Widget 1

Optional widget here

مصر: لجنة مناهضة التعذيب الأممية تؤكد عدم وفاء السلطات المصرية بالتزاماتها وفقًا للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب

قالت “لجنة العدالة” إن الآليات الأممية وتقاريرها تعد قوة فعالة للضغط على الأنظمة الاستبدادية من أجل تخفيف وطأة القمع الممارس ضد الشعوب، مشيرة إلى أن هذه التقارير تسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتوفر غطاءً دوليًا يُمكن الضحايا من المطالبة بحقوقهم، ويربط بين معاناتهم ومؤسسات القرار العالمي، ما يخلق مساحة ضغط أخلاقية وسياسية لا يمكن لتلك الأنظمة تجاهلها دون دفع ثمن باهظ على المستوى الدولي.

وفي إطار الجهود المستمرة لمراقبة حالة حقوق الإنسان في مصر، نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 16 مايو 2025، تقرير متابعة حول مدى تنفيذ السلطات المصرية للتوصيات التي صدرت عنها بعد استعراض التقرير الدوري الخامس لمصر في نوفمبر 2023، وذلك في سياق عملية متابعة دورية تقوم بها اللجنة لتقييم مدى التزام الدول الأطراف بتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.

تناول تقرير المتابعة ثلاث توصيات عاجلة رئيسية كانت وجهتها لجنة مناهضة التعذيب إلى السلطات المصرية في نوفمبر 2023، وخلصت إلى أن مصر لم تتخذ أي خطوات ملموسة أو إصلاحات جوهرية لتنفيذ أي من هذه التوصيات بعد مرور عام كامل على صدورها.

1- مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ:

أشارت اللجنة في تقريرها إلى استمرار العمل بقوانين توسع من صلاحيات أجهزة الأمن والنيابة العامة رغم إلغاء حالة الطوارئ رسميًا في عام 2021، ومن بين هذه القوانين قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وقانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، بالإضافة إلى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي رأت أنه لا يعالج المشكلات المتعلقة بحماية حقوق المتهمين؛ بل يكرسها.

وأكدت اللجنة أن السلطات المصرية لم تتخذ أي تدابير جوهرية لمعالجة المشكلات الخاصة بتلك النقطة.

2- ظروف الاحتجاز:

كما أكدت لجنة مناهضة التعذيب استمرار سوء ظروف الاحتجاز داخل السجون والمراكز الأمنية، بما في ذلك الاكتظاظ الشديد وغياب النظافة ونقص الغذاء والرعاية الصحية وعدم توفير التهوية المناسبة، وهي أمور تتعارض مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي وضعتها الأمم المتحدة.

وأشارت إلى استمرار الحبس الاحتياطي المطول خاصة في القضايا السياسية، وإساءة استخدامه كوسيلة للإبقاء على المعارضين السياسيين داخل السجون لفترات طويلة دون محاكمة، وهو ما يخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. واستنكرت أيضًا التمييز في تطبيق قرارات العفو أو الإفراج المشروط حيث تلاحظ أن غالبية من يتم إطلاق سراحهم هم من المعتقلين في قضايا جنائية عادية بينما تستمر السلطات في احتجاز المعتقلين السياسيين دون مبرر قانوني واضح.

وأكدت اللجنة عدم كفاية الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المصرية، وعدم توافر المعلومات الخاصة بكيفية معالجة المشكلات الخاصة بتلك النقطة.

3- عقوبة الإعدام:

وأعربت لجنة مناهضة التعذيب عن قلقها العميق إزاء استمرار تطبيق عقوبة الإعدام في مصر وتوسيع نطاق الجرائم التي تُعاقب بها، بما في ذلك القضايا السياسية والإرهابية والمخدرات، في حين أن المعايير الدولية تقتضي حصر هذه العقوبة في “أخطر الجرائم”.

كما لاحظت اللجنة أن مصر لم تقم بأي إصلاح تشريعي جوهري يهدف إلى تقنين عدد الجرائم التي تُعاقب بالإعدام أو وضع ضمانات قضائية صارمة تحمي من الإعدامات التعسفية أو الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام تمامًا. وخلصت إلى أن السلطات المصرية لم تقدم أي معلومات حول خطط لإصلاح التشريعات الخاصة بهذه العقوبة، ولا توجد مؤشرات على وجود إرادة سياسية لإحداث تغيير حقيقي في هذا المجال.

وأكدت اللجنة أن السلطات المصرية لم تتخذ أي تدابير جوهرية لمعالجة المشكلات الخاصة بتلك النقطة الجوهرية.

كما أبدت لجنة مناهضة التعذيب الأممية في نهاية تقريرها أسفها البالغ لعدم تقديم مصر أي معلومات مفصلة أو خطط واضحة لتنفيذ التوصيات، وهو ما يعكس غياب الجدية في التعامل مع الملاحظات والمخاوف الدولية، ويُضعف مصداقية التزام الدولة بمعايير حقوق الإنسان العالمية.

تجدر الإشارة إلى أن “لجنة العدالة” ساهمت بشكل مباشر في دعم عمل لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، عبر تقديم تقرير متابعة بعد مرور عام على استعراض ملف مصر أمام اللجنة في 19 نوفمبر 2024. وتضمن التقرير تحليلاً مفصلاً لأوجه القصور في استجابة السلطات المصرية، مع التركيز على النقاط الثلاث الرئيسية التي أبرزتها اللجنة الأممية، ليأتي تقرير اللجنة الأممية ليؤكد معظم الملاحظات التي أثارتها “لجنة العدالة” في تقريرها.