Widget 1

Optional widget here

تونس: “لجنة العدالة” ترفض عقد جلسات قضية “التآمر على أمن الدولة” بشكل مغلق وتطالب بالعلانية والشفافية

قالت “لجنة العدالة” إن علانية المحاكمات تُعد من أهم مقومات المحاكمات العادلة المعترف بها دوليًا، وأن الشفافية في الإجراءات القضائية هي ضمانة أساسية لحقوق المتهمين وعدالة التقاضي، ومشيرة إلى أن الأنظمة السلطوية فقط هي التي تخشى علانية محاكماتها؛ لأنها غالبًا ما تكون محاكمات تفتقر إلى أدنى مقومات العدالة، وتتم في ظل غياب الشفافية والحياد، ما يُسهل انتهاك حقوق الإنسان وإصدار أحكام جائرة.

وجاء ذلك عقب إعلان السلطات القضائية في تونس محاكمة المتهمين فيما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة” في جلسات مغلقة، بدءًا من يوم 4 مارس/ آذار 2025، وهو القرار الذي ترفضه اللجنة وتؤكد على أنه “سابقة لم تحدث قبل في تاريخ القضاء التونسي؛ حتى في أشد الفترات استبدادًا”.

وترى اللجنة أن هذه المحاكمة تأتي في ظل مناخ سياسي متوتر تعيش فيه تونس، حيث تسعى السلطات الحالية إلى تقليص التعددية السياسية وفرض نظام استبدادي من خلال إجراءات تشريعية وسياسية تهدف إلى السيطرة على السلطة القضائية، منتقدة استخدام قوانين قمعية قديمة لا تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان من أجل قمع المعارضة وإسكات الأصوات المخالفة.

وتشدد “لجنة العدالة” على أن علانية المحاكمات تُعتبر من المبادئ الأساسية التي تضمن نزاهة العدالة وحماية حقوق المتهمين، وهي مكرسة في الدستور التونسي والقوانين الوطنية وكذلك في المواثيق الدولية. ففي الدستور التونسي لسنة 2014، تنص المادة 109 على أن “الجلسات تكون علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب العامة”، وهو ما ليس مطروح في تلك القضية السياسية الهامة، وهذا النص يؤكد التزام تونس بمبدأ الشفافية في الإجراءات القضائية، ما يسمح للمجتمع بمراقبة سير العدالة وضمان عدم وجود انتهاكات أو تحيز.

وعلى المستوى القانوني، ينظم قانون الإجراءات الجزائية التونسي إجراءات المحاكمات، ويؤكد على أهمية العلنية كضمانة أساسية لحقوق المتهمين. فالمحاكمة العلنية تتيح للمتهمين الدفاع عن أنفسهم بشكل كامل، كما تسمح للجمهور والإعلام بحضور الجلسات، ما يقلل من احتمالية حدوث انتهاكات أو إصدار أحكام جائرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلنية تعزز ثقة المواطنين في القضاء، حيث تُظهر أن العدالة تُدار بشكل نزيه وشفاف.

أما على الصعيد الدولي، تُعد علانية المحاكمات من المبادئ الأساسية التي أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، ينص في المادة 10 على أن “لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرًا عادلًا وعلنيًا”. كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، يؤكد في المادة 14 منه على أن “كل شخص متهم بجريمة له الحق في أن تُنظر قضيته علنياً”، وهذه النصوص الدولية تُلزم الدول بضمان شفافية المحاكمات كجزء من التزاماتها بحقوق الإنسان.

وتؤكد “لجنة العدالة” على أنها ترفض تمامًا إجراء المحاكمة في جلسات مغلقة، وتطالب بإجراء جلسات علنية مفتوحة بحضور الإعلام والمراقبين الدوليين والمجتمع المدني، مع بث مباشر للتأكيد على مبدأ الشفافية، معتبرة أن هذا القرار يمثل استمرارًا لمسار تعسفي بدأ منذ بداية القضية.

كما أنه في حال استمرار تعنت السلطات التونسية في إجراء المحاكمة بشكل غير علني، تشدد اللجنة على ضرورة احترام جميع ضمانات المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية، بما في ذلك؛ حق المتهمين في الدفاع بأنفسهم أو من خلال محاميهم، وحق عائلاتهم في حضور الجلسات، بالإضافة إلى ضمان شفافية الإجراءات القضائية. كما تؤكد تضامنها الكامل مع المعتقلين بسبب آرائهم السياسية، مشددة على أن حرمان الأفراد من حريتهم بسبب معتقداتهم يعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية.