أكمل المحامي بالنقض والمدافع عن حقوق الإنسان أحمد نظير الحلو ثلاثة أعوام كاملة خلف القضبان، في ظل استمرار حبسه الاحتياطي منذ اعتقاله في نوفمبر 2022 مما جعل استخدام النظام للحبس الاحتياطي بحقه كأداة للعقاب، دون صدور حكم قضائي أو وبتهم فضفاضة مثل نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية لا دليل عليها وهي اتهامات تُستخدم بشكل منهجي لاستهداف المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، تعرض خلالها للإخفاء القسري ووُجهت إليه اتهامات فضفاضة، كما يتعرض لإهمال طبي شديد .
أحمد نظير الحلو، والشهير بـ “أحمد الحلو”، محام بالنقض ومدافع عن حقوق الإنسان، ويعد من أحد أبرز المدافعين ومقدمي المساعدة القانونية عن عدد من المحبوسين على خلفية قضايا سياسية وقضايا رأي عام. وكانت مهمته الأولى والدائمة – على حد وصف أحد زملائه من المحامين-، تقديم المساعدة القانونية وحضور التحقيقات في نيابة أمن الدولة أو سجن بدر.
من المعروف عن “الحلو” أنه شخص هادئ الطباع، منظم، فقيه قانوني، وله مرافعات قانونية تدرس في عديد من القضايا التي يتم نظرها أمام دوائر محكمة جنايات الإرهاب التي تحترمه وتقدره أثناء قيامه بواجبات عمله ويبذل أقصى مجهود في عمله.
لم يسبق أن تم اعتقاله أو التحفظ عليه من أي جهة أمنية خلال سنوات عمله في مهنة المحاماة والدفاع عن حقوق الضحايا والمحتجزين. وكانت المرة الأولى في السابع من نوفمبر 2022، بعد عودته من أداء عمله بالنيابة استوقفته قوة أمنية أمام منزله بالتجمع الخامس شرق القاهرة بعد انتهاء عمله بحضوره أمام نيابة أمن الدولة العليا مدافعًا عن محبوسين احتياطيًا، وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة تزامنًا مع حملات أمنية موسعة بدأت بالتزامن مع دعوات التظاهر يوم 11 نوفمبر 2022، وكذلك بالتزامن مع اجتماع قادة العالم في قمة المناخ “كوب 27” التي استضفتها مدينة شرم الشيخ. وتعرض “الحلو” للإخفاء القسري لمدة 6 أيام بمقر الأمن الوطني، وأرسلت أسرته تلغرافات للنائب العام ووزير الداخلية لإجلاء مصيره.
وفي 13 نوفمبر 2022، باشرت نيابة أمن الدولة العليا، صباح الأحد الثالث عشر من نوفمبر، التحقيقات مع “الحلو” بعد إخفاء قسري دام 6 أيام، وقررت حبسه 15 يومًا على ذمة القضية رقم 1940 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا، ووجهت له النيابة تهم تتعلق ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
أعلن محامون حقوقيون مصريون أن القبض على “الحلو” جاء كجزء من الحملة الأمنية التي شنتها قوات الشرطة بالتزامن مع ظهور دعوات التظاهر في 11 نوفمبر، كما كشفت القوات قرار احتجاز صادر بحق “الحلو” من النيابة العامة. ودشن المحامون والنشطاء الحقوقيين عدد من الحملات لمطالبة النظام المصري بإجلاء مصير “الحلو” الذي تعرض للإخفاء القسري، وتم التدوين تحت وسم “أستاذ أحمد نظير فين”، وغيرها من الحملات.
وفي 9 نوفمبر 2022، دعت “لجنة العدالة” السلطات المصرية للكشف عن مصير “الحلو”، والإفراج عنه فورًا بلا قيد أو شرط، على اعتبار أن اعتقاله جاء نتيجة لعمله كمحام في المجال الحقوقي، ويتعلق كذلك بحقه في حرية الرأي والتعبير.
وفي 9 سبتمبر 2024، أعلنت أسرة “الحلو” تقدّم زوجته ببلاغ إلى النائب العام، محمد شوقي عياد، تشكو فيه من الإهمال الطبي الشديد الذي يتعرض له زوجها داخل مقر حبسه، مطالبة بإخلاء سبيله فورًا لتدهور حالته الصحية بشكل كبير وإصابته بالشلل وعدم قدرته على الحركة، مُحمّلة السلطات المصرية والنيابة العامة مسؤولية حياة زوجها. وذكرت في البلاغ، أن الحالة الصحية لزوجها تدهورت مؤخرًا جدًا وأصبحت سيئة للغاية، ووجدته غير قادر على الحركة وأصيب بالشلل نتيجة عدم خضوعه للعلاج وعدم تهيئة المكان الموجود فيه لتلقي علاج لمثل حالته، وذلك خلال آخر زيارة له في مقر حبسه.
وأضافت أنه يعاني من مشاكل في الغضروف تسببت في ضغط على الفقرات وتدهورت بشكل كبير يحتاج إلى جراحة منذ شهور لكن لم يتم إجراؤها، ما أدى إلى فقدانه القدرة على الوقوف أو المشي نهائيًا، كما يعاني من قرحه مزمنة في المعدة، وتنميل وقرح بأصابع القدمين نتيجة القدم السكري، وعدم تلقيه العلاج لكل هذه الأمراض، وطالبت في نهاية بلاغها بالإفراج الصحي عن زوجها، وإخضاعه للعلاج في مستشفى على نفقته الشخصية.
وفي 4 ديسمبر 2024، قررت نيابة أمن الدولة العليا إحالة المحام والمدافع عن حقوق الإنسان، أحمد نظير الحلو، للمحاكمة أمام دوائر محكمة الجنايات المنعقدة بمجمع محاكم بدر “دوائر الإرهاب”، على ذمة القضية رقم 1940 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا، والتي تضم 119 أخرين في هذه القضية، وتم إحالته محبوسًا على ذمة القضية.
وفي 22 ديسمبر 2024، أعربت “لجنة العدالة” عن رفضها القاطع للإجراءات التعسفية المتخذة بحق أحمد الحلو، مؤكدة أن هذه الممارسات تنتهك حقوقه الأساسية وتفاقم من حالته الصحية المتدهورة، وطالبت اللجنة بالإفراج الفوري عنه وتوفير العلاج الطبي اللازم له، بالإضافة إلى ضمان بيئة احتجاز تراعي المعايير الإنسانية والقانونية، مشددة على ضرورة إنهاء الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر، ومحملة السلطات المصرية مسؤولية تدهور حالته الصحية في ظل انعدام الرعاية الصحية تقريبًا داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر.
وتدين لجنة العدالة بأشد العبارات استمرار احتجاز المحامي بالنقض والمدافع عن حقوق الإنسان أحمد نظير الحلو منذ اعتقاله في نوفمبر 2022، والذي أكمل ثلاثة أعوام من الحبس الاحتياطي التعسفي، في مخالفة صارخة للدستور المصري والمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة.
إن استخدام الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب، وتجديده بشكل دوري دون محاكمة عادلة، يمثل انتهاكًا مباشرًا للمادة (54) من الدستور المصري التي تكفل الحق في الحرية الشخصية، وللمادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر الاعتقال التعسفي. كما أن استمرار احتجاز الحلو رغم تدهور حالته الصحية، وحرمانه من الرعاية الطبية اللازمة، يخالف القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) ويشكل خطرًا جسيمًا على حياته.
وتطالب لجنة العدالة السلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن أحمد نظير الحلو ووقف استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة فعلية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وضمان محاكمة عادلة له مع ضمان حصوله على الرعاية الطبية العاجلة وفقًا للمعايير الدولية.



