أصدرت المنظمات المشاركة في تحالف “المادة 55” نشرتها الشهرية لتسليط الضوء على أبرز التطورات الحقوقية والسياسية والقضائية في مصر خلال شهر أبريل 2025، وكذلك للكشف عن تصاعد خطير في وتيرة الانتهاكات الجسيمة داخل السجون ومقار الاحتجاز.
أولًا: المستجدات الحقوقية والقضائية والسياسية:
مع حلول شهر أبريل 2025، شهدت العلاقات المصرية توترات إقليمية مع تصريحات إسرائيلية طالبت مصر بتفكيك بعض المنشآت العسكرية في سيناء، وهو ما رفضته مصر باعتباره تدخلًا في سيادتها. وفي الداخل، استمرت السياسة الأمنية القمعية دون تغيير، حيث خلت قائمة العفو الرئاسي بمناسبة عيد الفطر – والتي شملت 2777 سجينًا – من أي سجناء رأي أو سياسيين، بل تم تنفيذ اعتقالات جديدة، أبرزها أحمد عبد المنعم أبو الفتوح، نجل المرشح الرئاسي السابق، الذي اعتقل أثناء تجديد رخصة سيارته استنادًا إلى حكم غيابي بالسجن عشر سنوات.
استمر أيضًا إضراب الأستاذة الجامعية ليلى سويف والأستاذ علاء عبد الفتاح، عن الطعام احتجاجًا على استمرار احتجاز الأخير تعسفيًا رغم انتهاء محكوميته. كما دخل المحامي محمد أبو هريرة، في إضراب مفتوح عن الطعام منذ الأول من مارس الماضي، وتم نقله مؤخرًا إلى مستشفى السجن في ظروف صحية حرجة.
شهد الشهر كذلك استدعاء الناشط أحمد دومة، من قبل نيابة أمن الدولة العليا، على ذمة قضية جديدة بسبب منشور كان نشره حول وفاة أحد السجناء. واستدعاء المرشح الرئاسي المحتمل السابق أحمد الطنطاوي، للتحقيق قبل أن تقرر النيابة إخلاء سبيله منها.
على الصعيد القضائي، رفضت نقابة المحامين القرار الصادر عن محكمة استئناف القاهرة بشأن زيادة الرسوم القضائية، ووصفت المنظمة القرار بأنه غير دستوري وغير مشروع، ونفذت خطوات تصعيدية رفضًا لذلك. كما وافق البرلمان المصري بشكل نهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، رغم الاعتراضات الحقوقية والقانونية الواسعة التي تشير إلى تهديده لضمانات المحاكمة العادلة وتوسيعه لصلاحيات إنفاذ القانون دون رقابة قضائية.
ثانيًا: وفيات وتجاوزات داخل مقار الاحتجاز:
وفي ظل استمرار تجاهل السلطات المصرية للدعوات الحقوقية المتكررة، وتنامي وتيرة الانتهاكات الجسيمة داخل مراكز ومقار الاحتجاز، رصدت منظمات تحالف “المادة 55” خلال شهر أبريل 2025، سلسلة من الانتهاكات الصارخة التي طالت المحتجزين في مختلف السجون وأقسام الشرطة.
هذه الانتهاكات لم تقتصر على التعذيب الجسدي والنفسي فحسب؛ بل شملت أيضًا الإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة، والإخفاء القسري، والتصفية خارج نطاق القانون، وسوء ظروف الاحتجاز إلى حد بات يهدد حياة المعتقلين. وفيما يلي أبرز الحالات التي تم رصدها خلال الشهر:
1- حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز (8 حالات):
– عبد الفتاح محمد عبد المقصود: توفي يوم 2 أبريل 2025 داخل محبسه بسجن جمصة، بعد تدهور صحته جراء ظروف الاحتجاز السيئة.
– محمد حسن هلال (32 عامًا): توفي داخل وحدة العناية المركزية بمستشفى القصر العيني بالقاهرة، بعد نقله في حالة غيبوبة تامة من محبسه بسجن “بدر 3″، جراء إصابات يُشتبه في كونها نتيجة لتعذيب أو اعتداء بدني ممنهج.
– سعد أبو العينين: توفى داخل محبسه بسجن العاشر من رمضان، بعد حرمانه المتعمد من الرعاية الصحية الواجبة.
– حمدي يسري هاشم: توفي بتاريخ 20 أبريل، داخل المركز الطبي الخاص بسجن العاشر من رمضان، جراء إصابته بتليف الرئة إلى جانب أمراض مزمنة مثل الضغط والسكري، لكنه لم يتلق الرعاية الطبية اللازمة داخل محبسه رغم تدهور حالته الصحية لفترات طويلة.
– ياسر محمد الخشاب: توفي داخل مستشفى سجن بدر، خلال خضوعه لعملية قلب مفتوح.
– محمود أسعد: توفي بقسم شرطة الخليفة بالقاهرة، جراء التعذيب، وفقًا لاستغاثة أسرته التي أفادت بوجود علامات واضحة على جثمانه بعد التشريح.
– يوسف السرحاني وفرج رباش الفزاري: تم تصفيتهما بدم بارد خارج نطاق القانون بعد تسليمهما لأجهزة الأمن في مطروح، دون أي محاكمة أو إجراء قانوني.
2- محاولات انتحار وعقوبات جماعية:
رصدت المنظمات محاولة انتحار المحتجز علاء جمال (20 عامًا) داخل سجن بدر 3، نتيجة تعرضه لإجراءات قمعية وعزل وتجريد من المتعلقات الشخصية. وعقب محاولة الانتحار، اندلعت احتجاجات داخل السجن قوبلت باستخدام العنف من قبل إدارة السجن وقوات التدخل السريع، مما أدى إلى إصابات بين المحتجزين.
في سجن برج العرب بالإسكندرية، شنَّت إدارة السجن حملة تجريد واسعة شملت ملابس ومتعلقات المعتقلين، ونقلت أربعة معتقلين سياسيين هم: منصور السيد، علاء الونش، عبد الرحمن صالح، ومحمد البنداري إلى سجن الوادي الجديد كعقاب تعسفي بعد اعتراضهم على التجريد.
3- تدهور الحالة الصحية لسجناء مرضى:
السيد أيمن عبد النبي (21 عامًا)، المحتجز بقسم شرطة المرج، يعاني من مرض الدرن الرئوي (السل) الخطير، ويقبع في ممر ضيق بين غرف الحجز دون توفير أي عزل صحي أو رعاية طبية، مما يزيد من خطر انتشار العدوى.
سلطان عمران، المحتجز منذ عام 2015، بدأ إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على نقله التعسفي إلى عنبر سيء السمعة (“عنبر الدواعي”)، في ظل ظروف معيشية قاسية تهدد حياته.
في ظل هذه الانتهاكات المستمرة والممنهجة، تؤكد منظمات تحالف “المادة 55” أن الأوضاع داخل السجون ومقار الاحتجاز لا تخرج عن إطار السياسة العامة التي تتبناها السلطات المصرية تجاه المحتجزين، وخاصةً السياسيين منهم، وهي سياسة قائمة على الإهمال، والتعذيب، والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية، وغياب أي آليات محاسبة أو مساءلة.
وتدعو المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للضغط على السلطات المصرية من أجل فتح تحقيق مستقل ومحايد في جميع الانتهاكات المسجلة خلال شهر أبريل 2025، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا للقانون الوطني والدولي.