أصدرت “لجنة العدالة” تقريرها الدوري الذي يرصد التطورات المتعلقة بالعدالة العمالية خلال شهري يناير وفبراير 2025، ويأتي هذا التقرير في وقت تشهد فيه الساحة العمالية تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الاحتجاجات والمطالب العمالية، وسط استمرار الانتهاكات والتحديات التي تواجه العمال في مختلف القطاعات.
وشهدت الفترة التي يغطيها التقرير إعلان الحكومة عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه شهريًا بدءًا من يوليو 2025، وذلك ضمن حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين. كما أعلن صندوق النقد الدولي عن صرف تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار لدعم برنامج الصلابة والاستدامة في مصر؛ إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع استمرار ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العمال والمواطنون.
أما على الصعيد التشريعي؛ فقد استمرت مناقشات البرلمان حول مشروع قانون العمل الجديد، وسط تحفظات وانتقادات من قبل النقابات والمنظمات العمالية التي طالبت بإدخال تعديلات جوهرية على المشروع لضمان حماية حقوق العمال وتحسين ظروف عملهم.
وعلى صعيد الاحتجاجات العمالية، سجل التقرير موجة واسعة من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية في مختلف المحافظات، حيث نظم عمال قطاعات متعددة تحركاتهم للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والمهنية. وشملت هذه الاحتجاجات عمال محطات المياه والصرف الصحي في الإسكندرية، عمال الشركة التركية للملابس في العبور، عمال شركة “اينوفا” للسيراميك في الفيوم، بالإضافة إلى إضراب أكثر من 20 ألف عامل في شركة “النساجون الشرقيون”.
ولكن هذه المطالب المشروعة قوبلت بقمع أمني وملاحقات قضائية، حيث تم اعتقال عشرات العمال على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات. كما تعرض العديد منهم للفصل التعسفي وحرمانهم من حقوقهم المالية، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حق التنظيم النقابي والتعبير السلمي عن المطالب.
وفي إطار متصل؛ كشف التقرير عن استمرار إهمال معايير السلامة والصحة المهنية في العديد من المنشآت الصناعية، ما أدى إلى وقوع حوادث عمل مأساوية كان أبرزها؛ حادث انفجار محطة الكهرباء في مصنع المحلة للغزل والنسيج، الذي أسفر عن وفاة ثلاثة عمال وإصابة آخرين بجروح خطيرة.
وتكشف كل هذه الوقائع عن تصاعد الأزمات التي تواجه العمال في مصر في ظل ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة. تشير الانتهاكات المستمرة، سواء عبر الإضرابات أو الملاحقات الأمنية أو الفصل التعسفي، إلى حاجة ملحة لإصلاحات جذرية تشمل حماية حقوق العمال، تحسين ظروف العمل، وضمان احترام القوانين المنظمة لسوق العمل. في ظل غياب استجابة حقيقية لهذه المطالب، تتزايد مخاطر تدهور الاستقرار الاجتماعي وتفاقم الغضب الشعبي.