أقل من أسبوعين، كما تصاعدت حالات الوفاة التي رصدتها “لجنة العدالة” خلال تلك الفترة – النصف الأول من العام الجاري-، داخل السجون ومقار الاحتجاز، لـ 18 حالة وفاة، وذلك بعد رصدها 50 حالة وفاة خلال العام الماضي 2024.
وترى “لجنة العدالة” أن ما تشهده السجون ومقار الاحتجاز المصرية اليوم – وعلى رأسها سجن بدر 3-، يُعد انتهاكًا فجًا لقواعد مانديلا، وتراجعًا خطيرًا عن الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة المصرية بموجب المواثيق الحقوقية. ولا يمكن النظر إلى محاولات الانتحار الجماعية أو تزايد حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز إلا بوصفها نتيجة مباشرة لسياسات عقابية غير إنسانية تمارس بشكل منهجي، وتعكس غياب أي إرادة للإصلاح أو المساءلة.
وعليه؛ تدعو “لجنة العدالة” لفتح تحقيق شفاف ومستقل في الانتهاكات المرتكبة داخل سجن بدر 3، وسائر مقار الاحتجاز، مع تمكين المنظمات الحقوقية والجهات الدولية من زيارة السجون وتقييم أوضاع المحتجزين، ضمان الحقوق الأساسية للسجناء دون تمييز، لا سيما فيما يتعلق بالرعاية الصحية، والتواصل مع ذويهم، وحقهم في المحاكمة العادلة، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين على خلفية آرائهم أو نشاطهم السلمي.