نطالب مجلس حقوق الإنسان بالتدخل العاجل
تطالب كوميتي فور چستس المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات وتفعيل الآليات المستقلة لفتح تحقيق فوري في وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، نتيجة الإهمال الطبي الجسيم خلال فترة احتجازه الانفرادية منذ يوليو/ تموز 2013.
وتعرب كوميتي عن قلقها العميق إزاء مصير الآلاف من المعتقلين تعسفيا بسجون مصر وذلك وفق ما وثقناه من سياسيات ممنهجة للقتل البطيء عبر الإهمال الطبي المتعمد الذي طال العديد من السجناء في مصر خاصة المحتجزين على ذمة قضايا سياسية منذ 2013 وحتى اليوم.
لقد حذرنا والكثيرون معنا من مغبة استمرار السلطات المصرية في إجراءات القتل البطيء للمعتقلين تعسفيا عبر الإهمال الطبي والقتل بالامتناع عن تقديم الرعاية الطبية والصحية الملائمة والحبس في الزنازين الانفرادية والتعذيب النفسي والبدني، ما أدي إلى وفاة ما لا يقل عن 900 معتقلا ومحتجز وفق رصد في الفترة من يونيو/ حزيران 2013 ومايو/ أيار 2019.
وطبقا للمعلومات الموثقة لدينا عن الحالة الصحية للرئيس الأسبق محمد مرسي فإننا إزاء جريمة قتل خارج إطار القانون مارست فيها السلطات المصرية إجراءات انتقامية واضحة عبر الحبس الانفرادي والعزل عن العالم الخارجي والامتناع عن تقديم الدواء والعلاج اللازم وغياب التحقيق العادل في اتهاماته المتكررة وأسرته للسلطات بمحاولة قتله مع سبق الإصرار والترصد وفق ما ذكره في جلسات المحاكمات.
وتحدث مرسي إلى المحكمة في العديد من الجلسات وآخرها يوم 17 يونيو/ حزيران 2019 قبل وفاته بدقائق وقال أنه تمّ منع العلاج عنه، وأنه يتعرض للموت المتعمد من قبل السلطات المصرية، وتتدهور حالته الصحية، وأنه تعرض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة، من دون علاج أو إسعاف، وطلب من المحكمة السماح بمقابلة الدفاع عنه الذي لم يلتقيه منذ ثلاث سنوات ، وقد تعاملت المحكمة مع طلبه هذا بتعسف شديد بأن قامت بنهره وبإغلاق الصوت عنه ومنعه من مواصلة الحديث، وما لبث دقائق حتى سقط على الأرض ولفظ بعدها أنفاسه الأخيرة.
ولذلك فإننا ندق ناقوس الخطر بحق العديد من المحبوسين والذين يعانون من اهمال طبي جسيم قد ُيودي بحياتهم على غرار ما حدث مع مرسي، خاصة أن المعلومات التي لدينا حول الحالة الصحية للمرشح الرئاسي الأسبق ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح والمئات من أمثال حالته الصحية المتردية التي دفعته إلى استخدام 14 نوعا من الدواء تدعونا إلى وضع الجميع أمام مسئولياته القانونية والإنسانية أمام الألاف من المعتقلين السياسيين رهن القتل البطيء.
إن الإهمال الطبي الذي يلاحق أبو الفتوح ورئيس نادي قضاة الإسكندرية الأسبق المستشار محمود الخضيري ووزير التنمية المحلية الأسبق محمد على بشر والقيادي بحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي والناشط السياسي أحمد دومة ورئيس مجلس الشعب الأسبق سعد الكتاتني ورئيس لجنة الإسكان ببرلمان 2012 إبراهيم أبو عوف والقيادي بجماعة الإخوان عيد دحروج وعضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق مجدي حسين والناشط الحقوقي إبراهيم متولي وعضو الفريق الرئاسي في عام 2012 عصام الحداد ونجله جهاد، وآلاف الحالات في مختلف سجون مصر، تدعونا للتحرك قبل فوات الآوان.
يقول المدير التنفيذي لـ ” كوميتي فور چستس” أحمد مفرح:” معلوماتنا تؤكد أن قطاع السجون بمصر لديه تعليمات من وزير الداخلية اللواء محمود توفيق -الذي كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله المنصب الحالي- بعدم الاستجابة نهائيا لمطالب أي من قيادات المعارضة المصرية -الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة – بالعلاج داخل مستشفى السجن أو على نفقتهم الخاصة في مستشفيات خارجه، علاوة على منع إدخال الأدوية لهم من خلال ذويهم”.
وتنص القاعدة 24 من قواعد مانديلا (قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء) على أن توفير الرعاية الصحية للسجناء هو مسؤولية الدولة، وأنه يجب أن يتمتع السجناء بنفس معايير الرعاية الصحية المتوفرة في المجتمع ، ويجب أن يحصلوا على خدمات الرعاية الصحية الضرورية مجانًا دون تمييز على أساس وضعهم القانوني.
كما تنص المادة 27 من مانديلا على أن جميع السجون تضمن الوصول الفوري إلى الرعاية الطبية في الحالات العاجلة وأن يتم نقل السجناء الذين يحتاجون إلى علاج أو جراحة متخصصة إلى مؤسسات متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية.
وأوجب الدستور المصري معاملة المسجون المعاملة اللائقة التي تحفظ عليه كرامته وتكفل دفع الأذى المادي والمعنوي عنه، وأكد على أنه لا يكون حجزه ولا حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانياً وصحياً، كما أكد على حق كل مواطن في الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة، وجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، كما وضع القانون المصري اشتراطات صحية وغذائية لكفالة الرعاية الصحية للمسجونين، كما وضع سياج من الواجبات تقع على عاتق طبيب السجن، وهو ما لم يتم مراعاته والالتزام به في التعاطي مع الواقع الأليم والإهمال الطبي الشديد للمحتجزين في السجون المصرية.
إننا ندشن حملة “أوقفوا القتل البطيء ” في سجون مصر، كصرخة حقوقية جديدة، تدعو خلال أسابيع ممتدة إلى تصفير السجون المصرية بخطوات تبدأ بالإفراج الصحي الفوري عن كبار السن والحالات المرضية المتدهورة.
كوميتي فور چستس تطالب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بتبني الحملة والتدخل العاجل لحل الأزمة الحقوقية المتصاعدة في السجون المصرية في ظل غلق السلطات المصرية لكافة مسارات الحوار والتمكين القانوني والتصحيح الفوري لما يحدث.