قالت “لجنة العدالة” إنه رغم الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري بسبب سياسة الاقتراض التي توسعت فيها السلطات هناك، إلا أن القطاع الخاص يعاني من التضييق عليه بدلاً من العمل على إنعاشه وتنميته، حيث تعرضت العديد من الشركات المملوكة لرجال أعمال مصريين لحملات ترهيب باستخدام قوانين الإرهاب لتبرير تجميد أصولها ومصادرتها بحجة انتمائهم لكيانات إرهابية.
وسعيًا لرفع الظلم عن الضحايا، تقدمت المؤسسة بشكوى إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، بخصوص حالتي رجلي الأعمال صفوان أحمد حسن ثابت مواطن، من مواليد عام 1946، وهو مؤسس شركة “جهينة” للصناعات الغذائية. ونجله سيف الدين صفوان أحمد ثابت، من مواليد 1981، ويعد المدير التنفيذي بذات الشركة، ويمتلكان أكبر منتج لمنتجات الألبان والعصائر في مصر، شركة جهينة للصناعات الغذائية، التي تأسست عام 1983، ويبلغ رأسمالها حاليًا حوالي مليار جنيه مصري (63.9 مليون دولار أمريكي).
وجاء في الشكوى المقدمة، إنه في أغسطس/ آب 2015، قامت لجنة تقييم الأصول المالية للإخوان المسلمين، بتجميد الأصول الشخصية للسيد “صفوان ثابت”، لكنها استبعدت أصول شركة “جهينة”، وادعت اللجنة أن “ثابت” كان عضوًا نشطًا في جماعة “الإخوان المسلمين”، ولم يكن مجرد مؤيد لها.
وفي فبراير/ شباط 2016، مع عدم وجود جلسة استماع في المحكمة أو توجيه أي اتهامات رسمية، ورد أن اللجنة جمدت 7.2 في المائة من أسهم “جهينة”، حيث لم تستطع الحكومة مصادرة جميع أصول “جهينة” لأن السيد صفوان ثابت كان يمتلك غالبية أسهمه من خلال شركة Pharaoh Investments Limited، وهي صندوق تأسس في الخارج تمتلك عائلة السيد صفوان ثابت غالبية أسهمه، وأن كل هذا حدث بالتزامن مع إعلان الدولة عن إنشاء شركة منافسة لـ”جهينة”.
قُبض على السيد “ثابت” للمرة الأولى، في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020، عندما اقتحم 50 شرطيًا مسلحًا يقودهم ضابط من جهاز الأمن الوطني منزله في القاهرة، دون مذكرة توقيف، وظل مختفيًا قسريًا حتى 6 ديسمبر/ كانون الأول 2020، عندما مثل أمام نيابة أمن الدولة العليا، بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها بناءً على مذكرة تحريات قدمها الأمن الوطني، ولم يُسمح له ولا محاميه بالاطلاع عليها، وأمرت النيابة بحبسه على ذمة المحاكمة.
منذ حبسه احتجز السيد “ثابت” في الحبس الانفرادي بسجن مزرعة طرة، وكذلك بعض نقله لسجن بدر في أغسطس/ آب 2022، كما تم منعه من الزيارات، ورغم أنه يعاني من قرحة في المعدة، وارتفاع نسبة الكوليسترول، ودهون في الكبد، واستبدال ركبتيه وإصابات في الكتف، فمنذ اعتقاله، رفضت إدارة السجن تسليمه الأدوية بانتظام أو توفير الرعاية الطبية المناسبة له. وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول 2022، تجاوز الحبس الاحتياطي له الحد القانوني المسموح به وهو عامين، ولكن لم يصدر أمر بالإفراج عنه، ولم يتم تقديم أي دليل يستدعي الإحالة إلى المحاكمة.
أما السيد “سيف الدين ثابت”، فقد تم استدعائه في 31 يناير/ كانون الثاني 2021، لمقر جهاز الأمن الوطني في مدينة نصر بالقاهرة، ولم يسمح له بإحضار محام، حيث أمره مسؤولون من الأمن والمخابرات بتسليم كامل حصص العائلة من شركة “جهينة”، لكنه رفض. وتم استدعائه مرة أخرى في 2 فبراير/ شباط، حيث تعرض للإخفاء القسري حتى 6 فبراير/ شباط، حيث عرض على نيابة أمن الدولة العليا بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، وتم حبسه بسجن “العقرب” سيء السمعة، حيث لا زيارات ولا مأكل ولا مشرب وحبس انفرادي مستمر.
وعقب فحص الشكوى المقدمة من “لجنة العدالة”، أكد الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، أنه رغم ردود السلطات المصرية بأن السيدين صفوان وسيف ثابت، محتجزان على ذمة قضية فعلية تخص أمن الدولة العليا، وأنهما وضعها على قائمة الإرهاب وفقًا لحكم قضائي، وأن العلامات الحيوية لصحتيهما جيدة، وتلقيا زيارات عائلية، إلا أن مجرد تأكيدات السلطات المصرية على اتباع الإجراءات القانونية لا يكفي لدحض ادعاءات المصدر بشأن انتهاك القانون الدولي الذي يشكل احتجازًا تعسفيًا.
كما لاحظ الفريق العامل أن السيدين صفوان وسيف ثابت، اعتقلا بدون أمر قضائي، ثم تعرضا للاختفاء القسري لمدة أربعة أيام، وعندها فقط تم إخطارهما بالتهم الموجهة إليهما عندما عُرضا على نيابة أمن الدولة العليا، في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2020، وهو ما يمثل انتهاك للمادة 9 (2) من العهد.
وشدد الفريق العامل كذلك على وضع السيدين صفوان وسيف ثابت، رهن الحبس الاحتياطي لما يزيد عن ثلاث سنوات وسنتين على التوالي، مشيرًا إلى أن من القواعد الراسخة في القانون الدولي أن يكون الحبس الاحتياطي هو الاستثناء وليس القاعدة، فرأى الفريق أن الحبس الاحتياطي للسيدين صفوان وسيف ثابت، يفتقر إلى أساس قانوني؛ لأنه لم يستند إلى قرار فردي بأنه كانت معقولة وضرورية مع مراعاة جميع الظروف للأغراض المحددة في القانون لمنع الهروب أو التدخل في الأدلة أو تكرار الجريمة.
ورأى الفريق العامل لكل ما سبق، أن توقيف السيدين صفوان وسيف ثابت، واحتجازهما لاحقًا، يفتقران إلى الأساس القانوني، وبالتالي كانا تعسفيين في إطار الفئة الأولى. كذلك رأى الفريق العامل أن انتهاكات حقوق السيد صفوان وسيف ثابت، في محاكمة عادلة كانت من الخطورة بحيث جعلت احتجازهما تعسفيًا بموجب الفئة الثالثة أيضًا.
وطالب الفريق العامل السلطات المصرية باتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضع السيد صفوان وسيف ثابت، دون تأخير، وجعله متوافقًا مع المعايير الدولية ذات الصلة، ومع مراعاة جميع ملابسات القضية، فإن الانتصاف المناسب هو إطلاق سراحهما، ومنحهما حقًا واجب الإنفاذ في الحصول على تعويض.
كما حث الفريق العامل السلطات في مصر على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية للسيد صفوان وسيف ثابت، واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقهما.