بانجول، غامبيا — اعتمد منتدى المنظمات غير الحكومية المعني بمشاركة المنظمات غير الحكومية في الدورة العادية الخامسة والثمانين للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قرارًا موحّدًا بشأن وضع حقوق الإنسان والوضع الإنساني في السودان. ويجمع هذا القرار بين المذكرات المقدمة من عدة منظمات مجتمع مدني، بما فيها لجنة العدالة (CFJ)، التي أُدرجت مساهماتها الموضوعية في النص النهائي المعتمد في 19 أكتوبر 2025.
يعرب القرار عن القلق إزاء النزاع المسلح الذي اندلع في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF)، والذي فاقم نمطًا طويل الأمد من الانتهاكات الهيكلية والإفلات من العقاب. ويسلط الضوء على الأثر الإنساني الهائل، الموصوف بأنه أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم، مع أكثر من 12.8 مليون نازح داخلي، وأكثر من 3 ملايين لاجئ، ونصف السكان تقريبًا يواجهون مستويات حرجة من الجوع.
ويدين القرار بشدة الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مختلف أنحاء السودان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والمجازر، والنزوح الجماعي، والنهب وتدمير الممتلكات والمحاصيل، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، والهجمات الانتقامية والاستهداف العرقي. كما يعرب عن القلق إزاء نتائج بعثات تقصي الحقائق الأخيرة التي وثّقت الاستخدام الواسع والمنهجي للعنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي كسلاح حرب من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة، خصوصًا ضد النساء والفتيات من شعب المساليت.
ويسلط القرار الضوء على المخاطر الجسيمة التي تواجه النساء والفتيات في مخيمات اللاجئين في تشاد، بما في ذلك العنف الجنسي، والزواج القسري، والاتجار بالبشر، وغياب الخدمات الأساسية، وكل ذلك في ظل إفلات واسع من العقاب. كما يثير القلق إزاء عمليات المراقبة النشطة وجمع المعلومات الاستخباراتية من قبل عناصر قوات الدعم السريع داخل مخيمات اللاجئين باستخدام تقنيات متقدمة، مما يخلق حالة من الخوف المستمر للناجيات ومدافعات حقوق الإنسان.
ويقرّ المنتدى بالدور الحيوي الذي تقوم به مدافعات حقوق الإنسان العاملات في بيئات اللجوء، ويؤكد الحاجة إلى حمايتهن والاعتراف بجهودهن وإشراكهن في عمليات العدالة والسلم. كما يعترف بالدلائل المتزايدة على أن العديد من الانتهاكات الموثقة ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وربما إبادة جماعية.
ويسجل القرار كذلك أن أنظمة العدالة المحلية في السودان مشلولة بسبب عدم الاستقرار السياسي والنزاع المسلح وغياب استقلال القضاء والحصانات القانونية التي تمنحها قوانين القوات المسلحة والشرطة والأمن الوطني. ويؤكد ضرورة اتباع نهج شامل للعدالة يشمل الملاحقات القضائية، والبحث عن الحقيقة، وجبر الضرر، والإصلاح المؤسسي.
ودعا المنتدى اللجنة الأفريقية إلى حث جميع أطراف النزاع على وقف الأعمال العدائية، ووقف الهجمات ضد المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ووضع حد لاستخدام التجويع والنزوح القسري والعنف الجنسي كوسائل حرب، واتخاذ خطوات لاستعادة الحكم المدني والمساءلة.
كما يحث اللجنة الأفريقية على دعوة السلطات السودانية إلى استعادة استقلال القضاء، وإلغاء بنود الحصانة، والتصديق على نظام روما الأساسي، وبروتوكول مالابو، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والسماح بدخول بعثات تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية، والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بتنفيذ أوامر القبض، وضمان تعويض الضحايا، وحماية المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنع العنف الجنسي والتحقيق فيه ومقاضاة مرتكبيه عبر آليات تركز على الناجين.
ويدعو القرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى نشر بعثة حماية مدنية بقيادة الاتحاد الأفريقي، ودمج المساءلة في مفاوضات السلام، والنظر في إنشاء محكمة مختلطة للجرائم الفظيعة، ودعم مدافعات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، وتوفير الموارد لبعثة تقصي الحقائق التابعة للجنة الأفريقية بشأن السودان.
كما يدعو الأمم المتحدة إلى فرض حظر شامل على الأسلحة، وتنفيذ عقوبات موجهة، وتنسيق أعمال بعثات تقصي الحقائق، ودعم مبادرات العدالة. وأخيرًا، يشجع المنتدى الدول الأفريقية على سنّ قوانين الولاية القضائية العالمية، ومحاكمة المشتبه بارتكابهم جرائم دولية، ودعم مذكرات توقيف المحكمة الجنائية الدولية، والاستفادة من محكمة العدل الدولية، ووقف دعم اقتصاد الحرب في السودان، وتقديم الدعم للمجتمع المدني السوداني الذي يوثّق الانتهاكات.
وتجدد لجنة العدالة التزامها بجهود المساءلة والتوثيق في السودان، وبالعمل مع الآليات الإقليمية والدولية لتعزيز العدالة للضحايا وأسرهم.



