خبر صحفي
تحرير: لجنة العدالة
عقدت على هامش الدورة الحادية والثمانين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في العاصمة بانجول بجامبيا، فعالية جانبية نظمتها منظمة “African Defenders” تحت عنوان “ظلال الربيع العربي والتنقل في الفضاء المدني في شمال إفريقيا”، يوم الأحد الموافق 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واستضافت عددًا من النشطاء الحقوقيين، من بينهم؛ مسؤول الاتصال الإقليمي والأممي في “لجنة العدالة”، أسامة محمد أوغلو، الذي تحدث عن الوضع الحقوقي في مصر والتحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان، وسبل دعم الحريات المدنية في المنطقة.
– أبرز قضايا حقوق الإنسان بمصر وتأثيرها على بيئة العمل الحقوقي:
في بداية النقاش، طرح القائمون سؤال على مسؤول الاتصال الإقليمي والأممي في “لجنة العدالة”، حول التحديات الرئيسية التي تواجه حقوق الإنسان في مصر؟ وكيف تؤثر على بيئة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان؟ ورد “أوغلو” أنه “في مصر نشهد تدهورًا حادًا في وضع حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الانتهاكات الممنهجة جزءًا من السياسة العامة للدولة، وتشمل هذه الانتهاكات؛ الاختفاء القسري، والتعذيب في أماكن الاحتجاز، والاعتقالات التعسفية، وأحكام الإعدام خارج نطاق القانون، وظروف السجن القاسية، موضحًا أن هذه الانتهاكات لا تستهدف فئة معينة فقط؛ بل إنها موجهة نحو المجتمع المدني بأسره، لتشمل المحامين والنشطاء، وحقوقيين من جميع الخلفيات”.
وأشار “أوغلو” إلى أن عدد السجناء السياسيين تجاوز 60,000 شخص، خلال العقد الماضي فقط، وهو ما يعكس تصاعد القمع ضد كل من يعبر عن آرائه بحرية أو يسعى للدفاع عن حقوق الإنسان، لافتًا إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر يعملون في بيئة مليئة بالتحديات؛ فهم يواجهون ترهيبًا مستمرًا، ويخضعون للمراقبة الدائمة، ويتعرضون للمضايقات بشكل يومي، بالإضافة إلى حظر السفر وتجميد الأصول؛ كإجراءات عقابية تهدف إلى شل نشاطهم وعرقلة عملهم.
كما أكد “أوغلو” أن السلطات المصرية سعت إلى تقنين سياسات القمع من خلال إصدار قوانين مشددة تهدف إلى كبح حرية التعبير وتقييد العمل الحقوقي، مشيرًا إلى أنه من بين هذه القوانين، قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 لسنة 2017، والذي اعتبره ليس فقط قانونًا لتنظيم المجتمع المدني؛ بل قانونًا للسيطرة عليه. وأوضح أن هذا القانون يفرض قيودًا قاسية على عمل منظمات المجتمع المدني ويجعل من الصعب على أي كيان مستقل أن يعمل بحرية، خاصة إذا كان معنيًا بقضايا حقوق الإنسان أو الشفافية.
وتطرق “أوغلو” أيضًا إلى قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي يمنح السلطات صلاحيات واسعة تمكنها من التعامل مع النشطاء بوصفهم تهديدًا للأمن الوطني، ما أدى إلى اعتقال العديد من الصحفيين والمتظاهرين السلميين، مضيفًا أن قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018، أعطى الحكومة صلاحيات شاملة لمراقبة الأنشطة على الإنترنت، حيث أصبح أي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو كان مجرد انتقاد بسيط للسياسات الحكومية، عرضةً للملاحقة القانونية.
– دور اللجنة الإفريقية في دعم المدافعين عن حقوق الإنسان:
وحول أهمية جلسات اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ودورها في دعم المدافعين عن حقوق الإنسان، أوضح “أوغلو” أن هذه الجلسات تمثل فرصة حقيقية لرفع قضايا حقوق الإنسان إلى المستوى الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن وجود لجنة إفريقية مختصة؛ يتيح للمدافعين عن حقوق الإنسان عرض تقاريرهم وتقديم توثيقاتهم للانتهاكات بشكل مباشر أمام ممثلي الدول الإفريقية، وكذلك أمام مختلف الآليات المعنية في الاتحاد الإفريقي، بما يشمل الجهات الرسمية وزملاءهم من المدافعين عن حقوق الإنسان من مختلف أنحاء القارة.
وقال “أوغلو”: “جلسة اللجنة الإفريقية ليست مجرد منصة للنقاش؛ بل هي وسيلة فعالة للضغط من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وإثارة الانتهاكات بشكل علني أمام العالم، وتعزيز التضامن الإفريقي حول هذه القضايا”، مؤكدًا أن التحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر وشمال إفريقيا ليست قضايا محلية فحسب؛ بل هي جزء من صورة أكبر تتطلب ردود فعل إقليمية ودولية تتناسب مع حجمها.
وأضاف أن آليات الاتحاد الإفريقي المختلفة، بما في ذلك المقررين الخواص، تلعب دورًا حاسمًا في الضغط على الحكومات؛ من خلال إصدار توصيات ونداءات عاجلة تطالب بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، كما أوضح أن اللجنة الإفريقية لا يجب أن تكتفي فقط بمعالجة الشكاوى المقدمة؛ بل يجب أن تأخذ زمام المبادرة لدفع الحكومات إلى تعديل سياساتها والانخراط في حوار جاد لتحسين الوضع الحقوقي.
– استراتيجية لتعزيز مشاركة المدافعين عن حقوق الإنسان من شمال إفريقيا:
وعن الاستراتيجيات الممكنة لتعزيز مشاركة المدافعين عن حقوق الإنسان في شمال إفريقيا في آليات اللجنة الإفريقية، أوضح “أوغلو” أن المشاركة الفعالة تتطلب تجاوز العقبات التي تعيق الوصول إلى هذه الآليات، قائلاً: “المدافعون في شمال إفريقيا؛ خاصة في مصر، يواجهون قمعًا وتهديدات مكثفة تجعلهم يخشون المشاركة العلنية في الفعاليات الإقليمية، حيث يمكن أن تؤدي هذه المشاركة إلى انتقام مباشر من الحكومات”.
واقترح “أوغلو” أن تكون الخطوة الأولى نحو تعزيز المشاركة هي زيادة الوعي بآليات اللجنة الإفريقية، حيث أن العديد من المدافعين في شمال إفريقيا ليسوا على دراية كافية بكيفية التفاعل مع هذه الآليات، سواء كان ذلك من خلال تقديم الشكاوى أو المشاركة في جلسات الاستماع أو الاستفادة من ولايات المقررين الخاصين، داعيًا إلى تنظيم ورش عمل وجلسات تدريبية بالتعاون مع اللجنة؛ لبناء قدرات المدافعين وتوفير المعرفة اللازمة حول كيفية حماية حقوقهم وحقوق الضحايا الذين يعملون على دعمهم.
وأكد أيضًا على ضرورة إيجاد قنوات آمنة للمشاركة تسمح للمدافعين بالمساهمة دون الخوف من الانتقام، داعيًا اللجنة أيضًا إلى تأسيس آليات استجابة سريعة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في حال تعرضهم للتهديد، وتقديم الدعم لهم من خلال آليات تتيح لهم التعبير عن آرائهم وتوثيق الانتهاكات دون المخاطرة بسلامتهم.
– تعزيز التعاون بين المدافعين عن حقوق الإنسان من شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء:
وتطرق “أوغلو” في كلمته إلى أهمية تعزيز التعاون بين المدافعين عن حقوق الإنسان في شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء كوسيلة قوية لدعم جهود حقوق الإنسان على مستوى القارة بأسرها، لافتًا إلى أن هناك حاجة ملحة إلى توحيد الجهود وتبادل الخبرات بين المدافعين في مختلف المناطق الإفريقية؛ لمواجهة التحديات المشتركة وتقديم جبهة موحدة ضد الانتهاكات.
وأوضح “أوغلو” أن المدافعين في شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء يواجهون تحديات متشابهة تتعلق بالتضييق على الحريات المدنية وقمع المجتمع المدني، ما يجعل من الضروري بناء تحالفات قوية ودائمة بينهم، قائلاً إن “التعاون بين المدافعين عبر المناطق يمكنه أن يعزز من فعالية العمل الحقوقي ويزيد من تأثيره، خاصة من خلال إطلاق حملات مشتركة وإعداد تقارير ظل وتسليم بيانات جماعية”.
وأكد كذلك على أن العمل المشترك يعطي زخمًا إضافيًا لقضايا حقوق الإنسان في إفريقيا، ويجذب انتباه المجتمع الدولي إلى الانتهاكات المتواصلة التي يعاني منها المدافعون عن حقوق الإنسان، ومشددًا على أهمية مشاركة المدافعين من كلتا المنطقتين في تقديم تقارير مشتركة وإطلاق حملات تضامن، معربًا عن أمله في أن تكون هذه الجلسات دافعًا قويًا لبناء جسور التعاون وتعزيز الجهود القارية لحقوق الإنسان.
– التزام “لجنة العدالة” بمواصلة دعم المدافعين عن حقوق الإنسان في شمال إفريقيا:
واختتم مسؤول الاتصال الإقليمي والأممي في “لجنة العدالة”، أسامة محمد أوغلو، مشاركته بتأكيد التزام “لجنة العدالة” بمواصلة العمل من أجل دعم المدافعين عن حقوق الإنسان في شمال إفريقيا رغم التحديات، قائلاً: “نؤمن أن فضاءً مدنيًا حيويًا ضروري لتحقيق العدالة والمساءلة، إن أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان هي شريان الحياة للكرامة الإنسانية، ولن نسمح بأن تُسكت هذه الأصوات”.
وأكد كذلك على أن “لجنة العدالة” ستواصل العمل على تعزيز الفضاء المدني، وستبذل جهودها لتوحيد الصفوف مع منظمات حقوق الإنسان الأخرى من أجل تحقيق تأثير أكبر على المستويين الإقليمي والدولي، ودعا إلى تكاتف الجهود للضغط على الحكومات من أجل إحداث تغييرات حقيقية تضمن العدالة والحريات للجميع.