قالت “لجنة العدالة” و”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان”، إن السلطات في مصر أدمنت التعامل الأمني مع كافة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تقابلها، ما أسفر عن وجود الآلاف من المعتقلين تعسفيًا، وهو ما يدفع على التحرك الفوري والسريع للتصدي لتلك الظاهرة الممنهجة التي انتشرت في مصر بعد أحداث 2013. جاء ذلك بعد نجاح المنظمتان في استصدار رأي من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، حول حالات اعتقال لـ10 مواطنين مصريين، تم اعتقالهم وإخفائهم قسريًا لسنوات/ مدد طويلة.
وأكد الفريق الأممي العامل في رأيه الصادر بتاريخ 27 سبتمبر/ أيلول 2023، على أن “هناك نمطًا في مصر تقوم بموجبه السلطات بإعادة سجن الأفراد الذين تعرضوا للاختفاء القسري أو الذين تم احتجازهم بشكل مستمر بتهم ملفقة في قضايا سياسية، لإبقائهم محتجزين إلى أجل غير مسمى، ويتعرضون خلال فترة الاختفاء تلك للتعذيب”.
وكانت “لجنة العدالة” و”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” قدمتا معلومات للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، حول 10 حالات لمواطنين مصريين تعرضوا للاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لمدد طويلة، وتلك الحالات هي..
– حالة المواطن إسلام ناصر عبد النبي عبد المنعم:
وهو مواطن مصري، ولد في 6 سبتمبر 1990، ويقيم عادة في كرداسة، محافظة الجيزة، مصر، وكان محاسبًا في شركة مستلزمات طبية، وتم اعتقاله يوم 24 سبتمبر 2019 أثناء عودته من العمل بالقرب من مستشفى القصر العيني بالقاهرة، وتم إخفاؤه حتى يوم 9 أبريل 2020، حيث تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي.
– حالة أنس حسن أحمد شفيق محمد أبو زكري:
وهو مصري الجنسية، من مواليد 6 فبراير/ شباط 1995، وهو طالب جامعي. ويقيم عادة في عين شمس، محافظة القاهرة، مصر. اعتقل في 25 سبتمبر 2017، في شارع ماهر بدوي في عين شمس، محافظة القاهرة. تعرض للاختفاء القسري حتى تم عرضه في نوفمبر 2017، على النيابة، وتعرض للاختفاء القسري مرة أخرى من مارس إلى يوليو 2020.
– حالة عبد الرحمن أسامة محمد العقيد:
وهو مصري الجنسية، من مواليد 2 مارس 1987. عمل في مكتب تسويق عقاري، ويقيم عادة في فاقوس بمحافظة الشرقية بمصر، واعتقل في 23 فبراير 2014، حينما ذهب للإبلاغ عن انتهاكات إدارة السجن لحقوق أحد أقاربه المحتجزين في السجن، وتم إخفاؤه حتى 24 أبريل 2014 مع تعرضه للتعذيب، ثم نُقل
إلى سجن طرة شديد الحراسة واحتُجز لمدة ثلاث سنوات، وبعد أن أمرت المحكمة بالإفراج عنه، تم نقله إلى مركز شرطة الخليفة حيث تم احتجازه لمدة شهرين ليتم إعادة تدويره على قضية أخرى.
– حالة مصطفى أحمد علي شعبان:
وهو مواطن مصري، وكان عمره 31 عامًا وقت القبض عليه، وهو مهندس، ويقيم عادة في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة بمصر، واعتقل في 24 أغسطس 2019، من منزل أحد أقاربه، وتعرض للاختفاء القسري لمدة 3 سنوات حيث تم تعذيبه بشدة.
– حالتا محمد نصر عبد الحميد إبراهيم ومحمد عزت طه عمران:
محمد نصر عبد الحميد إبراهيم، مصري الجنسية، وكان عمره 28 عامًا وقت القبض عليه، ويعمل مهندسًا. ومحمد عزت طه عمران، وهو مواطن مصري وكان عمره 23 عامًا وقت القبض عليه، ويقيم عادة في الحي الخامس، مدينة السادس من أكتوبر، محافظة الجيزة، مصر. واعتقلا في 25 أغسطس 2019، في مارينا جاردنز بمدينة الساحل الشمالي، وتعرضوا للاختفاء القسري لأكثر من ثلاث سنوات حيث كانا محتجزين في مقر جهاز الأمن الوطني بمدينة الشيخ زايد.
– حالة جهاد عايد سليمان عياد:
وهو مواطن مصري وكان يبلغ من العمر 22 عامًا وقت القبض عليه، ويعمل مزارعًا، ويقيم عادة في مدينة الشيخ زويد، محافظة شمال سيناء، مصر. واعتقل في يونيو 2021، في مدينة القنطرة بمحافظة الإسماعيلية، أثناء زيارته لأحد أقاربه. وتم إخفاؤه قسرًا لأكثر من عام حتى تم عرضه على النيابة في 5 فبراير 2023.
– حالة محمد صلاح أحمد بيومي:
مواطن مصري، وكان عمره 33 عامًا وقت القبض عليه، وهو بائع ويقيم عادة في منطقة العجوزة، محافظة الجيزة، مصر. واعتقل في 3 يناير 2020، في منزله في منطقة العجوزة بالجيزة، وتعرض للاختفاء القسري لمدة ثلاث سنوات بإحدى مقرات الأمن الوطني، حتى عرض في 31 يناير 2023، على نيابة أمن الدولة العليا والتي تجاهلت اختفاءه القسري.
– حالة أحمد يسري ربيع عبد الغني:
هو مواطن مصري، وكان يبلغ من العمر 35 عامًا وقت القبض عليه، واعتاد أن يكون تاجرًا، ويقيم عادة في محافظة أسوان بمصر، واعتقل في 16 ديسمبر 2019، وتم إخفاؤه قسريًا لمدة 3 سنوات بمقر الأمن الوطني بأسوان.
– حالة جهاد عبد الخالق عودة سعيد:
مصري الجنسية، من مواليد 14 يونيو 1989، وهو مزارع، ويقيم عادة في القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية مصر، واعتقل في 10 ديسمبر 2018.
وبناءً على تلك المعلومات التي قدمتها “لجنة العدالة” و”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان”، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة رأيه الذي رأى فيه أن الأفراد العشرة جميعهم محرومون من الحق في الطعن في شرعية احتجازهم، وهو ما يشكل انتهاك للمادة 9 (4) من العهد، كما رأى الفريق أن اعتقال الأشخاص العشرة واحتجازهم احتياطيًا يتعارض مع المادتين 3 و9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 9 من العهد، والمبادئ 11 و37 و38 من العهد، وبًناءً على ذلك أقر الفريق العامل أن اعتقال جميع الأفراد العشرة واحتجازهم لاحقًا هو إجراء تعسفي في إطار الفئة الأولى.
كما خلص الفريق العامل كذلك إلى أن انتهاكات حق الأفراد العشرة في محاكمة عادلة وفي الإجراءات القانونية الواجبة بلغت من الخطورة حدًا يضفي على حرمانهم من الحرية طابعًا تعسفيًا في إطار الفئة الثالثة أيضًا.
وفي ختام رأيه، أشار الفريق العامل إلى أن هذا الرأي ليس سوى رأي واحد من آراء عديدة صدرت في السنوات الأخيرة والتي وجد فيها أن السلطات المصرية تنتهك التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. وأنه يشعر بالقلق لوجود مشكلة منهجية تتعلق بالاحتجاز التعسفي في مصر، والذي إذا استمر فقد يرقى إلى مستوى انتهاك خطير للقانون الدولي.
من ناحيتهما، تثمن “لجنة العدالة” و”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” الرأي الصادر عن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة حول الحالات العشرة التي تقدمتا بهم، وتعتبر أن تلك خطوة أولى نحو إنصاف أولئك الذين وقع عليهم الظلم والاحتجاز التعسفي، وأن العدالة لهؤلاء الضحايا ستكمل بمتابعة الضغط الأممي على السلطات المصرية للإفراج عنهم وكل المحتجزين تعسفيًا في مصر.
كما تدعو المنظمتان السلطات في مصر للتعاطي مع الآراء الصادرة عن الفرق الأممية العاملة والمقررين الخواص، وعدم تجاهلها، والكف عن انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، وفتح الفضاء المدني في البلاد، واحترام المواثيق والعهود الدولية الموقعة عليها.