Widget 1

Optional widget here

مصر: “لجنة العدالة” تستعرض الأوضاع الحقوقية بالبلاد في فعالية جانبية على هامش المراجعة الدورية لملف مصر الحقوقي بجنيف

نظمت “لجنة العدالة” فعالية هامة بالتعاون مع عدد من المنظمات المصرية غير الحكومية، وذلك على هامش المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في مصر بمجلس حقوق الإنسان بجنيف، والتي عُقدت يوم الإثنين الموافق 28 يناير/ كانون الثاني الجاري، في قصر الأمم بجنيف، في ذات يوم المراجعة في تمام الحادية عشرة صباحًا، وسلطت الضوء على الأزمة الحالية في حقوق الإنسان في مصر مع تقديم التوصيات اللازمة لتجاوز هذه الأزمة.

 

– “مفرح”: مدى ترجمة التزامات مصر الحقوقية على أرض الواقع

وفي بداية الفعالية، رحب المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة” أحمد مفرح، في كلمته بالمشاركين والحضور، موضحًا أن “لجنة العدالة” تنظم تلك الفاعلية بالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة للحديث عن التقرير المقدم من قبل السلطات المصرية للجنة الاستعراض الشامل في مجلس حقوق الإنسان، وحالة حقوق الإنسان في مصر قبيل الاستعراض الدوري الشامل

وأكد “مفرح” في كلمته الافتتاحية أن “النقاش اليوم يسلط الضوء على واقع حقوق الإنسان في مصر وتحديدًا في ضوء التقرير الذي تقدمت به السلطات المصرية، وكذلك يأتي في وقت حساس للغاية حيث يتزايد التركيز المحلي والدولي على حال حقوق الإنسان ومدى التزام السلطات المصرية بتعهداتها الوطنية والإقليمية والدولية”

وأشار المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة” إلى أن السلطات المصرية في تقريرها أكدت أنها تعمل على تعزيز الإطار المؤسسي والتشريعي واحترام الحقوق المدنية والسياسية وتحسين أوضاع المعتقلين ودعم المجتمع المدني؛ لكن السؤال المهم هل هذه الالتزامات تترجم على أرض الواقع؟! وهو ما سنناقشه اليوم.

وأضاف “مفرح” أن الفعالية ستناقش “في هذا الإطار عدد من القضايا الملحة التي تجسد التحديات الحقيقية، مثل؛ حالة المعتقل السياسي علاء عبد الفتاح، كمثال على أوضاع السجون، والتضييق على العمل السياسي كما يظهر في قضية السيد أحمد الطنطاوي، بالإضافة لاستمرار القيود المفروضة على المجتمع المدني مع التركيز على حالة المدافعة عن حقوق الإنسان، هدى عبد المنعم، هدفنا اليوم ليس فقط تقييم مدى مصداقية تقرير السلطات المصرية؛ بل أيضًا تقييم رؤى وحلول ملموسة لضمان احترام الحقوق الأساسية وتعزيز العدالة والشفافية”.

 

– “عازر”: التعذيب ممنهج في مصر

من جهته قال مدير برامج “المفوضية المصرية للحقوق والحريات، شريف عازر، إنه “للأسف بعد 14 عامًا ما زلنا في نفس الوضع، وما نزال نعاني من نفس الممارسات المنهجية للتعذيب داخل المرافق ومراكز الاحتجاز المختلفة في مصر، من قبل السلطات التنفيذية التابعة لأجهزة متعددة، والتعذيب المنهجي في مصر يحدث بأشكال مختلفة، وقد قمنا برصد أكثر من 600 حالة عنف جنسي وقعت في مصر بين عامي 2015 و2022”.

وأشار “عازر” إلى أن الدستور المصري لعام 2014 ينص بوضوح على أن التعذيب محظور، ومع ذلك، عندما ننظر إلى الإطار القانوني في مصر، نجد أن التعريف الوارد في قانون العقوبات للتعذيب يفتقر إلى المعايير الدولية، وهناك أكثر من ثغرة قانونية تسمح لمرتكبي جريمة التعذيب بالإفلات من العقاب، سواء بتلقي عقوبات مخففة أو الإفلات من العدالة تمامًا.

كما تطرق “عازر” في كلمته لمراكز الاحتجاز الجديدة التي بدأت مصر في بناءها، ورغم أن السلطات أطلقت عليها اسم “مراكز التأهيل” بدلاً من السجون، كما تدّعي أن هذه المراكز تتماشى مع المعايير الدولية؛ لكن من خلال الرصد نجد أن هذه المرافق لا تفي بالمعايير المطلوبة، وتعاني من العديد من الانتهاكات، كما شهدت هذه المرافق العديد من الإضرابات من قبل المحتجزين. وهناك أيضًا إهمال طبي خطير في هذه المراكز، حيث شهدت هذه المرافق عددًا كبيرًا من الوفيات، حيث تم رصد أكثر من 137 حالة وفاة بين عامي 2022 و2024.

 

– “سويف”: “في كل يوم نكتشف الأسوأ داخل السجون في مصر”!

 من ناحيتها، أبدت الأستاذة الجامعية والناشطة في مجال حقوق الإنسان ووالدة الناشط المعتقل “علاء عبد الفتاح”، الدكتورة ليلى سويف، في بداية مداخلتها، تضامنها مع جهاد خالد، ابنة المدافعة عن حقوق الإنسان “هدى عبد المنعم”، فيما تعانيه من انتهاكات.

وتطرقت “سويف” إلى وضع ابنها “علاء” قائلة: “أما بالنسبة لابني “علاء” فالانتهاك الحالي والقائم هو استمرار حبسه رغم انتهاء مدة سجنه، وتعرض “علاء” للعديد من الانتهاكات، بدءً من إلقاء القبض عليه وهو في فترة مراقبة شرطية، والاعتداء عليه بداخل السجن كذلك، وصولاً لنقله لسجن “وادي النطرون” حيث تعرض لمزيد من الانتهاكات بلا توقف، والزيارات هناك “سخيفة” من وراء زجاج عازل”.

وأكدت “سويف” في مداخلتها أنه على الرغم مما يتعرض له “علاء” من انتهاكات قاسية؛ إلا أننا في كل يوم نكتشف الأسوأ داخل السجون في مصر، مستشهدة بحالة المعتقل الدكتور عصام حشيش، أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة والعضو في مجموعة 9 مارس، حيث حصل على براءات من محكمة النقض من 2018، وما زال محبوسًا حتى اليوم!

وأضافت “سويف” أنه على الرغم من “انتهاء مدة سجن “علاء” في 24 سبتمبر 2024، تدعي السلطات أن مدة حكمه تبدأ من تاريخ التصديق على الحكم لذا فتنتهي في 3 يناير 2027، وهذا هو ما دفعني لبدء إضراب عن الطعام لحين الإفراج عن “علاء” أو انهياري، ومصرة على ذلك الإضراب لأنه منذ 2013، ونحن ندور في حلقة مفرغة ما بين سجون ومحاكم، ما أدى لتعطل حياتنا بشكل كامل”.

ولفتت “سويف” في ختام مداخلتها إلى أنها تحاول “الضغط على الحكومة البريطانية – باعتبارنا مزدوجي الجنسية-، وبما لدى الحكومة البريطانية من نفوذ لدى السلطات في مصر، في مسار قد يصل بنا للإفراج عن “علاء”، مضيفة: “لكن بعض الأوضاع في غزة لا توجد حكومة في العالم أجمع تدعي أنها تدعم حقوق الإنسان بشكل كامل، ولكن أملنا في منظمات حقوق الإنسان وإيجاد رأي عام ضاغط على الحكومات القمعية”.

 

– “عطا الله”: “إصلاحات سطحية تهدف لتحسين صورة النظام المصري”

من جانبه، ذكر ممثل الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد عطا الله، في كلمته أنه “في سبتمبر 2021، أطلقت الحكومة المصرية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف تعزيز حقوق الإنسان في البلاد. وتم تكليف اللجنة العليا لحقوق الإنسان، التي تأسست عام 2018، بصياغة ومراقبة وتقييم هذه الاستراتيجية. ولكن الواقع يقول إن تفويضها يقتصر على الرد على الادعاءات المتعلقة بحقوق الإنسان، وإعداد ملف مصر لتقديمه في آلية الاستعراض الدوري الشامل، وإعداد تقرير سنوي حول الجهود الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان”.

وفيما يخص الحق في المحاكمة العادلة، أكد “عطا الله” أنه “على الرغم من مزاعم السلطات المصرية بأن التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية تهدف إلى تعزيز العدالة، فإن هذه التعديلات في الواقع تقوض حقوقًا أساسية، بما في ذلك؛ الحق في الدفاع والمحاكمة العلنية”.

كذلك أشار “عطا الله” إلى أنه “بالرغم من التأكيدات المتكررة من الحكومة المصرية بشأن حرية الدين، فإن الطائفة البهائية في مصر تعاني منذ ما يقرب من قرن من التمييز المنهجي المدعوم من الدولة. فمنذ عام 1920، اعتُبر البهائيون “هراطقة” من قبل السلطات الدينية، كما صدر مرسوم عام 1960 يحظر الأنشطة البهائية ويصادر ممتلكاتهم”.

وحول ملف السجناء السياسيين وحرية التعبير والتجمع السلمي في مصر، أكد “عطا الله” أن المنظمات الحقوقية المستقلة وثقت بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عدة انتهاكات، من بينها؛ احتجاز أكثر من 100 شخص بسبب تضامنهم مع غزة، كما تم اعتقال ما لا يقل عن 700 شخص خلال مؤتمر المناخ “COP 27” لمجرد الدعوة إلى التظاهر، بالإضافة إلى استهداف واعتقال أنصار المرشح الرئاسي المعارض أحمد الطنطاوي.

وشدد “عطا الله” في نهاية كلمته على أنه “لا يمكن تحسين وضع حقوق الإنسان في مصر دون وجود فضاء عام مفتوح، وحكم ديمقراطي، وصحافة حرة. فالديمقراطية تضمن المساءلة والرقابة، وهما آليتان أساسيتان لحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبدون هذه العناصر الأساسية؛ ستظل أي إصلاحات سطحية تهدف فقط إلى تحسين صورة النظام المصري دوليًا بدلاً من معالجة الانتهاكات المنهجية”.

 

– “قنديل”: “لا تكافئوا الطغاة من أجل مصالحكم”!

وفي مداخلتها، ذكرت الصحافية والإعلامية المصرية وزوجة السياسي المصري المحتجز “أحمد الطنطاوي”، أنها تمثله باعتباره شريك عمرها ورفيق نضالها، وهو والآلاف من المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي والضمير من أعضاء الحملة الرئاسية الخاصة به، والتي مُنعت بكل السبل والوحشية من الاستمرار في سباق الرئاسة.

وأكدت “قنديل” أن “الحبس في مصر للجميع؛ وبلا معيار وبلا قانون، حيث حبس “الطنطاوي” و22 من أعضاء حملته في قضية مفبركة بتحريات واهية وشاهد إثبات واحد فقط هو ضابط الأمني الوطني الذي لم يحضر جلسة واحدة من المحاكمة، فلا ركن مادي ولا معنوي، ودون التحقيق معه.

كما أشارت “قنديل” إلى أن زوجها “لم يمكن من إيداع النقض، ورفض النقض دون أن نخطر حتى، وتم تثبيت الحكم بالسجن ضده لمدة عام، وقد يعاد تدوير اعتقاله في مايو القادم”، مشددة على أنهم “لم ولن نطلب عفو رئاسي، فنحن لم نرتكب خطأ، فقط مارسنا حقنا القانوني والدستوري”، على حد قولها.

ووجهت “قنديل” في ختام مداخلتها رسالة لصناع القرار في العالم، قائلة إنه “في ظل إقليم يعج بالصفقات في ظل ولاية جديدة لـ “ترامب” الذي يطلب من ديكتاتوره المفضل ما يشاء، ويسمح له باختطاف المعارضين لمسالخ التعذيب، وهو أمر لن نسكت عنه، نقول لا تكافئوا الطغاة من أجل مصالحكم، وتقلتوا أفضل كوادر جيلنا”!

 

– “الحسيني”: ما حدث مع عبد الرحمن القرضاوي ممارسة غير مسبوقة

وركزت ممثلة المنبر المصري للحقوق والحريات، سمر الحسيني، في كلمتها على وضع المدافعين عن حقوق الإنسان والمساحة المدنية في مصر، مشيرة إلى أن المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر يواجهون اتهامات بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

واستشهدت “الحسيني” بقضية حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي تم استجوابه مؤخرًا بسبب بيان نشرته منظمته، كما أن اثنين من زملائه في المبادرة ما زالا تحت حظر السفر.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت “الحسيني” إلى أنه ما يزال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر يواجهون إدراجهم في قوائم الإرهاب، ومن بينهم محمد الباقر، الذي حضر الحوار الوطني رغم أن اسمه لا يزال مدرجًا على قوائم الإرهابيين داخل مصر!

وأضافت “الحسيني” أن “هذه الممارسات لا تقتصر على داخل مصر فقط؛ بل تمتد إلى خارجها، حيث تم توثيق أنماطًا متعددة من القمع العابر للحدود التي يستخدمها النظام المصري ضد المدافعين والناشطين السياسيين في الشتات. وإحدى هذه الممارسات هي إدراجهم على قوائم الإرهاب، ومن بين الضحايا عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الذي تم إدراجه على إحدى هذه القوائم، كما صدر بحقه حكم غيابي داخل مصر، وتم منعه من تجديد وثائق هويته أو جواز سفره من أي قنصلية مصرية، سواء في تركيا أو قطر أو أي بلد آخر”.

وحول ما حدث مع “القرضاوي” في 8 يناير، وتسليم لبنان له لدولة الإمارات، فشددت “الحسيني” على أن هذا هو مثال صارخ على القمع العابر للحدود، مضيفة أن “هذه الحادثة تحتوي على كل عناصر هذا النوع من القمع، بما في ذلك؛ حرمانه من الخدمات القنصلية بصفته مدافعًا عن حقوق الإنسان في المنفى، وإدراجه في قضية قانونية جديدة أثناء وجوده في الخارج بسبب نشاطه السياسي، وأيضًا إصدار حكم غيابي بحقه داخل مصر، وتسليمه إلى دولة ثالثة (الإمارات) دون أي ضمانات لسلامته”.

وأكدت “الحسيني” كذلك على أن “هذه الممارسة غير المسبوقة تُثير القلق، لأنها تؤسس لسابقة خطيرة، حيث يمكن لأي دولة في المنطقة أن تقوم بترحيل المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين إلى دول أخرى، بناءً على النفوذ المالي أو السياسي”، مقتبسة ما قاله مجلس الوزراء اللبناني، حيث صرّح “بأنهم قاموا بترحيل أحد المدافعين إلى الإمارات لأن الإمارات تدفع لنا أموالًا أكثر”، مشيرة إلى أنها “لا تنقل تكهنًا؛ بل تصريحًا رسميًا”.

– “خالد”: قضية والدتي مثال على ما يتعرض لها الناشطون في مصر

وفي كلمتها، قالت جهاد خالد، الناشطة الحقوقية وابنة المدافعة الحقوقية المحتجزة “هدى عبد المنعم”، “اليوم28 يناير، هو عيد ميلاد والدتي، اليوم تبلغ من العمر66 عامًا، وهذا هو عيد ميلادها السابع في السجن. وللسنة السابعة على التوالي، لا يمكنني الاحتفال معها، لا يمكنني أن أقدم لها أي هدية، كل ما يمكنني فعله هو أن أكون هنا اليوم، لأروي قصتها وأرفع صوتها”.

وسلطت “خالد” الضوء على قضية والدتها، قائلة إنه “تم اعتقال والدتي منذ أكثر من ست سنوات، وتحديدًا منذ1 نوفمبر 2018، حيث خضعت للمحاكمة وصدر بحقها حكم بالسجن لمدة خمس سنوات، وأكملت مدة حكمها بالكامل في 31 أكتوبر 2023، حيث كان من المفترض أن تعود إلى منزلها؛ ولكن بدلاً من ذلك، تم تدويرها في قضية جديدة بنفس الاتهامات، وهو إجراء غير قانوني وينتهك سيادة القانون”.

وأضافت: “الآن، بعد عام وثلاثة أشهر، تمت إحالتها إلى محكمة الجنايات في قضيتين، ما أثر بشكل كبير على صحتها التي تدهورت بسرعة”.

وذكرت “خالد” أن والدتها بعد أن تم إعلامها بإحالتها على ذمة قضيتين جديدتين أمضت 12 يومًا طريحة الفراش، غير قادرة على الحركة أو حتى الرؤية، ما يثير القلق والخوف الشديدين على وضعها الصحي.

وأوضحت “خالد” في ختام كلمتها أنه “لا يوجد أي ضمانات لمحاكمة عادلة، لأنه إذا كان هناك أي قدر من العدالة، لكانت والدتي الآن في منزلها، حيث إنها أكملت بالفعل مدة عقوبتها”، مشددة على أن والدتها “ليست سوى مثال واحد فقط على العقاب الذي يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان، مثل إبراهيم متولي، مروة عرفة، وعائشة الشاطر، وعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين داخل السجون المصرية”.