Skip to content

مصر: منظمات تحالف المادة 55 تحذر من موجات انتحار جماعية داخل سجن بدر 3 وتطالب بتحرك أممي ودولي لوقف الانتهاكات بداخله

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت منظمات تحالف المادة 55 إنه بداخل سجن بدر 3، في مصر، تُمارس أبشع أنواع الانتهاكات والجرائم الإنسانية بحق المحتجزين السياسيين بداخله، حيث يعانون منذ سنوات عدة من عزلة قاتلة وظروف اعتقال لا إنسانية، بما فيها حرمانهم من الزيارة والتريض والعلاج والاختلاط بالبشر، وصل الحال لبعضهم لأكثر من 10 سنوات داخل هذه العزلة التامة.

وتفاقمت الأوضاع بشكل خطير خلال الأيام الماضية، مع تسجيل 15 محاولة انتحار خلال أقل من أسبوعين، آخرها ثلاث محاولات يوم 4 يوليو/ تموز الجاري، حين حاول الدكتور عبد الرحيم محمد، استشاري القلب، ذبح نفسه أمام كاميرات المراقبة، فيما حاول رضا أبو الغيط، قطع شرايينه بأسنانه. كذلك حاول الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور عبد الله شحاتة، شنق نفسه، وكل هذه الوقائع ليست وقائع منفردة؛ بل هي بمثابة صرخة استغاثة جماعية من داخل سجن تحول إلى محرقة للحياة والكرامة.

وسجن بدر 3؛ يقع في منطقة نائية داخل مجمع سجون بدر شرق محافظة الجيزة بمصر، ويُعتبر أحد أكثر أماكن الاحتجاز انعزالاً وقسوة في البلاد. ويتكون السجن من غرف ضيقة للغاية؛ تفتقر لأبسط معايير الحياة الكريمة، ولا تتسم بأي مقومات لإقامة بشرية آدمية. لم يتم تصميم هذا السجن ليكون مكانًا للحبس العادي؛ بل لتجريم الوجود نفسه، حيث يُحرم المحتجزون فيه تمامًا من التواصل مع العالم الخارجي دون زيارات أو اتصالات، ودون حتى رؤية الشمس أو التنفس بحرية.

ووظيفة سجن بدر 3 في المشهد الأمني المصري لا تتعلق فقط باحتجاز المحتجزين السياسيين؛ بل بإخضاعهم لنظام تنكيلي ممنهج يهدف إلى كسر إرادتهم، حيث لا يُسمح لهم بتلقي أي زيارات، ولا التريض، ولا التعليم، ولا حتى الرعاية الطبية المناسبة، رغم أن غالبية المعتقلين يعانون من أمراض مزمنة، ومعظمهم تجاوز سن الـ 65 عامًا. وفي ظل هذه الظروف؛ أصبح السجن مصيدة موت بطيء، تتحول فيها الأمراض إلى أحكام إعدام غير معلنة، وتُحوَّل فيها المحاولات الانتحارية إلى وسائل وحيدة للتعبير عن الألم والرفض.

وكان عدد من المحتجزين السياسيين في سجن بدر 3، بدأوا إضرابًا مفتوحًا عن الطعام منذ 20 يونيو/ حزيران الماضي؛ احتجاجًا على استمرار العزلة والحرمان الذي يعيشونه، ورفضًا لتجاهل مطالبهم الإنسانية الأساسية التي تشمل السماح لهم بالتريض، واستقبال الزيارات، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة، ووقف سياسة الإهمال المتعمد من قبل إدارة السجن.

ومن أبرز المضربين، هم؛ الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور عبد الرحمن البر، والمحام أسامة مرسي، والوزير السابق خالد الأزهري، والأستاذ أمين الصيرفي، والمهندس أسعد الشيخة، والأستاذ يسري عنبر، والمهندس عمرو زكي، والأستاذ صبحي صالح، وتركزت مطالباتهم حول وقف التعذيب النفسي والجسدي، وتحسين ظروف الاحتجاز، واحترام حقوق الإنسان.

وفي ظل هذا الإضراب؛ تزايدت حالات الإغماء وغيبوبة السكر بين المعتقلين، خاصة مع تقدم أعمارهم وضعف مناعتهم، ونقص الغذاء والدواء، وغياب أي تدخل طبي حقيقي. ففي جلسة مثيرة للجدل عقدت يوم السبت الموافق 5 يوليو/ تموز، أمام القاض محمد السعيد الشربيني، ضمن القضية رقم 2121 لسنة 2021، طالب بعض المحتجزين مثل؛ الأستاذ خالد الأزهري والدكتور حسن البرنس، بإثبات حالاتهم الصحية وإجراء قياسات ضغط الدم والسكر؛ لكن القاض تجاهل تلك الطلبات، وأصر على تجديد الحبس دون النظر إلى الوضع الصحي المتأزم، في موقف يعكس عدم اكتراث المؤسسة القضائية بمعاناة هؤلاء المحتجزين.

كذلك لم تبد إدارة السجن؛ برئاسة ضابط الأمن الوطني مروان حماد، أي تعاطف مع مطالب المحتجزين أو معاناتهم؛ بل ردت على احتجاجاتهم بالتجاهل والسخرية، إذ قال المسؤولون إن “لا أحد يذكرهم أو يكترث بهم خارج السجن”! وهذا الخطاب الرسمي يعكس سياسة ممنهجة تتبناها السلطات المصرية تجاه المحتجزين السياسيين، وخاصة في أماكن مثل سجن بدر 3، حيث يُعاملون كأنهم خارج التاريخ والذاكرة.

وترى منظمات تحالف المادة 55 إنه في ظل كل تلك الأخبار المتواترة حول كل تلك الفظائع والانتهاكات، لم يعد سجن بدر 3 مكانًا للاحتجاز فحسب؛ بل تحول إلى مركز لانتهاكات متواصلة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، تشمل؛ التعذيب النفسي، الإهمال الطبي المتعمد، العزلة القاتلة والمنع المطلق من الحقوق الإنسانية الأساسية. وكل هذه الممارسات تتنافي مع مواد الدستور المصري، ومع المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة المصرية، وخصوصًا اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وغيرها من المعاهدات التي تحمي حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز.

وتشدد المنظمات على أن الصمت المحلي والدولي أمام ما يجري في سجن بدر 3 ليس مجرد تقاعس؛ ولكن هو بمثابة تشجيع غير مباشر على استمرار هذه الانتهاكات، وربما تكليف خفي لإدارة السجن بمواصلة السياسة التنكيلية. وتحذر منظمات التحالف من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة، سواء من خلال وفاة أحد المعتقلين نتيجة الإهمال الطبي أو بسبب تنفيذ محاولة انتحار جماعية، وهو أمر قد يكون قريبًا إذا استمر هذا التجاهل الأممي والدولي.

وعليه؛ تدين منظمات تحالف المادة 55 بشدة هذه الانتهاكات المنظمة التي تمارسها السلطات المصرية ضد المحتجزين السياسيين بسجن بدر 3، وتحملها المسؤولية الكاملة عن حياتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية. كما تطالب منظمات التحالف الجهات المحلية المسؤولة – وعلى رأسها وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني، والنائب العام-، بفتح تحقيق فوري ومستقل في ظروف الاحتجاز داخل السجن، ونقل المرضى منهم إلى مستشفيات مدنية، والسماح بزيارات عائلية فورية ومنتظمة، وتوفير الرعاية الطبية الملائمة، ووقف سياسة العزلة القاتلة.

كما توجه منظمات التحالف نداءً عاجلاً إلى الآليات الأممية والدولية للتحرك الفوري والضغط على السلطات المصرية لوقف الانتهاكات المستمرة داخل سجن بدر 3، وزيارة المعتقلين فورًا، والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي تم توثيقها. فلا يمكن لعالمٍ يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان أن يبقى صامتًا أمام ما يحدث في سجون النظام المصري، وأن يُترك المحتجزون سياسيًا يموتون بصمت خلف القضبان.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا