أصدرت منظمات تحالف “المادة 55″، نشرتها الدورية الشهرية التي سلطت الضوء فيها على أبرز المستجدات الحقوقية، والقانونية، والقضائية في مصر خلال شهر يونيو 2025، إلى جانب رصدٍ دقيق للانتهاكات التي تمت داخل السجون ومقار الاحتجاز التابعة لسلطات الأمن المصرية.
– الواقع الحقوقي والاقتصادي والسياسي في يونيو:
شهد شهر يونيو 2025 في مصر تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، حيث قامت إسرائيل بشن ضربات جوية على إيران، مما أدى إلى ردود فعل إيرانية تضمنت إطلاق صواريخ على تل أبيب. هذه الأحداث أثارت قلقًا كبيرًا بشأن تأثير الحرب على الاقتصاد المصري، خاصة مع استمرار الحصار على غزة ونقص السلع الأساسية. في هذا السياق، قدمت الحكومة مشروع قانون جديد للإيجارات القديمة، مما أثار معارضة مجتمعية واسعة، حيث تم القبض على محامٍ بسبب تشكيله رابطة لأصحاب الإيجارات القديمة.
استمرت الهجمات الأمنية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث أحالت نيابة أمن الدولة العديد من القضايا للمحاكم، مما أدى إلى زيادة عدد المحبوسين. في الوقت نفسه، تصاعدت الاحتجاجات المهنية، حيث نفذت نقابة المحامين إضرابًا احتجاجيًا ضد زيادة الرسوم القضائية، وأطلقت نقابة الصحفيين حملة لتعديل القوانين التي تقيد حرية العمل الإعلامي. على الصعيد القانوني، بدأت الأحزاب السياسية في الاستعداد للانتخابات بعد موافقة مجلس النواب على تعديلات قانونية جديدة، مما يعزز هيمنة الأحزاب الموالية للدولة.
واجه وزير الصناعة والنقل انتقادات شديدة بسبب إقالته لموظف كبير وحوادث الطرق التي أدت إلى وفاة 19 شخصًا، حيث أرجع الوزير الحوادث إلى إهمال السائقين دون الإشارة إلى جودة الطرق. على الصعيد الحقوقي، تم اعتقال ناشطين دوليين ومنعهم من المشاركة في مسيرة لكسر الحصار عن غزة، كما تم حبس طلاب تضامنوا مع غزة.
– انتهاكات داخل مقار الاحتجاز:
– رصدت منظمات تحالف “المادة 55” خلال يونيو 2025 عدة انتهاكات خطيرة داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر. من بين هذه الانتهاكات، تم تسجيل حالتي وفاة لمعتقلين بسبب الإهمال الطبي. الضحية الأولى، عبد العزيز عبد الغني، توفي عن عمر يناهز 62 عامًا بعد معاناة من انسداد معوي حاد، حيث تأخرت السلطات في إجراء الجراحة اللازمة له رغم تأكيد الأطباء على حالته الحرجة.
أما الضحية الثانية، جمال أحمد صاوي، الذي كان يبلغ من العمر 70 عامًا، فقد توفي داخل سجن ليمان المنيا نتيجة تدهور حالته الصحية وحرمانه من الرعاية الطبية. على الرغم من مناشدات أسرته المتكررة، لم يتمكن من الحصول على العلاج المناسب، مما أدى إلى وفاته بعد تجاوز ثلثي مدة عقوبته.
في سياق آخر، دخل أحمد الدسوقي، البالغ من العمر 37 عامًا، في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على تجاهل السلطات لحالته الصحية المتدهورة. تعرض أحمد للاختفاء القسري وتعذيب ممنهج قبل أن يُحكم عليه بالسجن المؤبد في قضية ملفقة، وهو الآن يعاني من آلام شديدة ويصر على مواصلة إضرابه حتى يحصل على العلاج.
كما رصدت المنظمات تدهور الحالة الصحية للسيد سليمان، الذي فقد بصره بالكامل داخل سجن بدر. على الرغم من توصية طبية بالإفراج الصحي عنه، إلا أن جهاز الأمن الوطني عرقل ذلك، مما زاد من معاناة أسرته التي تسعى للحصول على الرعاية اللازمة له.
تواجه عائلة الإسكندرية، التي تم اعتقالها في مايو 2024، ظروف احتجاز قاسية، حيث تم احتجازهم دون مسوّغ قانوني. تعاني الأسرة من نقص الرعاية الصحية، ويواجه بعض أفرادها مشاكل صحية خطيرة، لكن إدارة السجن ترفض الاستجابة لطلباتهم.
وفي سجن الوادي الجديد، المعروف بأنه من أكثر السجون عزلة وقسوة في مصر، يشهد انتهاكات خطيرة وممنهجة ضد المعتقلين. ففي رسالة مسربة، أفاد المعتقلون بأنهم يتعرضون لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب اليومي وظروف الاحتجاز القاسية. يُشار إلى أن السجن أصبح يُعرف بـ “المقبرة” بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السجناء، حيث يتم احتجازهم في زنازين مكتظة تفتقر إلى التهوية والمرافق الأساسية، ما دفعهم للدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على هذه الانتهاكات، مطالبين بوقف التعذيب وتحسين ظروف الاحتجاز.
تعتبر منظمات تحالف “المادة 55” أن الأوضاع داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر ليست حالات فردية، بل هي نتيجة سياسة ممنهجة من قبل السلطات المصرية تجاه المعتقلين، خاصة السياسيين. هذه الانتهاكات تترافق مع سياسة الإفلات من العقاب التي تشجع على استمرار هذه الممارسات، حيث لم يتم محاسبة أي مسؤول عن الانتهاكات الموثقة.
فهذه الظروف تثير مخاوف جدية حول مصير المحتجزين، خاصة مع تزايد حالات الوفاة داخل السجون وتدهور الأوضاع المعيشية. لذا، تطالب المنظمات بفتح تحقيقات قانونية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، والالتزام بالقوانين المحلية والدولية، مع ضرورة تحسين ظروف الاحتجاز بما يتماشى مع المعايير الإنسانية.