Skip to content

“كوميتي فور جستس” تشارك في ندوة ناقشت التعذيب الممنهج في مصر ودوره في تكريس سياسة الإفلات من العقاب

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

عقدت مجموعة عمل تضم عددًا من المنظمات الحقوقية المعنية بالشأن المصري، من ضمنهم “كوميتي فور جستس”، ندوة حول انتشار التعذيب في مصر، وعدم المساءلة عن جرائمه، كفعالية جانبية بالتزامن مع انعقاد الدورة العادية الـ52 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ونظمت الندوة يوم الاربعاء الماضي، الموافق 22 مارس/ آذار، من الساعة 14.00 وحتى 15.00 بتوقيت وسط أوربا، بالقاعة XXII ، في قصر الأمم بجنيف.

– سياسة الإنكار والتجاهل والعقاب:

وفي كلمته بافتتاح الندوة، قال أحمد مفرح، المدير التنفيذي لـ”كوميتي فور جستس” إن “السلطات المصرية تتبع سياسة في تعاملها مع التعذيب داخل مقار الاحتجاز والسجون المصرية؛ وهي سياسة الإنكار والتجاهل والعقاب، وأعتقد أن تلك السياسة كانت الأساس لإفلات مرتكبي تلك الجرائم من منتسبي جهاز الشرطة المصرية وأجهزة المخابرات والجيش المصري من العقاب”.

ودلل “مفرح” على ذلك بحالتين، أولهما: حالة تعذيب عدد من المحتجزين المدنيين بقسم شرطة دار السلام، والتي أبرزتها صحيفة “الغارديان” البريطانية في عام 2022.

وأوضح “مفرح” أنه “للأسف الشديد السلطات المصرية وفي تحقيقها في تلك الجريمة البشعة التي حدثت بحق أشخاص مدنيين وجهت لهم تهم ليست سياسية (جنائية)، أي أنهم أشخاص عاديون وليسوا معارضين، حينما فقط استغاثوا وأظهروا عددًا من الانتهاكات التي لحقت بهم، كان تعامل السلطات في مصر مع تلك الجريمة هو التجاهل التام، والقيام بمعاقبة هؤلاء الأشخاص والتحقيق معهم بسبب زعم نشرهم شائعات كاذبة، وسجنهم لأنهم مجرد استغاثوا”.

كذلك الحالة الثانية، حالة الباحث الاقتصادي وعضو حزب الإصلاح والتنمية، أيمن هدهود، الذي ذكر “مفرح” أنه “بعد أن تم إلقاء القبض عليه وإيداعه أحد أماكن احتجاز الأمن الوطني؛ وذلك لقيامه بعمل بعض الأبحاث حول الوضع الاقتصادي في مصر، ثم بعد عدة أيام أعلنت وفاته من قبل وزارة الداخلية بالطبع تحت تأثير التعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازه”.

ولفت المدير التنفيذي لـ”كوميتي فور جستس” إلى أنه على الرغم من أن هذه القضية قضية رأي عام لشخص معروف انتمائه السياسي، إلا أن سلطات التحقيق المصرية في تلك القضية أنكرت الواقعة، وأكدت أن الضحية ماتت موتة طبيعية، وأنه لا توجد أي آثار تعذيب على جسده، على الرغم من أن الصور التي ظهرت لجثمانه أوضحت بشكل كبير أن هناك تعذيب بشع للغاية مورس ضده.

– من النطاق المحلي إلى الدولي:

وأشار “مفرح” إلى أن السلطات المصرية تعدت في استخدام تلك السياسة لإنكار التعذيب والانتهاكات النطاق المحلي لتصبح بشكل دولي أمام آليات الأمم المتحدة وغيرها من آليات المحاسبة الدولية، وهو ما ظهر خلال استعراض ملف مصر أمام لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أوائل هذا الشهر، والتي قام فيها مندوب النيابة العامة المصرية بإنكار وجود أي وقائع تعذيب في مصر، وأن كل الوقائع يتم التحقيق فيها، على حد زعمه.

وفي نهاية كلمته، أكد “مفرح” على أن اتباع سياسة الإنكار، وعدم التحقيق الجدي، والعمل على مساعدة منتسبي جهاز الشرطة المصرية والجيش وأجهزة المخابرات من الإفلات من العقاب، وعدم إعطاء العدالة للضحايا، أسفر عن سياسة ممنهجة لدى السلطات المصرية، وارتكاب للعديد من جرائم التعذيب خلال العام 2022، مطالبًا السلطات المصرية بتعديل سلوكها، وإعطاء العدالة للضحايا.

– التعذيب منطق الدولة للسيطرة:

من ناحيتها، ذكرت أليسون مكمانوس ، المدير الإداري بمبادرة الحرية، ثلاث حالات لسجناء للتدليل على انتشار تلك السياسة في مصر، أولاً: حالة الدكتور سيف فطين، وهو أب لسبعة أطفال، وأستاذ هندسة بيئية تلقى تدريبه في معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا. وفي 13 نوفمبر 2018، داهمت الشرطة منزله وغطت رأسه بغطاء للرأس واقتادته إلى قبو منشأة تابعة للأمن الوطني، حيث أمضى 265 يومًا معصوب العينين، ولم يُسمح له بأي اتصال مع محاميه أو عائلته، وأثناء الاستجواب تعرض للصعق بالكهرباء.

كذلك حالة الدكتور محمد عماشة، وهو طبيب بيطري وناشط بيئي ومدافع عن المختفين قسرًا، وسجن عدة مرات انتقامًا من نشاطه الحقوقي. وخلال اعتقاله الأخير في عام 2020، اختفي لمدة 25 يومًا، وتعرض للاعتداء الجنسي والصعق بالكهرباء في أعضائه التناسلية، وهدده الضباط باغتصاب زوجته أمامه، حتى قدم في النهاية اعترافًا قسريًا.

أيضًا حالة عبد الرحمن الشويخ (30 عامًا)، ففي أبريل 2021، قام بتهريب رسالة إلى والدته تفيد بأنه تعرض للتعذيب على أيدي ضباط السجن، واعتدوا عليه جنسيًا بعدة طرق؛ وذلك لتقديم والدته شكوى إلى المدعي العام ونشرت قصة ابنها على فيسبوك، كما تم القبض على جميع أفراد الأسرة. ولا يزال “الشويخ” يتعرض لمعاملة وحشية في السجن. وسمعنا مؤخرًا أنه جُرد من ملابسه، ووالدته لا تزال في السجن.

وأوضحت “مكمانوس” أنها تشارك هذه القصص؛ لتوضيح العديد من النقاط الضرورية لفهم طبيعة التعذيب في مصر اليوم، أولها أن التعذيب هيكلي؛ وجزء من منطق الدولة للسيطرة على السكان المدنيين، وكذلك أن التعذيب ممنهج؛ لا سيما خلال فترات الاختفاء القسري تقريبًا دون استثناء، وثالثًا أنه غالبًا ما يكون ضباط جهاز الأمن الوطني مسؤولون عن توجيه أو الإشراف على عمل من أعمال التعذيب، وأخيرًا؛ لأكثر من 30 عامًا، لم تكن هناك مساءلة حقيقية عن أعمال التعذيب في مصر.

– الإفلات من العقاب ممنهج:

بينما رأى جرانت شوبين، المستشار القانوني بمنظمة “ديجنتي”، أنه ليس فقط التعذيب هيكلي وممنهج في مصر، ولكن أيضًا الإفلات من العقاب نظامي ومنهجي في مصر، كما حدث في قضية جيوليو ريجيني؛ الذي تم اختطافه وتعذيبه وقتله في أواخر يناير أو أوائل فبراير 2016.

وأضاف “شوبين” أنه كانت هناك فترة وجيزة من التحقيق المشترك بين السلطات الإيطالية والمصرية؛ لدرجة أن المدعي العام المصري في ذلك الوقت قال إنه لا يستبعد أي احتمال لتدخل الدولة. بعد ذلك بسرعة، غيرت السلطات المصرية لهجتها، وبدأت تظهر كل أنواع النظريات الغريبة حول ما حدث في النهاية لـ”جوليو”، ومع ذلك، واصلت السلطات الإيطالية تحقيقها، وعلى الرغم من العراقيل المصرية في كل فترة تم جمع أدلة كافية لإصدار لائحة اتهام.

وأشار المستشار القانوني بمنظمة “ديجنتي” إلى أنه لدينا مسؤولو أمن دولة، أشخاص يعملون بصفتهم ممثلين للأمن القومي المصري، يزعم أنهم يرتكبون جرائم دولية، ويقومون بعرقلة العدالة لتلك الجريمة من خلال الاستفادة من معايير حقوق الإنسان للمحاكمة العادلة، فإن السلطات المصرية تستخدم نظام حقوق الإنسان كسلاح لتكريس الإفلات من العقاب لأولئك الذين يتصرفون نيابة عنها.

وشدد “شوبين” في نهاية كلمته على أن “التعذيب في مصر تعذيب ممنهج، ويتم استخدام حقوق الإنسان بشكل ساخر لحماية التعذيب”.

– أعمال انتقامية ضد كل من حاول المساعدة:

بينما تطرق محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إلى قضية المحام إبراهيم متولي، الذي اعتقل أثناء سفره إلى جنيف، من مطار القاهرة عام 2017، حيث قضى 6 سنوات في الحبس الاحتياطي؛ لأنه أراد أن يأتي للحديث عن ابنه المختفي.

وأضاف “لطفي” أنه “في عام 2013، لمدة 4 سنوات، كان يحاول العثور على ابنه الذي اختفى في احتجاجات عام 2013، وتمت دعوته من قبل مجموعة العمل الأممية، وكان لديه تذكرته ودعوة للحضور والتحدث كما نفعل الآن، ولكن تم إلقاء القبض.

كما أشار المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إلى حالة المحام الحقوقي المصري، عزت غنيم، الذي حُكم عليه بالسجن 25 عامًا مؤخرًا، بتهمة تأسيس منظمة غير مشروعة، وكذلك المحام الحقوقي، محمد الباقر، لافتًا إلى أن هذه أمثلة على الأعمال الانتقامية ضد العائلات والمحامين والمنظمات غير الحكومية الذين حاولوا مساعدة ضحايا التعذيب أو الاختفاء القسري.

 

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا