خبر صحفي
تحرير: لجنة العدالة
جنيف: 8 مارس/ آذار 2024
شارك المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة”، أحمد مفرح، في فعالية جانبية للمنظمات غير الحكومية نظمها اتحاد مناهضة التعذيب (UATC)، على هامش الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حول “تعزيز الضمانات ضد التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في سياق التجمعات”.
وفي بداية كلمته، أعرب “مفرح” عن بالغ قلقه إزاء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تحدث في مصر، ولا سيما استخدام القوة من قبل جهات إنفاذ القانون في سياق التجمعات التي قد ترقى إلى مستوى التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، مشيرًا إلى أنه لم يكن من الممكن أن يأتي هذا الحدث الجانبي في توقيت أفضل لمناقشة هذه القضية الحاسمة.
– تشريعات تجرم حق التجمع السلمي بمصر:
وأكد المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة” على تجريم التشريعات الصارمة الحق في التجمع السلمي في مصر على الرغم من أنها تشكل أساس المجتمعات الديمقراطية، حيث تتمتع قوات الأمن بسلطة مطلقة لحظر الاحتجاجات واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وهي القوة التي ثبت مرارًا وتكرارًا أنها مفرطة وقاتلة.
وأشار “مفرح” إلى قانونين قائمين يجرمان الحق في التجمع السلمي في مصر، وهما؛ قانون التجمع في عهد الاستعمار (رقم 10 لسنة 1914) الصادر أثناء الاحتلال البريطاني، وقانون التظاهر (رقم 107 لسنة 2013)، واللذان يعتبران تجمع 5 أشخاص أو أكثر غير قانوني، ويتم فرض عقوبات شديدة على التجمع السلمي، تتراوح بين السجن من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة من خمسين ألف جنيه إلى مائة ألف جنيه مصري.
– سلطة مطلقة لحظر الاحتجاجات:
كما شدد “مفرح” على أن قوات الأمن تتمتع بالسلطة المطلقة لحظر الاحتجاجات واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وهي القوة التي ثبت تاريخيًا أنها مفرطة وقاتلة، فقانون الشرطة لعام 1971، يسمح باستخدام الأسلحة النارية من قبل جهات إنفاذ القانون “للقيام بواجبهم، [وإذا كان هذا الاستخدام] هو الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب في حالة التجمع أو المظاهرة التي تهدد الأمن العام وإلا بعد تحذير المعنيين.
وأكد المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة” أن استخدام القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ضد المتظاهرين، تحت ستار الحفاظ على الأمن العام أثناء التجمعات، ينتهك بشكل صارخ المعايير والمعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة، ولا سيما المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب بشأن عدم جواز الانتقاص من حظر التعذيب، متابعًا: “إن تاريخ مصر الحديث مليء بالحالات التي استخدمت فيها قوات الأمن القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، وهو ما قد يصل إلى حد التعذيب وسوء المعاملة”.
وسلط “مفرح” الضوء على ما حدث مؤخرًا، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين اعتقلت قوات الأمن المصرية تعسفيًا أكثر من مائة متظاهر سلمي في القاهرة والإسكندرية تجمعوا للتعبير عن التضامن مع فلسطين، على الرغم من أن هذه المظاهرات أقرتها الحكومة وأذنت بها في البداية. ففي الفترة ما بين 20 و24 أكتوبر/ تشرين الأول فقط، اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 100 متظاهر سلمي، تعرض بعضهم للاختفاء القسري، مما وضعهم فعليًا خارج حماية القانون وتفاقم تعرضهم للانتهاكات، في حين وقع معظمهم ضحية للاعتداء أثناء اعتقالهم. وهذه الاحتجاجات جاءت قبل شهر من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الفترة من 12 إلى 13 ديسمبر/ كانون الأول 2023، والتي تم فيها تعيين الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشكل غير مفاجئ لولاية ثالثة؛ ما مهد الطريق لاستمرار القمع ضد الشعب المصري.
كذلك لفت “مفرح” إلى أنه في اليوم العالمي للمرأة، لا يمكن تجاهل الأعمال الانتقامية المثيرة للقلق ضد المتظاهرات في مصر، والتي قد ترقى إلى مستوى التعذيب وسوء المعاملة. وفي الواقع، فإن عام 2011، رغم أنه كان يحمل آمالاً في التغيير والانتقال الديمقراطي، كان أيضاً عامًا من خيبة الأمل، ففشل الجيش في محاسبة بعض ضباطه على العنف ضد المرأة خلال الاحتجاجات، التي شملت الضرب والتعذيب واختبارات العذرية القسرية، يعكس ثقافة أوسع للإفلات من العقاب، ما يشجع جهات إنفاذ القانون على مواصلة ارتكاب الانتهاكات دون خوف من العواقب.
وتطرق “مفرح” في كلمته إلى عمليات القتل الجماعي غير القانوني لأكثر من 800 متظاهر سلمي في عام 2013، بما في ذلك النساء والأطفال، على أيدي قوات الأمن المصرية أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة في القاهرة، والتي تعكس مرة أخرى ثقافة الإفلات من العقاب حيث تمارس سلطات الدولة هذه الثقافة، فالعمل خارج حدود القانون مع قليل من الخوف من العواقب، والحقيقة أنه حتى يومنا هذا لم تتم محاسبة أي مسؤول سياسي أو عسكري على أكبر مجزرة ارتكبها رجال الأمن في تاريخ البلاد.
– محاولات لا ترقى لمعالجة القمع المنهجي بمصر:
وذكر المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة” أنه على الرغم من أن مصر أبلغت لجنة مناهضة التعذيب في عامي 2021 و2023، بأنها أنشأت مدونة قواعد سلوك وبرامج تدريب للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وغيرهم من المسؤولين المشاركين في احتجاز واستجواب الأشخاص المحتجزين بهدف منع التعذيب والانتهاكات وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ فإن انخفاض معدلات المشاركة في هذه البرامج وانعدام الشفافية بشأن ما إذا كانت اختيارية أو إلزامية يثير مخاوف كبيرة بشأن فعاليتها.
علاوة على ذلك، تم تطبيع التآكل الفعلي لمبادئ التناسب والمساءلة في استخدام القوة تدريجيًا في السياسة في ظل رئاسة “السيسي”، إلى جانب تحرير استخدام الأسلحة النارية ومركبات ناقلات الجنود المدرعة في إدارة الاحتجاجات لتفريق المتظاهرين.
وفي نهاية كلمته، أكد “مفرح” على أنه “على مدى العامين الماضيين، ظلت الحكومة المصرية تحاول تبييض سجلها في مجال حقوق الإنسان من خلال تصوير نفسها على أنها منفتحة على الحوار السياسي مع المعارضة السياسية. ويتمثل ذلك في إطلاق المبادرة الوطنية عام 2022، وإعلان عام 2022” عام المجتمع المدني “. ومع ذلك، فإن مثل هذه المبادرات الاستعراضية البحتة لا ترقى إلى مستوى معالجة القمع
المنهجي الذي حدث في العقد الماضي والذي أدى إلى تآكل الحريات المدنية في مصر ومعه احتمالات التحول الديمقراطي”.