قالت “لجنة العدالة” إنه في يوم الانعدام التام للتمييز العالمي، علينا أن نسأل لماذا أغفلت توصيات الحوار الوطني- في جلسة مكافحة التمييز-، العديد من أوجه التمييز في القوانين والسياسات المصرية؟ وما مصير تلك التوصيات؟!
في 1 مارس/ آذار 2014، أطلقت الأمم المتحدة أول دعوة للاحتفال بيوم الانعدام التام للتمييز؛ والذي يهدف لتوحيد العالم للاحتفاء بالتنوع ورفض التمييز بكافة أشكاله في ما يتعلق بالدخل والجنس والعمر والصحة والمهنة والإعاقة والهوية الجنسية والعرق والطبقة الاجتماعية وغيرها، وكل عام يشارك العديد من الأشخاص بأغان وقصائد وأفكار وأنشطة مستوحاة من “الفراشة” رمز الحملة، كما يدعوا الأشخاص حكوماتهم إلى بذل المزيد من الجهود لتحقيق وحماية حقوق الإنسان والقضاء على التمييز، وانطلقت الحملة من الأساس بهدف تسليط الضوء على أوجه التمييز بحق المصابين بمرض نقص فيروس المناعة (الإيدز).
وفي مايو 2023، عقدت لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني في مصر، جلسة نقاشية حول موضوع القضاء على كافة أشكال التمييز بين البشر، وذلك بحضور ومشاركة ممثلين عن فئات المجتمع من سياسيين ومرشحي جهات وأحزاب سياسية وباحثين وخبراء ومقدمي المقترحات، وناقشوا- كما جاء في المنصة الرسمية للحوار- التزام الدولة بجميع الاتفاقيات ذات الصلة والموقعة عليها للمساواة بين المواطنين أمام القانون، وتسليط الضوء على حقوق المواطنين في العلاج والسكن، بالإضافة إلى عدم التعرض للاعتداء البدني أو النفسي، و “تثمين” دور الدولة في إنشاء مفوضية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز والحفاظ على الحريات العامة والتي نص على إنشائها قبل 10 سنوات من الآن دستور 2014، وتناول المشاركون أيضًا ملامح مشروع القانون الذي تعده وزارة العدل لمكافحة التمييز استعدادًا لإرساله إلى مجلس النواب لمناقشته.
كانت أغلب المشاركات تحدثت عن الشوط الكبير الذي قطعته في سبيل تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، بالاستدلال بالاهتمام التشريعي والتنفيذي بحماية الفئات الأولى بالرعاية مثل “المرأة وذوي الإعاقة”- وهو التخصيص الذي ورد نصًا في التوصيات النهائية-، فضلًا عن القانون الذي يضمن حرية بناء دور العبادة للمسيحيين- على الرغم من تطرق أحد المشاركين إلى أن صياغة هذا القانون به شكل من أشكال التمييز-، وأشادت إحدى التوصيات بالتوزيع الجغرافي العادل للتنمية من قبل الدولة التي طالت شمال سيناء وجنوبها والصعيد والريف المصري، ليتم بعدها بخمسة أشهر القبض علي الشيخ صابر الصياح، أحد أبرز رموز سيناء؛ لمطالبته بعودة المواطنين المصريين المُهجرين من رفح.
ورغم تطرق التوصيات النهائية للتمييز على أساس الجنس ضد النساء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فلم تتطرق المشاركات على الإطلاق إلى القوانين والممارسات التمييزية ضد النساء التي يجب أن تراجعها الدولة أو أي مراجعات تفصيلية لقوانين الأحوال الشخصية ونصوص قانون العقوبات التي تكرس التمييز، مثل؛ عدم تجريم الاغتصاب الزوجي، وتكييف أفعال مثل حالات العنف المنزلي والاغتصاب على أنها أفعال تأديبية بمقتضى الشريعة الإسلامية، وكذلك تخفيف عقوبات عدد من الجرائم بدواعي الشرف وفقًا لذات القانون، فضلاً عن التحفظات المصرية على اتفاقية منع جميع أشكال التمييز ضد النساء “سيداو”.
تم تقديم التوصيات إلى رئاسة الجمهورية منذ مايو 2023، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن أي ملامح لها حتى كتابة هذا البيان. فلم يتم إنشاء مفوضية مناهضة التمييز والواجبة دستوريًا منذ 2014، كما لم يتم الإعلان عن أي تطورات بخصوص مشروع قانون مناهضة التمييز الذي من المفترض أن تعمل عليه وزارة العدل وتقوم بإرساله لمجلس النواب المصري لمناقشته.
لذا؛ تطالب “لجنة العدالة” بضرورة الالتزام بالشفافية مع المواطنين وكشف مصير توصيات الحوار الوطني، مع توضيح الأسباب التي أدت لتأخير تنفيذ تلك التوصيات بشكل فعال على أرض الواقع حتى الآن.