Skip to content

المغرب: “لجنة العدالة” تدعو لمراجعة قوانين المسطرة الجنائية وتنظيم المجلس الوطني للصحافة وتحذر من مخاطرها على المجتمع المدني وحرية الصحافة

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

في ظل نقاش مجتمعي وسياسي حاد، يشهد المغرب مستجدات تشريعية هامة أثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل حرية التعبير وضمان آليات الرقابة المجتمعية. فقد تمت إحالة مشاريع قوانين جديدة على البرلمان تهدف إلى تنظيم عملية التبليغ عن الجرائم وتقويض استقلال المجلس الوطني للصحافة الأمر الذي دفع فعاليات حقوقية وإعلامية إلى التعبير عن قلقها إزاء ما اعتبرته تراجعاً في ضمانات الشفافية والمحاسبة، ومخاطر استخدام القوانين للحد من دور المجتمع المدني والصحافة الاستقصائية في كشف الانتهاكات والفساد.

وتعبر لجنة العدالة عن انشغالها العميق إزاء بعض المقتضيات الواردة في هذه المشاريع، خصوصاً: مشروع قانون “المسطرة الجنائية” الذي صدق عليه مجلس النواب في 20 مايو/ أيار الماضي  وينتظر موافقة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) لبدء نفاذه، والتي تحصر مادته الثالثة حق المطالبة بالإبلاغ عن الفساد وانتهاكات المال العام على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”، وأما المادة السابعة فأعطت حق وضع الشكايات للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على إذن للتقاضي من وزارة العدل. وهو ما وصفه المعارضون للمشروع بإقصاء لدور المواطنين والمجتمع المدني في التبليغ عن هذه الجرائم، ويتنافى مع ما ينص عليه القانون (المادتان 10 و37) المتعلق بحماية المبلغين والشهود فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ.

وبينما يمر قطاع الصحافة المستقلة في بفترة من التوتر والتحديات المتعددة الأبعاد، حيث تتصاعد الضغوط القضائية والتنظيمية التي تهدد حرية التعبير واستقلالية الإعلام. يأتي ذلك في ظل أزمة مؤسسية يعاني منها المجلس الوطني للصحافة، الهيئة المهنية المستقلة التي أُنشئت عام 2018 لتنظيم القطاع وضمان احترام أخلاقيات المهنة. بعد انتهاء فترة انتداب أعضائه في 2022 دون إجراء انتخابات جديدة، لجأت الحكومة إلى تمديد ولايته بشكل مؤقت، ثم نقل صلاحياته إلى لجنة مؤقتة لإدارة شؤون الصحافة والنشر لمدة سنتين.

في هذا السياق، أثار مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة جدلاً واسعًا بعد إقراره من قبل البرلمان، حيث اعتبره العديد من الفاعلين في الحقل الإعلامي خطوة قد تُضعف استقلالية المجلس وتُقيّد دوره في حماية حرية الصحافة وتنظيم مهنة الإعلام. وهو ما دعا الفيدرالية المغربية لناشري الصحف لاستنكار عدم اهتمام الحكومة المغربية باعتراضات الصحفيين والمهنيين على مشروع القانون.

يأتي هذا المشروع في وقت تواجه فيه الصحافة المستقلة حملة ملاحقات قضائية مكثفة، أبرزها القضايا المرفوعة ضد الصحفي حميد المهداوي، مدير موقع بديل.أنفو، الذي صدر بحقه حكم بالسجن والغرامة استنادًا إلى القانون الجنائي بدلاً من قانون الصحافة، يضاف إلى ذلك تدهور ترتيب المغرب في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث يحتل المرتبة 120 من أصل 180 دولة في 2025 حسب مؤشر RSF، ما يعكس تراجعًا حادًا في حرية الإعلام وضرورة إصلاحات عاجلة تعيد تعزيز استقلالية المؤسسات الصحفية وتحمي الحقوق والحريات الأساسية في البلاد.

في هذا السياق ترحب “لجنة العدالة” بقرار المحكمة الدستورية المغربية بحكمها بعدم دستورية مواد في قانون “المسطرة المدنية” الذي جري مناقشته العام الماضي في مجلس النواب والموافقة عليه وخلق جدلا واسعًا قرر رئيس مجلس النواب على إثره ارسال القانون للمراجعة الدستورية والتي رأت في هذه المواد إخلالًا بالحماية الدستورية لحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة واستقلال القضاء، وبالأخص حين تغيب الضوابط الدقيقة أو يتم توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية أو الإجرائية بشكل يهدد الأمن القضائي وثقة المواطنين في العدالة. وشدد قرار المحكمة على ضرورة اليقين القانوني، تساوي المتقاضين أمام القانون، ومنع التمييز بين الأشخاص أو إضعاف مجانية التقاضي أو المس بالحق في التقاضي على درجتين.

توصى لجنة العدالة بضرورة احترام قانون الصحافة والنشر والتوقف عن اللجوء إلى القانون الجنائي لقمع الصحفيين والصحفيات ، مع اعتماد الإطار القانوني الخاص بالصحافة كونه الأنسب لحماية الحقوق والحريات. كما تطالب بإلغاء “الخطوط الحمراء” المنصوص عليها في المادة 71 من قانون الصحافة، ومواءمة التشريع الوطني مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه المغرب. بالإضافة إلى ذلك، تدعو  إلى إرساء آليات شفافة وغير تمييزية لدعم الصحافة، بما يعزز التعددية ويضمن حق الجمهور في الحصول على معلومات حرة ومتنوعة، وإلى استئناف حوار بناء يعيد الثقة بين السلطة التنفيذية والمنظمات المهنية وكل مكونات المجتمع المدني المغربي

وتعبر اللجنة عن دعمها لكل جهد يهدف إلى تطوير المنظومة القضائية ومكافحة الفساد والجريمة، نشدد على أن هذه الغاية لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار يحمي المكتسبات الديمقراطية، ويضمن حرية الإعلام، ويشرك المجتمع المدني كشريك أساسي في الرقابة على الشأن العام، وتطالب بما يلي:

مراجعة بنود المشاريع المذكورة بما يتوافق مع الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

فتح حوار وطني موسع مع كافة الفاعلين قبل المصادقة على أي تعديل يمس الحقوق والحريات.

وضع ضمانات واضحة تمنع أي تأويل أو استخدام للقوانين الجديدة لتقييد حرية التعبير أو استقلالية العمل الصحفي.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا