أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 52/149 المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1997، يوم 26 حزيران/يونيو يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، بهدف القضاء التام على التعذيب وتحقيقاً لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي بدأ نفاذها في 26 حزيران/يونيه 1987.
وتُحيي المنظمات الموقعة أدناه، إلى جانب المجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان في العالم، هذا اليوم باعتباره يومًا لتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وللتذكير أن الأسرة الدولية تمسكت برفض ومناهضة التعذيب والمعاملة السيئة، وذلك بعد أن تبنت المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، التي تنص على أن ” لا يُعرَّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات، أو المعاملات القاسية، أو الوحشية، أو المحطة بالكرامة”، ما يدلل على وجود إجماع دولي يضمن لكل شخص عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة.
كما أن قواعد اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، اعتبرت جريمة التعذيب ضمن إطار الجرائم الدولية. وقد تلى هذا النص تبنّي المجتمع الدولي لمجموعة من الصكوك والاتفاقيات الدولية التي تمنع جريمة التعذيب، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1975م إعلان مناهضة التعذيب. وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية ،أو اللاإنسانية أو المهينة، وهي تلزم الدول الأطراف باتخاذ خطوات محددة لمنع التعذيب والتحقيق فيه.
وتنص الاتفاقية على إنشاء لجنة لمناهضة التعذيب للإشراف على تنفيذ أحكامها. وفي العام 1985، قررت الأمم المتحدة تعيين مقرر خاص معني بالتعذيب، يتضمن عمله إرسال مناشدات عاجلة إلى الحكومات في الدول التي يرد منها أخبار تشير إلى أن شخصًا ما يتعرض فيها لخطر التعذيب. وفي العام 1993، اعتمد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقدته الأمم المتحدة إعلان وبرنامج عمل فيينا.
ومن بين التطورات المهمة الأخرى اعتماد نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة في العام 1998، والذي ينص على إجراء محاكمات جنائية دولية للأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال تشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية بما فيها التعذيب.
وفي هذه المناسبة، يهم المنظمات الموقعة أن تُشير إلى أن التعذيب في السجون المصرية يمارس بأشكال عدة، نفسية وجسدية، مما يؤدي إلى وفاة العشرات سنويًا، كنتيجةٍ للتعذيب المباشر في السجون وأماكن الاحتجاز، أو التسبب بعاهات مستديمة وأمراض مزمنة لآخرين وأخريات. الأمر الذي أكدته تقارير عدة حيث أشارت إلى أن أغلبية من اعتقلوا/ن تعرضوا/ن للمعاملة المهينة السيئة واللاإنسانية كالشتائم وكافة أشكال العنف اللفظي. كما وصل الأمر إلى تكبيل الأيدي وعصب الأعين، والضرب، والحرمان من النوم والطعام والشراب.
ومن ضمن ذلك، ما وثقته منظمة “كوميتي فور جستس” في الأعوام 2019 و2020 و2021. حيث وثقت المنظمة 8351 حالة سوء ظروف احتجاز، و670 حالة تعذيب في السجون، و 546 حالة امتناع عن تقديم الرعاية الطبية، و119 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز. كما وثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قضايا تعذيب وانتهاكات بحق “مجتمع الميم” على يَد قوات الأمن المصرية، تشمل الضرب والعنف الجنسي بشكل عنيف ومتكرر، وغالبًا ما كانت هذه الأفعال على شكل فحوص شرجية قسرية، أو “فحوص العذرية”. كذلك ارتكب عناصر الشرطة، وعناصر النيابة أيضًا اعتداءات لفظية، وانتزعوا اعترافات بالإكراه، ومنعوا المعتقلين من الوصول إلى مستشار قانوني ورعاية طبية.
بناءً عليه، تستنكر المنظمات الموقعة أدناه جريمة التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون/ات. وتعتبر الجهات الموقعة أن التعذيب في السجون وأماكن الاحتجاز يعدّ انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، وجرم فظيع وبشع يرتكب بحق الإنسانية، وأنه أصبح نهجًا أساسيًا وثابتًا، وممارسةً مؤسساتيةً، وجزءً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين/ات اليومية في مصر، ويهدف بذلك إلى تدمير الإنسان جسديًا ومعنويًا.
وتشدّد المنظمات على حقيقة أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، وأنه سيأتي اليوم الذي تنتصر فيه العدالة لكل الذين/اللواتي تعرضوا/ن للتعذيب، انتصارًا لقيمة الإنسان وكرامته.
وترفع المنظمات الموقعة كما التوصيات التالية إلى الجهات المعنية:
1.نطالب المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، والمنظمات الدولية لمناهضة التعذيب، بضرورة التدخل والضغط على مصر لوقف جريمة التعذيب.
- نحث المجتمع الدولي على ضرورة تشكيل لجان تحقيق من أجل الكشف عن أساليب التعذيب التي يتعرض لها المعتقلين، وحتى تكون هذه اللجان خطوة على طريق تقديم مرتكبي/ات جريمة التعذيب إلى العدالة الجنائية الدولية.
- كما نطالب الحكومة المصرية بما يلي:
- منع ممارسة التعذيب وتحريمه، ومحاسبة كل الذين مارسوه بحق موقوفين/ات وسجناء/سجينات، من خلال تقديمهم للعدالة.
- الإنضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
- وضع حد فوري لاستخدام الحبس الانفرادي.
- وقف وإلغاء الكشوف الشرجية وكشوف العذرية فوراً.
- إنشاء هيئة مستقلة للتحقيق في مزاعم التعذيب والاختفاء القسري وسوء المعاملة.
- دعوة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، وكذلك المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.
- السماح للمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، بزيارة أماكن الاحتجاز لمراقبة ظروف الاحتجاز، وتقديم الخدمات الأساسية للمحتجزين/ات.
- التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
المنظمات الموقعة:
- منظمة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية (هيومينا الإقليمية)
- حملة المادة 55
- حملة قتل في مصر
- المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية – نضال
- المركز المصري للحق في التعليم
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائى