Skip to content

مصر: “لجنة العدالة” ترفض إحالة مدافعين عن حقوق الإنسان للمحاكمة وتدويرهم وتدعو لوقف الانتهاكات ضدهم وإطلاق سراحهم

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت لجنة العدالة إن استمرار نهج السلطات المصرية في التنكيل بالمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان يمثل انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية والأممية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مخالفة واضحة لأحكام الدستور والقانون المصري، مشيرة إلى استغلال السلطات في مصر لثغرات قانونية بهدف إطالة أمد الحبس الاحتياطي والتضييق على الحقوقيين، وهو ما يثير القلق بشأن التزام الدولة بتعهداتها الدولية، وضماناتها الدستورية بحماية الحقوق والحريات الأساسية، وهي سياسات لا تهدد فقط الأفراد المستهدفين؛ بل تؤكد التدهور الشامل لبيئة حقوق الإنسان في البلاد.

وعلى مدار السنوات الأخيرة، شهدت مصر تصاعدًا في حدة التعامل مع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، واستخدام المحاكم الاستثنائية الجائرة (الإرهاب/ العسكري)، والتي تخلو من أدلة واضحة أو تحقيقات شفافة. وكذلك استخدام الحبس الاحتياطي كأداة عقابية، والتوسع في ظاهرة “التدوير” التي تهدف إلى إبقاء المدافعين والمدافعات رهن الاحتجاز لفترات غير محددة ودون محاكمات عادلة.

وفي هذا السياق، نستعرض أبرز الحالات التي تكشف عن عمق الأزمة الحقوقية في مصر:

 

– المحالين لمحاكمات جائرة:

1- المدافع الحقوقي: إبراهيم متولي

بدأت مأساة المحامي إبراهيم متولي، عندما اختفى ابنه “عمرو”، في يوليو 2013، خلال أحداث الحرس الجمهوري. منذ ذلك الحين، كرس “متولي” حياته للبحث عن ابنه المختفي قسريًا، مؤسسًا “رابطة أسر المختفين قسريًا”، التي تطالب بالكشف عن مصائر المختفين في مصر؛ ولكن عمله الحقوقي جعله هدفًا مباشرًا للسلطات.

ففي سبتمبر 2017، اعتُقل “متولي” في مطار القاهرة، أثناء توجهه إلى جنيف لحضور جلسة للأمم المتحدة بشأن الإخفاء القسري. وبدلاً من تمكينه من ممارسة حقه المشروع في المطالبة بالعدالة، تم اتهامه في قضايا أمن دولة باتهامات، مثل؛ “قيادة جماعة إرهابية” و”تمويل الإرهاب”. وخلال سنوات احتجازه التي تجاوزت السبع، تعرض “متولي” لانتهاكات شديدة، شملت التعذيب في مقر أمن الدولة، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية في سجن طرة شديد الحراسة، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، حيث أصيب بتضخم في البروستاتا وحُرم من العلاج الطبي المناسب.

تم تدوير “متولي” على ثلاث قضايا، جميعها تتضمن نفس التهم دون أدلة واضحة، وتم إحالته مؤخرًا إلى المحاكمة على ذمة قضيتين منهم، ليظل في دائرة الاتهام بعد سنوات من الحبس الاحتياطي غير القانوني. وعلى الرغم من قرار سابق بإخلاء سبيله في إحدى القضايا، لم يُفرج عنه؛ بل أعيد احتجازه بشكل تعسفي.

2- المحام الحقوقي: نبيل أبو شيخة

نبيل أبو شيخة، محام ومدافع عن حقوق الإنسان يبلغ من العمر 54 عامًا، تم اعتقاله في أبريل 2022، ليُتهم بنشر أخبار كاذبة والانتماء إلى جماعة إرهابية. وجاء استهداف “أبو شيخة” على خلفية آرائه الحقوقية وسخريته العلنية من بعض الممارسات الإعلامية، بما في ذلك مسلسل “الاختيار”، الذي وصفه بتزييف الحقائق.

ورغم حالته الصحية الحرجة؛ حيث يعاني من أمراض القلب وضغط الدم، لم توفر السلطات له الرعاية الطبية الكافية. وخضع “أبو شيخة” لعملية قلب مفتوح أثناء احتجازه، كما نُقل مؤخرًا إلى مستشفى سجن بدر بعد تركيب دعامة في شريان القلب. ورغم تجاوز فترة الحبس الاحتياطي القانونية، أحيل مؤخرًا إلى المحاكمة ضمن القضية رقم 93 لسنة 2022 التي تضم 58 متهمًا، جميعهم قيد الحبس الاحتياطي.

3- المحام الحقوقي: إمام محمود إمام الشافعي

المحام والمدافع عن حقوق الإنسان، إمام محمود إمام الشافعي، اعتُقل في ديسمبر 2021، بعد مغادرته مكتبه في مركز هيها بمحافظة الشرقية. ورغم مرور ثلاث سنوات على احتجازه، ما زال “الشافعي” رهن الحبس الاحتياطي دون تقديمه إلى محاكمة عادلة. وأُحيل “الشافعي” مؤخرًا إلى المحاكمة على ذمة المحضر 2976 لسنة 2021، وسط انتقادات حقوقية واسعة لاستمرار استهداف المحامين الحقوقيين واحتجازهم دون مبررات قانونية واضحة.

4- المحام الحقوقي: عاطف عبد السميع إبراهيم أبو طالب

المحام عاطف عبد السميع إبراهيم أبو طالب، اعتقل في ديسمبر 2021، بعد حضوره مع محتجزين سياسيين أمام النيابة العامة. ومثل العديد من زملائه؛ يواجه “أبو طالب” اتهامات فضفاضة بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وما زال محتجزًا على ذمة المحضر 2976 لسنة 2021، حيث قررت نيابة أمن الدولة العليا مؤخرًا إحالته للمحاكمة.

5- المحام الحقوقي: أسامة بيومي

أسامة بيومي، المحام الحقوقي، يواجه سلسلة من القضايا التي أعيد تدويره عليها منذ اعتقاله الأول في 2018. ورغم صدور قرار بإخلاء سبيله في قضيته الأولى، اعتُقل مجددًا في 3 قضايا جديدة بنفس الاتهامات. ومؤخرًا؛ قامت نيابة أمن الدولة العليا بإحالته للمحاكمة على ذمة المحضر 2976 لسنة 2021، وجار تحديد جلسة. وكان “بيومي” استدعى للتحقيق معه في بداية شهر نوفمبر الجاري، على ذمة هذه القضية الرابعة.

6- المحام الحقوقي: طارق شومان

قررت نيابة أمن الدولة العليا، إحالة المحام الحقوقي بالمنوفية وعضو مجلس نقابة المحامين السابق، طارق شومان، لمحكمة الجنايات على ذمة القضية رقم 2976 لسنة 2021، والتي تضم عدد ليس بقليل من المحامين والمدافعين عن حقوق الانسان، وهو معتقل منذ 2021.

– إعادة تدوير الاعتقال (الاعتقال المتجدد):

1- المحامية الحقوقية: هدى عبد المنعم

هدى عبد المنعم، محامية بارزة ومدافعة عن حقوق الإنسان، اعتُقلت في نوفمبر 2018، وقضت خمس سنوات في السجن على خلفية اتهامات ملفقة في القضية رقم 1552 لسنة 2018. ورغم انتهاء عقوبتها، فوجئت بإدراجها في قضية جديدة برقم 730 لسنة 2020، لتواجه التهم ذاتها بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها.

وفي نوفمبر الجاري، رصدت “لجنة العدالة” مباشرة نيابة أمن الدولة العليا في مصر، التحقيق مع “عبد المنعم” على ذمة قضية جديدة (الثالثة لها)، وهي القضية رقم 800 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا. وتعاني “عبد المنعم” من مشكلات صحية خطيرة، تشمل؛ توقف الكلى ومرض السكري، ورغم ذلك تُحتجز في ظروف غير إنسانية، حيث تفتقر إلى الرعاية الطبية اللازمة.

2- المدافعة الحقوقية: عائشة الشاطر

عائشة الشاطر، الناشطة الحقوقية وابنة القيادي خيرت الشاطر، اعتُقلت في 2018، وحُكم عليها بالسجن عشر سنوات. رغم ذلك، أدرجت مؤخرًا في قضية جديدة برقم 800 لسنة 2019، بتهمة الانضمام إلى جماعة غير قانونية أثناء وجودها داخل السجن!

– مطالب حقوقية عاجلة لحماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان:

تطالب “لجنة العدالة” السلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والأخرين الذين جرى اعتقالهم أو احتجازهم تعسفيًا، وذلك دون سند قانوني أو بناءً على اتهامات فضفاضة تهدف فقط إلى تقييد نشاطهم المشروع.

كما تشدد اللجنة على أن الإحالة إلى المحاكمات يجب أن تتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، حيث ينبغي أن تضمن الدولة عدم استغلال القضاء كأداة للتنكيل بالمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين. وفي القضايا التي تم فيها إحالة هؤلاء الأفراد إلى المحاكمة، تبرز عدة انتهاكات واضحة لهذه المعايير، تشمل؛ غياب الشفافية، والاستناد إلى أدلة غير موثوقة أو غامضة، واستمرار الاعتماد على التحقيقات السرية التي لا يُسمح للمتهمين أو محاميهم بالاطلاع على تفاصيلها، كذلك الاتهامات الفضفاضة، مثل “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”نشر أخبار كاذبة”، و”تمويل الإرهاب”، والتي غالبًا ما تُوجه إلى النشطاء دون وجود أدلة مادية عليها.

كما تدعو اللجنة إلى إنهاء ممارسات الحبس الاحتياطي المطول التي تجاوزت في كثير من الحالات الحد الأقصى الذي يقره القانون المصري بواقع عامين، فضلاً عن وقف “التدوير” الممنهج، الذي بات وسيلة لإطالة أمد الاحتجاز دون محاكمات عادلة. وتؤكد اللجنة ضرورة مراجعة كافة القضايا المنظورة أمام نيابة أمن الدولة العليا المتعلقة بالحقوقيين والنشطاء، وضمان توفير ضمانات المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية.

أيضًا تشدد “لجنة العدالة” على أهمية تحسين ظروف الاحتجاز بما يتماشى مع القوانين الوطنية والمعايير الدولية. فالمحتجزون – سواء المدافعون عن حقوق الإنسان أو غيرهم-، يعانون من أوضاع احتجاز غير إنسانية، تشمل؛ الحرمان من الرعاية الصحية، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، وعدم السماح لهم بالتريض أو الحصول على احتياجاتهم الأساسية. يتطلب ذلك السماح للمنظمات الحقوقية المستقلة، المحلية والدولية، بزيارة السجون ومراقبة الأوضاع الداخلية لضمان التزام السلطات المصرية بالقوانين الإنسانية.

كما تناشد اللجنة المجتمع الدولي، بما يشمل؛ الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية، والحكومات المعنية، بالتحرك الفوري للضغط على السلطات المصرية للوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، واتخاذ مواقف أكثر وضوحًا وحزمًا تجاه الانتهاكات المستمرة، بما يشمل إدانة صريحة للممارسات القمعية واستغلال الحبس الاحتياطي كعقوبة سياسية، داعية إلى تفعيل أدوات المساءلة الدولية، بما في ذلك فرض قيود على المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الحقوقية، ودعوة مصر للتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا