قالت “لجنة العدالة” إن قيام اللجنة الفرعية للاعتماد، التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بتأجيل النظر في طلب المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري بإعادة اعتماده كمؤسسة من الفئة الأولى لمدة 12 شهر (جلستين)، هي خطوة مرحب بها، وجاءت كنتاج لجهود اللجنة لمحاولة إظهار حقيقة وطبيعة عمل المجلس ودوره في التستر على انتهاكات السلطات المصرية الحقوقية.
وكانت “لجنة العدالة” قد تقدمت بالتعاون مع منظمتي “منا” لحقوق الإنسان، و”هيومن رايتس فويندشن”، بتقرير حالة مفصل للجنة الفرعية للاعتماد عن وضع المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري في ظل المتغيرات الحقوقية والقانونية في مصر بعهد الرئيس ” السيسي”، الذي شهدت فيه مصر حالة من القمع الحقوقي غير المسبوقة، وذلك لتوضيح الأمور أمام اللجنة الفرعية للاعتماد؛ ولمساعدتها في اتخاذ قرارها بشكل صحيح.
– دعوة للانخراط الفعال مع المنظمات الدولية:
واستندت اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في قرارها بتأجيل اعتماد المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري للعديد من النقاط التي أثارها تقرير “لجنة العدالة”، حيث دعت اللجنة الفرعية للاعتماد المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري بالانخراط بشكل فعال مع المكتب السامي لحقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية؛ لمواصلة تعزيز إطارها المؤسسي وأساليب عملها.
وهو نفس ما أثاره التقرير الذي قدمته “لجنة العدالة”، حيث أبدت اللجنة قلقها من المادة 3 (8) من القانون رقم 197/2017، والتي تنص على تعاون المجلس وتنسيقه مع وزارة الخارجية، مع تشديدهم على أن “التنسيق مع وزارة الخارجية” قد يؤدي لاحتمال أن يلتزم المجلس بالسياسات المعينة لوزارة الخارجية باعتبارها جهة تابعة للسلطة التنفيذية.
– معالجة انتهاكات حقوق الإنسان:
كذلك طالبت اللجنة الفرعية للاعتماد، المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، معربة في الوقت ذاته عن مخاوفها من فعالية تعامل المجلس مع انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة بما في ذلك؛ التعذيب، الاختفاء القسري، ظروف الاحتجاز، وموقفه من المدافعين عن حقوق الإنسان، وغيرها، مشجعًا كذلك المجلس على تعزيز جهوده لرفع الوعي العام بمهامه في حماية حقوق الإنسان، ومعالجة جميع انتهاكات حقوق الإنسان.
وهو أيضًا ما لفت إليه تقرير “لجنة العدالة”، حيث أكد أنه تم تقديم مئات الشكاوى إلى المجلس؛ بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، دون جدوى. فلا يعتبر المجلس القومي لحقوق الإنسان وسيلة فعالة أو مستقلة لإنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، كما أن المجلس لم ينشر أي تقارير سنوية له منذ عام 2020، على الرغم من أن منشورات مثل هذه تعد جزءًا أساسيًا من تنفيذ مهامه بشكل فعال ومستقل. كما أن المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري لم يقر بأن التعذيب كان ممارسة منتشرة من قبل السلطات المصرية، ولكنه كان يحاول بدلاً من ذلك تصوير هذه الحالات على أنها حوادث فردية ومعزولة. ويؤكد ذلك تعليقات المجلس في الاستعراض الدوري الشامل الأخير لمصر بمجلس حقوق الإنسان، والتي كشفت عدم حيادية المجلس تجاه السلطات المصرية، حيث دافع المجلس عن السلطات المصرية، وممارستها المنهجية للتعذيب، واستمرار إفلات المسؤولين الحكوميين من العقاب، وقوض في نفس الوقت التفويض الممنوح له بشكل كامل.
– زيارة أماكن الحرمان من الحرية:
كذلك أبدت اللجنة الفرعية للاعتماد مخاوفها من عدم وجود ضمانات لضمان استقلالية وفعالية المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، خاصةً فيما يتعلق بزيارات أماكن الحرمان من الحرية، حيث في الغالب ما يتم رفض هذه الزيارات أو ترتيبها مسبقًا.
وهو ما دعا “لجنة العدالة” لأن توصي في تقريرها بأن يحصل المجلس القومي لحقوق الإنسان على تفويض قانوني صريح بإجراء زيارة غير معلنة لجميع أماكن الاحتجاز، وهو ما لم يتم حتى الآن.
– استقلالية المجلس من حيث تشكيله وقراراته:
أيضًا أشارت اللجنة الفرعية للاعتماد إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري يشمل من ضمن أعضائه ممثلين سياسيين وأعضاء في الأحزاب السياسية، ما يثير تساؤلات حول استقلاليته، داعية لمواصلة السعي لإيجاد تعديلات تشريعية توفر الاستقلالية لتشكيل المجلس وقرارته، وحمايته من المسؤولية الجنائية والمدنية للأعمال والقرارات التي يتخذها بحسن نية.
– ترحيب محفوف بمخاوف جدية:
وتعتبر “لجنة العدالة” تلك الخطوة من اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الطريق الصحيح، إلا أنها تعرب في الوقت ذاته عن مخاوفها من أن تكون تلك الخطوة ما هي إلا (محاولة إنقاذ) أو طوق نجاة لإخراج المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري من مأزقه.
كما تشدد اللجنة على أن المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري لا تنطبق عليه (معايير ومبادئ باريس) التي يعتمدها التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تقييمه للمؤسسات الحقوقية الوطنية، وبذلك فهو لا يستحق أن يكون ضمن الفئة الأولى، التي يسعى المجلس للحصول على إعادة لاعتمادها، وأنه يجب تخفيض تصنيفه إلى الحالة “ب”.
– اعتماد سابق مع ملاحظات جوهرية:
والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، تأسس في مايو 2003، بموجب القانون رقم 94/2003، والذي تم تعديله بموجب القانون رقم 197/2017، بتاريخ 1 أغسطس 2017. ويضم المجلس 27 عضوًا؛ من بينهم 25 عضوًا عاديًا، والرئيس ونائب الرئيس. كما يتألف المجلس من سبع لجان كل منها متخصص في مجال معين من حقوق الإنسان، مثل؛ لجنة الحقوق المدنية والسياسية، ولجنة الحقوق الثقافية. وست وحدات موضوعية، مثل؛ وحدة الشؤون القانونية، وحدة شؤون الإعاقة، ووحدة الاتجار بالبشر.
في أكتوبر 2006، منحت اللجنة الفرعية للاعتماد (SCA) التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، حالة “أ” إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، وتمت مراجعة المجلس مرة أخرى، في مايو 2018، حيث مُنح مرة أخرى الحالة “أ”.
في التقريرين الماضيين للجنة الفرعية للاعتماد (SCA) حول المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، وجهت اللجنة ملاحظات للمجلس لكي يحاول معالجتها، ولكن يبدو أنه لم يكن هناك استجابة من قبل المجلس، ما دعا اللجنة الفرعية للاعتماد (SCA) لإرجاء قرارها باعتماد المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري لمدة 12 شهرًا.
ومن ضمن الملاحظات التي وجهتها اللجنة للمجلس؛ أن “عملية الاختيار المنصوص عليها حاليًا في التشريع الحالي ليست واسعة وشفافة بما فيه الكفاية، حيث إن مجلس النواب– وفقًا للتعديلات الأخيرة في 2017– هو من له الحق في اختيار أعضاء المجلس، وباعتبار أن الانتخابات الأخيرة للمجلس لم تكن حرة ولا عادلة، وشابها الاعتقال والترهيب على نطاق واسع للأفراد الذين انتقدوا العملية، وسط انخفاض للإقبال، وادعاءات التزوير وشراء الأصوات، والتدخل الشديد من قبل الأجهزة الأمنية، فازت القوائم الموالية للنظام– برئاسة حزب مستقبل وطن– بالأغلبية البرلمانية. لذلك، يخضع مجلس النواب في الواقع لسيطرة السلطة الحاكمة للسلطة التنفيذية. وبالتالي، يتم اختيار أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان من قبل السلطة التنفيذية.