Skip to content

تونس: “لجنة العدالة” ترفض مقترح تعديل القانون الانتخابي وتدعو لتجميده لحين انتهاء انتخابات الرئاسة وطرحه للحوار

أقل من دقيقة مدة القراءة: دقائق

قالت “لجنة العدالة” إنه في 20 سبتمبر/ أيلول الجاري، قدَّمت مجموعة من نواب البرلمان التونسي مقترح قانون لتعديل القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وهو تعديل ينقل النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف بتونس. وقد تم عرض هذا المقترح على مكتب البرلمان التونسي الذي أحاله إلى لجنة التشريع العام مع طلب استعجال النظر فيه، وذلك في وقت حرج قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر 2024.

ويتضمن المشروع تغييرات جوهرية في كيفية التعاطي مع النزاعات الانتخابية، ويشمل إجراءات لتسريع النظر في الطعون وتعجيل البت فيها، كما تضمن مقترح القانون عدة فصول تنص على إعادة هيكلة منظومة النزاعات الانتخابية ونقل الاختصاص من المحكمة الإدارية- التي كانت الجهة القضائية الرئيسة المختصة بالنظر في النزاعات الانتخابية-، إلى محكمة الاستئناف بتونس. كذلك ينص التعديل على أنه بإمكان المرشحين المقبولين الطعن في قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات أمام محكمة الاستئناف في غضون 48 ساعة من إصدار القرار، وستقوم كتابة المحكمة فور تلقي الطعن بتسجيله وإحالته إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الذي سيكلف دائرة معينة للنظر فيه بشكل مستعجل.

وبُناءً على التعديلات المقترحة، يجب أن تصدر محكمة الاستئناف حكمها في غضون مدة زمنية قصيرة، ويأتي ذلك ضمن جهد لتسريع إجراءات الفصل في النزاعات الانتخابية قبل الاقتراع. اللافت في التعديل أن هذه الإجراءات ستنطبق على النزاعات الانتخابية الجارية حتى تلك التي لم يُبت فيها بعد أمام المحكمة الإدارية، مما يعني أن محكمة الاستئناف ستأخذ على عاتقها البت في جميع القضايا المتعلقة بالانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وأكد النواب الذين تقدموا بمقترح القانون أن هذا التعديل جاء استجابة للاختلافات والصراعات التي لاحظوها بين قرارات هيئة الانتخابات وقرارات المحكمة الإدارية في النزاعات الانتخابية. ووفقًا لتفسيرهم، فإن هذا الوضع أدى إلى توترات قد تؤثر سلبًا على المسار الانتخابي وتهدد استقراره، مشيرين إلى أن بعض القضاة في المحكمة الإدارية أدلوا بتصريحات قد توحي بتوجهات مسبقة في النزاعات الانتخابية، ما يضر بمبدأ الحياد القضائي. لذلك، يرون أن نقل النزاعات إلى محكمة الاستئناف يسهم في تفادي الأزمات المحتملة وتحقيق العدالة بطريقة أسرع وأكثر شفافية!

وتسبب هذا المقترح في موجة غضب عارمة شملت كافة أطياف المجتمع المدني والسياسي التونسي، حيث اعتبر العديد منهم أن هذا التعديل يمس بقواعد العملية الانتخابية ويعطل سيرها الديمقراطي، وكان المرشحان للانتخابات الرئاسية القادمة “زهير المغزاوي والعياشي زمال”، من بين أوائل من عبّروا عن معارضتهم الصريحة، وأصدرا بيانًا مشتركًا أكدا فيه رفضهما التام للمشروع. وشدد البيان على أنه “لا يجوز قانونيًا وأخلاقيًا” إجراء تعديلات على القوانين الانتخابية قبل أقل من عام من الانتخابات، وأن هذا التعديل يأتي في وقت حساس جدًا ما بين انطلاق الحملة الانتخابية واقتراب موعد الاقتراع، مشددين على أن تعديل القانون الانتخابي في هذا التوقيت يعد “تغييرًا لقواعد اللعبة أثناء سير المباراة”.

كما رفضت “جمعية القضاة التونسيين” بشدة التعديل المقترح، واعتبرته مساسًا خطيرًا باستقلال القضاء وضربًا لأسس النظام الديمقراطي. وفي بيان أصدرته الجمعية، نددت بتوجيه اتهامات إلى القضاة العاملين في المحكمة الإدارية بعدم التزامهم الحياد، ووصفت هذه الاتهامات بأنها باطلة وغير مبررة. واعتبرت الجمعية أن هذا التعديل يفتح الباب أمام تدخل السلطة السياسية في القرارات القضائية المتعلقة بالنزاعات الانتخابية، ما قد يؤدي إلى تقويض دولة القانون ويضعف ثقة الجمهور في المؤسسات الديمقراطية، محذرة من أن نقل النزاعات إلى محكمة الاستئناف قد يؤسس لسابقة خطيرة تؤدي إلى تغييرات مستقبلية تهدف إلى السيطرة على القضاء.

من جانبه، أصدر “الاتحاد العام التونسي للشغل”- المنظمة النقابية الأبرز في تونس-، بيانًا عبّر فيه عن رفضه لمقترح القانون، معتبرًا أن التوقيت غير مناسب لهذا التعديل، ومشيرًا إلى أن الحملة الانتخابية بدأت بالفعل، وأن تغيير قواعد الانتخابات الآن يُعد تشكيكًا في نزاهة واستقلالية القضاء الإداري الذي يتولى الفصل في النزاعات الانتخابية منذ سنوات. كما دعا الاتحاد نواب البرلمان إلى التراجع عن التعديل والتوقف عن تقديم مقترحات تشريعية تضر باستقرار البلاد في هذا الوقت الحساس.

كذلك أعرب عميد المحامين التونسيين، حاتم المزيو، عن رفضه التعديل المقترح، مشيرًا إلى أنه لم يُطلع رسميًا على تفاصيله، لكنه عبّر عن قلقه من أن التعديل يغير قواعد الانتخابات قبيل وقت قصير من موعدها، ما يعكس نية لإرباك المسار الانتخابي. وأكد “المزيو” على ضرورة الالتزام بقيم النزاهة والشفافية، مشددًا على أن أي تعديل في القوانين الانتخابية يجب أن يكون بعيدًا عن التوقيتات الحساسة التي تضعف ثقة الجمهور في العملية الديمقراطية.

وترى “لجنة العدالة” أن هذا التعديل يأتي في وقت تواجه فيه تونس تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، وسط مخاوف يبديها العديد من المراقبين من أن يؤدي هذا التعديل إلى زعزعة استقرار البلاد ويعزز من التوترات السياسية بين مختلف الأطراف.

كما تؤكد “لجنة العدالة” أن السلطة التنفيذية في تونس تواصل محاولاتها لاختراق السلطة القضائية والتأثير على استقلاليتها، ما يعمق أزمة الانقلاب على إرادة الشعب الذي يتطلع إلى انتخابات حرة، ونزيهة وتعددية، تفضي إلى إرساء قيادة ديمقراطية وشرعية، يجتمع حولها التونسيون. كما أن هذه المبادرة التشريعية يشوبها “عدم الدستورية” لمخالفتها الفصلان 75 و76 من دستور 25 يوليو/ تموز 2022، ولمخالفتها القانون الأساسي للهيئة المستقلة للانتخابات؛ فيما يتعلق بالاختصاص المطلق للمحكمة الإدارية في النزاعات الانتخابية.

كذلك فإن توقيت هذه المبادرة يثير تساؤلات حول دوافعها ومدى استجابتها لضرورات موضوعية، فهي تعد “مسًّا جوهريًا” لسلامة المسار الانتخابي، وتنطوي على مخالفة جسيمة للممارسات الفضلى المتعلّقة بالانتخابات؛ والتي تمنع إدخال أي تنقيحات على القانون الانتخابي خلال السنة الانتخابية، فهي بمكانة “خطوة مشبوهة” تهدف إلى التأثير على المسار الانتخابي لمصلحة أطراف معينة، وأن استعجال النظر فيها دون إتاحة الوقت الكافي للنقاش والتشاور يطرح علامات استفهام حول مصداقية الإجراءات التشريعية في هذه المرحلة الحرجة.

لذلك؛ ترفض “لجنة العدالة” مقترح قانون لتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء المقدم من قبل من مجموعة من التشريعيين بمجلس النواب التونسي، وتطالب بتجميد ووقف أي تعديلات على قانون الانتخابات حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول القادم، مع ضرورة عرض أي تنقيحات أو تعديلات مستقبلية للحوار المجتمعي للنقاش والتحاور حولها.

لمزيد من المعلومات والطلبات الإعلامية أو الاستفسارات، يرجى التواصل معنا
(0041229403538 / media@cfjustice.org)

آخر الأخبار

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

كن أول من يحصل على أحدث منشوراتنا