قالت “لجنة العدالة” إن أحكام الإعدام الخاصة بقضايا الإرهاب في مصر؛ تأتي عقب إجراءات قضائية أخفقت في تلبية المعايير الدولية المقبولة للمحاكمة العادلة أو الإجراءات القانونية الواجبة، كما أنها تكون ناتجة عن اتهامات مُعرَّفة على نطاق واسع للغاية (عمومية)، وغير محدد بدقة من خلالها الأفعال التي ارتكبها المتهمون واستحقوا عليها تلك الأحكام التعسفية، الأمر الذي يؤدي بالطبع إلى الحرمان التعسفي من الحياة.
يأتي ذلك عقب قيام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض المصرية (الخميس د)، بجلستها يوم الخميس الموافق 28 ديسمبر 2023، بإصدار حكمها البات في الطعن المقدم من دفاع المواطن حسن سيد أحمد حامد عثمان؛ وذلك بتأييد الحكم الصادر بحقه بالإعدام شنقًا مطلع العام الماضي.
وكانت محكمة النقض نظرت أولى جلسات الطعن بتاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، واستمعت لدفاع الطاعن، وقررت حجز الطعن للحكم.
وعلق المدير التنفيذي لـ “لجنة العدالة”، أحمد مفرح، على الحكم قائلاً: “النظام المصري مستمر في انتهاكه للقواعد الإجرائية القضائية العادلة التي ارتضاها المجتمع الدولي، فقضايا الإرهاب في مصر تفتقر إلى أدنى مقومات المحاكمات العادلة، وأن ينتج عنها أحكام إعدام وفقًا لاتهامات بلا أدلة سوى تحريات أمنية مكتبية، فهو افتئات على حق المتهمين في الحياة والحرية والمحاكمة العادلة”.
ويأتي الحكم المؤيد بالإعدام على خلفية الحكم الصادر من الدائرة الثالثة (إرهاب)، في جلسة 23 يناير/ كانون الثاني 2023، برئاسة المستشار وجدي عبد المنعم، وعضوية المستشارين، وائل عمران ومحمد نبيل، والمنعقدة بمجمع محاكم بدر، بإعدام 6 متهمين (متهم واحد منهم حضوريًا والباقي غيابيًا)، والمؤبد للمتهم السابع، في القضية رقم 2177 لسنة 2022 كلي شمال القاهرة، والمقيدة برقم 8448 لسنة 2022 جنايات مصر الجديدة، والمقيدة برقم 2103 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًا بقضية “خلية مصر الجديدة”.
ووجهت النيابة للمتهمين في تلك القضية عدة اتهامات، منها؛ أنهم انضموا إلى جماعة إرهابية تهدف إلى منع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، مع علمهم بأنّها أُسست على خلاف أحكام الدستور والقوانين، وتهمة تمويل الجماعات الإرهابية، وإمدادهم بالأسلحة والذخائر مع علمهم بأنّها تستخدم في عمليات عدائية ضد الشرطة والمواطنين، كما أضروا بمصالح البلاد القومية والوطنية بين فئات الشعب المصري، واعتدوا على الحريات الشخصية للمواطنين، كذلك قام المتهمان الثالث والرابع، بالترويج بطريقة مباشرة وغير مباشرة لارتكاب جريمة إرهابية؛ بأن قاما بالترويج لأعمال عدائية ضد ضباط وأفراد، كما قام المتهم السادس بحيازة سلاحين ناريين مشخشخين (مدفع رشاش، وبندقية آلية)، مما لا يجوز حيازتهما.
وأسماء الصادر بحقهم حكم الإعدام، هم:
1- حسن سيد أحمد حامد عثمان (36 عامًا) – حضوريًا.
2- محمد سعد كامل سعد (37 عامًا) – غيابيًا.
3- محمد خليل عبد الغني محمد (41 عامًا) – غيابيًا.
4- عبد الله نعيم محمد عبد المطلب (35 عامًا) – غيابيًا.
5- يوسف عواد إسعيد عواد أبو شيخة (25 عامًا) – غيابيًا.
6- عنتر محمد إبراهيم عطية (36 عامًا) – غيابيًا.
كما تم الحكم على المتهم عبد القادر إبراهيم سعيد عودة أبو شيخة، (48 عامًا) محبوسًا، بالسجن المؤبد.
وقالت “لجنة العدالة” إن قوانين مكافحة الإرهاب المصرية تعرضت لانتقادات من قبل آليات أممية، لأنها أدت إلى تآكل إضافيّ لحقوق الإنسان الأساسيّة، ولمزيد من الاعتقالات التعسفية وادعاءات التعذيب، وإلى قمع أوسع نطاق لحرية التعبير والفكر وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي بالبلاد. وسط دعوات أممية لمراجعة تلك القوانين، وإعادة النظر في الأحكام الفضفاضة التي “ستنعكس بشكل خطير على مجموعة من حقوق الإنسان الأساسية”، بحسب ما قالته مقرّرة الأمم المتّحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، فيونوالا ني أولاين.
ولهذا، ترى “لجنة العدالة” أن وقف أحكام الإعدام تلك – الحضوري منها والغيابي-؛ هو أولى الخطوات على الطريق الصحيح الذي يجب أن تنتهجه السلطات المصرية لوقف سيل الانتهاكات بحق المتهمين بقضايا الإرهاب في البلاد، وذلك لحين مراجعة ترسانة قوانين الإرهاب وتحديد مدى توافقها مع المواثيق والعهود الدولية الموقعة عليها مصر.
كما تدعو اللجنة مصر للنظر في الطلبات الأممية التي دعتها لإلغاء تنفيذ عقوبة الإعدام، واستبدالها بعقوبات مخففة أخرى، داعية كذلك المجتمع الدولي والآليات الأممية لمراقبة الأوضاع في مصر، والضغط على السلطات هناك لوقف الإعدامات السياسية، ومسلسل إزهاق الأرواح المستمر بلا توقف.