قالت “لجنة العدالة” إن الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر تتزايد بشكل مقلق، ما يحتم على المجتمع الدولي والآليات الأممية أن يتدخلوا لوقف تلك التجاوزات التي تمس حقوق الإنسان بشكل صارخ، فالانتهاكات التي تشهدها السجون المصرية، خاصة بحق المحتجزين السياسيين منهم، أصبحت ممارسة ممنهجة تنذر بمخاطر جسيمة على حياة المعتقلين وسلامتهم الجسدية والنفسية، مشيرة إلى أن غياب المحاسبة وتزايد القمع داخل مراكز الاحتجاز يدفع بالوضع إلى مزيد من التصعيد.
يأتي ذلك عقب ورود معلومات لفرق الرصد باللجنة تؤكد وقوع انتهاكات جسيمة داخل سجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية، حيث كشفت اللجنة أن ضابط الأمن الوطني، حمزة المصري (اسم حركي)، قام بتنفيذ سلسلة من الإجراءات القمعية بحق المحتجزين السياسيين منذ أكثر من 10 أيام، فقام بنقل عشرات المعتقلين بشكل تعسفي إلى سجون غير معلومة، في حين تم إيداع آخرين في زنازين التأديب دون أسباب واضحة أو قانونية.
كما تم حرمانهم من التريض، وتقليص فترات الزيارة بشكل كبير، فضلاً عن منع دخول الأدوية والمستلزمات الأساسية. وأكدت اللجنة أن ضابط الأمن قام أيضًا بقطع التيار الكهربائي عن الزنازين، ما تسبب في حالة من الفوضى والذعر بين المعتقلين، حيث تمت مداهمة الزنازين وتجريد المعتقلين من متعلقاتهم الشخصية، بما في ذلك الغذاء والعلاج، والفرُش التي ينامون عليها، ما جعلهم يقبعون في ظروف إنسانية قاسية ومهينة.
هذه الممارسات القمعية أدت إلى تفاقم أوضاع المحتجزين سياسيًا داخل السجن، حيث دخل عدد من المعتقلين المرضى في حالات اختناق وإغماء نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر. كما أقدم سبعة معتقلين على محاولة انتحار، وتم نقلهم إلى المستشفى ثم عاد بعضهم إلى زنازينهم والبعض الآخر إلى زنازين التأديب، مما زاد من حالة التوتر والغضب بين بقية المعتقلين الذين دخلوا في إضراب مفتوح عن استلام الطعام وإجراء الزيارات. ومع ذلك، أجبرت إدارة السجن المعتقلين على إنهاء إضرابهم بالقوة.
وسجن برج العرب، يعد واحدًا من أكبر وأشهر السجون في مصر، ويقع في منطقة صحراوية قريبة من مدينة الإسكندرية، وهو معروف بسمعته السيئة فيما يتعلق بظروف الاحتجاز والمعاملة السيئة للمعتقلين. تم افتتاحه عام 2004، ليستوعب أعدادًا كبيرة من المعتقلين، بما في ذلك المحتجزين السياسيين. ويُعرف السجن باستخدامه لأساليب قاسية ضد المحتجزين، تشمل؛ الاحتجاز الانفرادي لفترات طويلة، وفرض القيود على زيارات العائلات، وحرمان المحتجزين من الحقوق الأساسية مثل التريض والعلاج الطبي.
وتحمل “لجنة العدالة” إدارة سجن برج العرب المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين السياسيين لديها، مطالبةً بالتحقيق العاجل في الانتهاكات التي ارتكبها ضابط الأمن الوطني، حمزة المصري، بحق المحتجزين، كما دعت اللجنة إلى منع إفلات المسؤولين عن هذه الانتهاكات من العقاب، وضرورة محاسبتهم وفقًا للقوانين الوطنية والدولية.
وتشدد اللجنة على تضامنها الكامل مع المحتجزين سياسيًا في سجن برج العرب، معتبرة أن حرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية يشكل انتهاك صارخ للقانون الدولي والمعايير الإنسانية، داعية إلى فتح تحقيقات شفافة ومستقلة في جميع الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون، ومحاسبة المسؤولين عنها دون تأخير أو تسويف.
بالإضافة إلى ذلك، تطالب “لجنة العدالة” مصلحة السجون المصرية بالتوقف عن سياسة “التغريب والتجريد”، التي تعتمدها كوسيلة للتنكيل بالمحتجزين السياسيين، وضرورة فتح قنوات الحوار معهم لإنهاء حالة الاحتقان المتزايدة.
كما تحث اللجنة النيابة المصرية على القيام بدورها الرقابي على مقار الاحتجاز والسجون في مصر، لمنع الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون. كما دعت المجلس القومي لحقوق الإنسان أيضًا إلى الاضطلاع بدوره الحقيقي في مراقبة أوضاع السجون والعمل على تحسينها، بدلاً من الترويج لصورة إيجابية غير واقعية لمصلحة السلطات.