خبر صحفي
تحرير: لجنة العدالة
رصدت “لجنة العدالة” سلسلة من التجاوزات الأمنية والقضائية التي شابت اعتقال القاض التونسي، حمادي الرحماني، مشيرة إلى أن العملية تضمنت خروقات واضحة للدستور والقانون.
– عملية اعتقال عنيفة ومهينة:
وأفادت اللجنة بأن عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس قام بإصدار بطاقات جلب في حق القاض “الرحماني”، لتقوم الفرق الأمنية بتنفيذ عملية اعتقال “الرحماني” بطريقة عنيفة ومهينة، تضمنت تمزيق ملابسه وتكبيله بالأغلال أمام أسرته، والاعتداء الجسدي على زوجته المحامية التي حاولت توثيق الاعتداء عليه قبل مصادرة هاتفها المحمول.
وفي تفاصيل الحادثة، ذكرت مصادر قانونية أن عددًا كبيرًا من أعوان الأمن توجهوا إلى منزل القاض “الرحماني” في ساعات الصباح يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وبحسب المحامي إبراهيم بلغيث، قام الأعوان بمراقبة المنزل لفترة قبل أن يعتقلوا “الرحماني” بالقوة من داخل سيارته، رغم تعريفه بنفسه وصفته كقاضٍ. وأضاف المحامي أن زوجة “الرحماني”، المحامية، تعرضت بدورها للعنف أثناء محاولتها التدخل.
عقب ذلك، أصدر عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية، قرارًا بالإبقاء على “الرحماني”، الصادر في حقه قرار بالإعفاء، في حالة سراح.
– انتقاص لحرية التعبير:
وعلى صعيد القضايا الموجهة ضد “الرحماني”، أوضح عضو هيئة الدفاع عنه، العياشي الهمامي، أن التحقيق معه جاء على خلفية ست شكاوى تقدم بها الرئيس السابق لمحكمة التعقيب، الطيب الراشد، والتي تتعلق بمحتوى نشره “الرحماني” على وسائل التواصل الاجتماعي. وبيّن “الهمامي” أن التهمة الموجهة لموكله تتعلق بـ “الإساءة إلى الغير عبر شبكات التواصل”، ما يعيد فتح النقاش حول حرية التعبير للقضاة ودورهم في تسليط الضوء على التجاوزات في المنظومة القضائية.
– رفض القضاة لما يحدث:
وفي السياق ذاته، أكدت جمعية القضاة التونسيين، في بيان لها، أن إصدار عميد قضاة التحقيق بطاقات جلب بحق “الرحماني” دون التقيد بالضمانات القانونية يعد “تجاوزًا فاضحًا” للصلاحيات وانتهاكًا للحقوق الدستورية الممنوحة للقضاة، ومنها الحصانة القضائية.
وأكدت الجمعية في بيانها، أن القرار جاء بالرغم من صدور حكم عن المحكمة الإدارية في أغسطس 2022، يقضي بتعليق تنفيذ أمر إعفاء القاضي “الرحماني”، ما يثبت استعادته لصفته القضائية، وهو ما يجعل إصدار بطاقات الجلب وتطبيقها أمرًا مخالفًا للقانون.
– تنديد حقوقي ودعوات بوقف الإجراءات التعسفية:
من ناحيتها، وصفت “لجنة العدالة” المشهد بأنه “يعكس تدهور حاد في احترام حقوق الإنسان واستقلال القضاء في تونس، كما يعكس التدخل السافر للأجهزة الأمنية في الشأن القضائي، ما يهدد استقلالية القضاء ويضعف الضمانات التي تكفل حياد القضاة وحمايتهم من التدخلات السياسية”.
وأكدت اللجنة أن هذه الأحداث تأتي في سياق عام من التضييق على القضاة واستهدافهم منذ عدة سنوات، وهو ما وصفته بـ “السياسة الممنهجة” من قبل السلطة التنفيذية للسيطرة على القضاء وإضعاف مؤسساته.
وتطالب اللجنة بفتح تحقيق مستقل وشفاف في التجاوزات التي شهدتها القضية، مشددة على ضرورة احترام الضمانات الدستورية التي تكفل للقضاة استقلالهم، ووقف أي تدخل سياسي أو أمني في عملهم، حفاظًا على حقوق الإنسان واستقرار المؤسسات الديمقراطية في البلاد.