عقدت “لجنة العدالة”، يوم السبت الموافق 3 مايو/ أيار الجاري، الساعة 2.30 ظهرًا، بمركز “سير داودا كيرا بابا جوارا” الدولي للمؤتمرات، في بانجول بغامبيا، فعالية جانبية في إطار مشروعها “مراجعة البلدان – Country Review”، حول أوضاع حقوق الإنسان في تونس، وذلك خلال الفترة الممتدة من نهاية الدورة السابقة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى الدورة الحالية، مسلطة الضوء على أهم الأحداث والانتهاكات والتحولات التي أثرت على مشهد حقوق الإنسان في البلاد، سواء من خلال تصعيد الأزمات أو ظهور علامات التحسن.
– خطر تفكيك المؤسسات:
وقالت في كلمتها الافتتاحية للفاعلية مساعدة التوثيق والتواصل في “لجنة العدالة”، فاطمة معتمري، إنه “منذ 25 يوليو 2021، شهدت تونس خطر تفكيك المؤسسات والتوازنات بينهم، والذي اتسم بتآكل استقلال القضاء وإضعاف الضمانات الديمقراطية والقمع المتزايد للمجتمع المدني، ولكن الأصوات بدأت ترتفع وهو ما سنتعرف عليه اليوم”.
– مشروع سياسي متعمد لتحييد المعارضة:
من ناحيتها، قالت نورس الزغبي الدّوزي، المدافعة عن حقوق الإنسان والناشطة التونسية، إنه “بعد حل المجلس الأعلى للقضاء لم يعد لدينا ما نسميه قضاه محايدين؛ كما لم يعد مسموحًا لنا بالحصول على محاكمة عادلة في تونس. والنظام الحالي يستغل مؤسسات الدولة بنشاط لتفكيكنا وحرماننا من وجودنا وحقوقنا حتى داخل قاعات المحاكمة، فما نشهد هذه الأيام أننا نملك قضاة يخافون على حياتهم المهنية أو محامين يتم سجنهم بسبب الدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان أو المعارضين السياسيين”.
وردًا على سؤال حول كيف أثرت الحملة القمعية على منظمات المجتمع المدني على المساحة المدنية المحدودة في تونس، حيث قالت “الدوزي”: “النظام الحالي في تونس لا يقتصر على تقييد المساحة المدنية؛ وإنما يعمل بشكل نشط على تصليح مؤسسات الدولة وتفكيك ما تبقى من المساحة المدنية، وهذا ليس مجرد رد فعل مؤقت أو خيار سياسي مضلل؛ بل هو مشروع سياسي متعمد لتحييد المعارضة وتفكيك المقاومة الاجتماعية وقمع التنظيم الجماعي، فما نشهده اليوم هو تجريم منهجي للتصور السياسي لتونس أفضل”.
– الدفاع عن حق وصول التونسيين للآليات الإقليمية:
في حين قال حمزة نصري، وهو مدافع تونسي عن حقوق الإنسان، حول انسحاب تونس من البروتوكول الاختياري للمحكمة الإفريقية: “كل شيء واضح ومترابط مع بعضه البعض؛ فقد بدأنا بالمرسوم رقم 117، ثم تفكيك المجلس القضائي الذي أدى في مرحلة ما إلى أحكام شاهدناها خلال الشهر الماضي؛ وهي السجن 60 عامًا لسجناء سياسيين في تونس، لذا فإن كل شيء مترابط منذ بداية حكم قيس بن سعيد”.
وأضاف “نصري”: “عندما يتعلق الأمر بالآليات الإقليمية أعتقد أننا أعتدنا أن هذا مجال عمل رائع للمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والأفراد في التواصل مع الآليات الإقليمية، وأتذكر أنه في جلسة مؤخرًا كان لدي مداخلة؛ فقلت أننا فخورون حقًا بحكم المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان، وبعد بضعة أشهر انسحب النظام وصدقت تونس على ذلك، لهذا السبب أعتقد أن النظام في تونس يدرك أن هذه الآلية الإقليمية مهمة للغاية؛ لأنه عندما يلجأ المدافعون عن حقوق الإنسان في تونس إليها، لا يمكن لأحد لأن يصمهم بأنهم يعملون لصالح أجندة غربية، فالنظام التونسي ما لم يتمكن من تفكيك عن طريق الشعبوية؛ يفككه عن طريق قرار رجعي قمعي مثل الانسحاب من البروتوكول الاختياري للمحكمة الإفريقية”.
وتابع “نصري”: “أشجع زملائي المدافعين عن حقوق الإنسان في الدفاع عن حق الأفراد في تونس والمنظمات غير الحكومية في التواصل مع الآليات الإقليمية والدولية؛ لأنه كما قال أحد الزملاء اليوم هذا هو المكان الذي يمكننا فيه محاربتهم، وحيث يمكننا الفوز في معركتنا عندما يتعلق الأمر بالقوانين، هذا هو المكان الذي يمكننا أن نقاتل فيه ونفوز بمعركتنا”.
وردًا على سؤال حول الدور الذي ينبغي أن تلعبه اللجنة الإفريقية في الاستجابة لتآكل سيادة القانون في تونس، قال “نصري”: “إن وجودنا هنا هو بمثابة إعلان بأننا ما نزال نؤمن بالآليات الإقليمية، وأننا نعتقد أن اللجنة الإفريقية مهمة للغاية لعمل نظام حقوق الإنسان والمنظمات الوطنية في تونس. نحن نعتمد كثيرًا على المفوضية الإفريقية، أنا وزملائي قمنا بصياغة مشروع قرار اللجنة، وكنا نتمنى أن تعتمده اللجنة، ولدينا أيضًا بيانات شفوية لشرح المزيد للحضور عما يحدث بالفعل في تونس”.
وأضاف “نصري”: “لدينا اليوم في تونس؛ اعتقالات جماعية ضد السياسيين، ويتم إجلاء المهاجرين وترحيلهم بأعداد كبيرة، ويتعرض السجناء السياسيون للتعذيب ويحرمون من حقوقهم الأساسية في الرعاية الصحية ومن حق الزيارة من عائلاتهم، الآن أصبح المحامون مستهدفون؛ فإذا كنت محاميًا مدافعًا عن حقوق الإنسان تدافع عن سجناء سياسيين فقد تجد نفسك مستهدفًا ومتهمًا بتهم تتعلق بالإرهاب”.