قالت “لجنة العدالة” إن تواصل إصدار أحكام الإعدام الجماعية في القضايا ذات الطابع السياسي في مصر؛ هو نتاج طبيعي لعدم التزام المحاكم المصرية بمعايير المحاكمة العادلة في القضايا ذات الطابع السياسي وإخضاعها لرغبة الأجهزة الأمنية، وكنتيجة أيضًا لتوقف الضغوط الدولية والأممية على السلطات المصرية لتحجيم حالة القمع المستمرة بلا هوادة ضد كل المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان من كافة الأطياف السياسية والأيدلوجية.
يأتي ذلك عقب إصدار الدائرة الأولى بمحكمة الجنايات المصرية أول درجة، والمنعقدة بمجمع محاكم بدر بسجن بدر، برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وغريب محمد متولي ومحمود زيدان ومحمد نبيل، في جلستها يوم الإثنين الموافق 19 فبراير/ شباط 2024، حكمها القاضي بإعدام متهمين من أصل خمسة متهمين شنقًا، والسجن المشدد لمدة 15 عامًا لمتهمان آخران، وبراءة المتهم الخامس، وذلك في القضية رقم 3257 لسنة 2023 جنايات المرج، والمعروفة إعلاميًا باسم قضية “حازمون”.
وجاءت أسماء المتهمين الصادر بحقهما حكم الإعدام كالآتي:
– محمود أحمد عبد اللطيف محمود الوزان– مُدرس.
– مصطفى أحمد عبد اللطيف محمود الوزان- فرد أمن بشركة “أنكو” للإنشاءات الهندسية.
والسجن المشدد 15 عامًا لكلاً من:
– عبد الكريم شحاتة علي جلال- مؤذن بمديرية أوقاف القاهرة بالمعاش.
– عماد عبد الكريم شحاتة علي جلال- سائق.
مع وضعهما تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات، عقب قضائهما مدة العقوبة المقضي بها، وألزمتهما بالمصاريف الجنائية.
كما قضت ببراءة المتهم- مصطفى علوبة عبد البديع حسن- موظف فيزيائي بمصلحة الجمارك، مما أسند إليه من اتهامات.
وكانت النيابة العامة اتهمت المتهمين الخمسة، بأنهم بتاريخ 13 نوفمبر 2014، بدائرة قسم شرطة المرج محافظة القاهرة انضموا إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي؛ بأن انضموا إلى جماعة “حازمون”؛ التي تدعو إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارس أعمالها بالقوة والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما والمنشآت العامة، وتخريب المُنشآت العامة، واستهداف المعارضين لأفكار وتوجهات الجماعة، وتخريب ممتلكاتهم والممتلكات العامة؛ بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تحقيق أغراضها مع علمهما بأغراض تلك الجماعة.
من جهته، علق المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة”، أحمد مفرح، على الحكم بقوله: “ما تزال السلطات القضائية في مصر مصممة على اتباع السلطات التنفيذية في استهداف المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان من مختلف الاتجاهات، فالحكم بالإعدام كما هو معروف لا يكون إلا على الجرائم الأشد خطورة، وهنا لا يوجد قتلى، والأحداث كانت مرتبطة بوضع سياسي متأزم في البلاد، والنتيجة حكم بالإعدام في محاكمة لا تمت لمعايير المحاكمة العادلة بصلة”.
كذلك وجهت جهات أممية عدة انتقادات لأحكام الإعدام الجماعية والمسيسة في مصر، من ضمنها، مذكرة أممية في سبتمبر 2021، حول أحكام الإعدام الجماعية في القضية المعروفة إعلاميًا بـ “فض رابعة”، حيث أكد الخبراء الأمميون أن المحاكم المصرية لم تستوف الإجراءات القضائية ومعايير الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة، مضيفين أن “الأحكام لم تكن مدفوعة بالدوافع الكافية”!
كما أبدى الخبراء قلقهم من تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، ما جعلها ثالث أكبر دولة منفذة للإعدام على مستوى العالم، وأنه إذا تم تأكيد تلك الوقائع فسوف ترقى إلى مستوى انتهاك الحق في الحياة، ففرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها، عند انتهاء محاكمة لم تُحترم فيها جميع الضمانات الصارمة للإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، يشكل قتلًا تعسفيًا، وهو محظور بموجب القانون الدولي، مؤكدين أنه عندما تُنفَّذ عمليات الإعدام التعسفي على نطاق واسع وبطريقة منهجية، فقد يرقى ذلك إلى مرتبة (الجرائم ضد الإنسانية)؛ وقد تنطوي على مسؤولية جنائية عالمية لأي مسؤول متورط في مثل هذه الأفعال.
وتدين “لجنة العدالة” أحكام الإعدام الجماعية والمسيسة تلك، وتطالب بإلغائها ووقف تنفيذها، وإعادة محاكمة المتهمين أمام محكمة تتوافر فيها معايير المحاكمة العادلة المعترف بها دوليًا.
كما تدعو اللجنة السلطات المصرية للنظر في وضع تعليق رسمي لعمليات الإعدام المعلقة، وأحكام الإعدام المستقبلية؛ بهدف ضمان أن حالات عقوبة الإعدام تتم مراجعتها بشكل صحيح، والنظر كذلك في وقف أحكام الإعدام بشكل عام امتثالاً للمعاهدات والمواثيق الأممية والدولية التي وقعت عليها مصر.
كذلك تكرر “لجنة العدالة” دعواتها للآليات الأممية والمجتمع الدولي للضغط على السلطات في مصر لوقف تلك الأحكام، ومراجعة قوانين الإرهاب لجعلها متوافقة مع المواثيق والعهود الدولية والأممية الموقعة عليها مصر.