قالت “كوميتي فور جستس” إن الربع الأخير من العام 2022، حفِل بالعديد من الانتهاكات الحقوقية التي مارستها السلطة المصرية بالتزامن مع انطلاق دعوات التظاهر في 11 نوفمبر 2022؛ احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وكذلك مع عقد مؤتمر قمة المناخ Cop27، في مدينة شرم الشيخ المصرية؛ والذي وضع ملف مصر الحقوقي في بؤرة تركيز الرأي العام العالمي.
جاء ذلك من خلال التقرير الربع سنوي الرابع، (أكتوبر – ديسمبر) 2022، للمنظمة ضمن مشروعها لـ”مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية”، والذي رصدت من خلاله 2238 انتهاكًا، تصدرتهم الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا، والتي كان لها النصيب الأكبر بواقع 2000 انتهاكًا مرصودًا، يليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 119 انتهاكًا مرصودًا، و89 انتهاكًا مرصودًا ضمن سوء أوضاع الاحتجاز؛ بما فيها الحرمان المُتعمد من الرعاية الصحية، و18 انتهاكًا ضمن جرائم التعذيب، و12 انتهاكًا ضمن الوفاة داخل مقار الاحتجاز.
– أوضاع اقتصادية متدهورة وقمة المناخ:
ورأت المنظمة في تقريرها أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة كانت الباعث للدعوة لتظاهرات 11/11، والتي كان لها عامل كبير في زيادة عدد الانتهاكات في تلك الفترة، حيث زادت تدريجيًا وتيرة الدعوات الغاضبة عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ وبالتبعية زادت وتيرة القبضة الأمنية وحملات اعتقال المواطنين تعسفيًا وتفتيش هواتف المارة في عددًا من الشوارع والميادين الحيوية المصرية.
كذلك كان التأهب الأمني على أشده بسبب انعقاد مؤتمر قمة المناخ Cop27 التابعة للأمم المتحدة بمدينة شرم الشيخ المصرية، منذ 7 نوفمبر وحتى 22 نوفمبر 2022، وقبل انعقاد القمة طالب مجموعة من الخبراء المستقلين التابعين للأمم المتحدة، الحكومة المصرية ضمان مشاركة وسلامة جميع أطراف المجتمع المدني، وخاصة النشطاء في مجال البيئة والمناخ.
كما شهد نهاية العام أيضًا احتجاجات نقابات مهنية مختلفة على تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، وأصدرت نقابات المهندسين والمحامين وأطباء الأسنان بيانات مختلفة تبدي رفضها للفاتورة الإلكترونية المقررة من قبل وزارة المالية، والتي تضيف أعباء مالية على أعضاء النقابات.
– تحرك أوربي ضد الانتهاكات في مصر:
وأوضحت “كوميتي فور جستس” أن الربع الأخير من العام شهد تحركًا أوربيًا ضد الانتهاكات الحقوقية في مصر، فتبنى البرلمان الأوربي قرارًا يدعو فيه السلطات المصرية إلى الإفراج عن الناشط المحتجز المضرب عن الطعام ذلك الحين، علاء عبد الفتاح، وجميع ضحايا الاحتجاز التعسفي في مصر. كذلك عقب انتهاء قمة المناخ، عقد البرلمان الأوربي نقاشًا جديدًا حول حالة حقوق الإنسان في مصر؛ ونتج عنه قرارًا جماعيًا بتجديد الدعوة لدول الاتحاد الأوربي بفرض عقوبات على المسؤولين عن أعمال القمع العنيف في مصر، بالإضافة للدعوة لمراجعة علاقات الاتحاد مع مصر في ظل التقدم المحدود للغاية في سجلها الحقوقي واستمرار ملاحقة المعارضة.
– تحليلات بيانية للانتهاكات:
كما أشارت المنظمة إلى أنه على صعيد المدي الزمني لوقوع الانتهاكات، وقعت النسبة الأكبر من الانتهاكات في شهر نوفمبر 2022؛ حيث وقع به 43 بالمئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات المرصودة بواقع 964 انتهاكًا مرصودًا؛ بسبب تزامنه مع دعوة التظاهرات في يوم 11/11، بالإضافة إلى انعقاد مؤتمر قمة المناخ، يليه شهر أكتوبر الذي شهد بداية انطلاق دعوات التظاهر وخطوة تحرير سعر صرف العملة، وقد وقعت فيه ما يمثل نحو 39 بالمئة من نفس الإجمالي (877 انتهاكًا).
كذلك شمل رصد المنظمة عدد 14 محافظات مصرية، تصدرتهم محافظة القاهرة بالنسبة الأعلى من الانتهاكات، حيث تم رصد وقوع 1671 انتهاكًا بها توزعت بين؛ 1570 انتهاكًا ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا، و49 انتهاكًا ضمن الاختفاء القسري، و 38 انتهاكًا ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، و 8 وقائع وفاة داخل مقار الاحتجاز؛ ويمكن تفسير تصدر محافظة القاهرة قائمة المحافظات التي تم رصد وقوع انتهاكات بها بعدد من العوامل الجغرافية والسياسية؛ فبجانب وجود أعلي أعلى نسبة من السكان بها فهي أيضًا مقرًا لعددًا من مجمعات السجون لكونها العاصمة.
ولفتت “كوميتي فور جستس” إلى أنه بتحليل بيانات الضحايا الذين تمكنت من تحديد مهنهم، لاحظت أن نصيب الضحايا أصحاب المهن الحرفية هو النصيب الأعلى من الانتهاكات بواقع 24 انتهاكًا مرصودًا؛ يليهم أصحاب المهن الطبية الذي كان نصيبهم من الانتهاكات 16 انتهاكًا مرصودًا، ثم المهندسين بواقع 15 انتهاكًا مرصودًا. كما كان نصيب الضحايا متوسطي العمر (35 – 59 عامًا) هو الأعلى من واقع الانتهاكات المرصودة بواقع 133 انتهاكًا مرصودًا، ولاحظت المنظمة تعرض 3 قُصر (- 18 عامًا) إلى الانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا.
وذكرت المنظمة أن نصيب الضحايا الذكور من الانتهاكات هو الأعلى بما يمثل نحو 97 بالمئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات المرصودة (2180/2238)، بينما تم رصد تعرض الإناث إلى 58 انتهاكًا توزعت بين؛ 47 انتهاكًا ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا، و6 انتهاكات ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، و5 انتهاكات ضمن الاختفاء القسري. وعلى صعيد الموقف القانوني للضحايا وخلفية احتجازهم، كان نصيب الضحايا قيد الحبس الاحتياطي من الانتهاكات المرصودة هو الأعلى، بما يمثل نحو 78 بالمئة تقريبًا من الإجمالي ضمن هذا التصنيف بواقع 1752، يليهم الضحايا المخلي سبيلهم واكتملت إجراءات الإفراج عنهم بواقع 268 انتهاكًا مرصودًا.
كما عرض التقرير بشكل مفصل حالات لضحايا وقعوا لانتهاكات خاصة بالإخفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الرعاية الصحية، وسوء أوضاع الاحتجاز، كذلك ما تم مع المصريين من أهل النوبة الذين حكمت عليهم السلطات السعودية بأحكام سجن مجحفة، وتعرضوا لانتهاكات جمة أثناء احتجازهم ومحاكمتهم.
– جهود المنظمة لرفع الظلم عن الضحايا:
أيضًا عرج التقرير إلى الجهود التي قام بها فريق التواصل الأممي بـ”كوميتي فور جستس”، خلال فترة التقرير، والتي قدم فيها الفريق 9 شكاوى ومراسلات بخصوص ضحايا ومستجدات الأوضاع الحقوقية في مصر إلى هيئات وفرق عديدة تابعة إلي إلى الأمم المتحدة، منهم؛ الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بالاختفاء القسري، والتي نتج عنها تبني الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة رأيًا حول احتجاز كل من؛ عمر عبد العزيز محمد عبد العزيز، خالد محمد عبد الرؤوف ، حسام عبد الرازق عبد السلام خليل، ومحمد عبد العزيز فرج علي.
– توصيات التقرير:
وأوصت “كوميتي فور جستس” في ختام تقريرها بتصحيح المسار؛ والإفراج الفوري عن جميع ضحايا الاحتجاز التعسفي على خلفية دعوات التظاهر في 11/11، وجميع معتقلي الرأي.
كذلك طالبت المنظمة السلطات المصرية بإعادة النظر في أوضاع المحتجزين، خاصةً في مركز الإصلاح والتأهيل بمدينة بدر، وتحسين الأوضاع السيئة المتعلقة باحتجازهم، ومحاكمتهم في ظروف عادلة لهم ولدفاعهم، وتنشيط عمل لجنة العفو الرئاسي وتحديد صلاحياتها وتحريك أعداد المفرج عنهم وتوسيع نطاق عملها.
أيضًا دعت المنظمة لفتح تحقيق جدي في جرائم التعذيب والاختفاء القسري والحرمان العمدي من الرعاية الصحية بحق الضحايا الذين وثق التقرير حالتهم التي وقعت في مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وتتبع الجناة ومنع الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى تفعيل دور النيابة الرقابي على جميع مقار الاحتجاز في مصر لتفادي وقوع مثل تلك الجرائم مجددًا.
كما شددت المنظمة على ضرورة التدخل الخارجي العاجل في قضية أبناء النوبة في السعودية، والتحرك من أجل إعادة محاكمتهم محاكمة عادلة ومنصفة والاستجابة لاستغاثات ذويهم.