وكانت قوات أمنية قد أوقفت سنية الدهماني يوم 11 مايو/أيار 2024 من داخل مقر الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، على خلفية تصريحات إعلامية انتقدت فيها سياسات السلطات، ليتم إحالتها لاحقاً إلى سجن منوبة للنساء. وخلال فترة احتجازها التي امتدت لما يقارب ثمانية عشر شهراً، تعرضت لجملة من الانتهاكات، من بينها ظروف احتجاز لا إنسانية (زنزانة ضيّقة مكتظة، برودة قاسية، ونقص في المستلزمات الأساسية)، وتقييد التواصل مع أسرتها وهيئة دفاعها، فضلاً عن تفتيش مهين ومُذل بلغ حدّ الاعتداء الجنسي بحسب ما وثقته منظمات حقوقية وشهادات أفراد من عائلتها، إضافة إلى حرمانها من الرعاية الطبية الكافية وما رافق ذلك من آثار صحية ونفسية بالغة.
وإذ تعتبر لجنة العدالة هذا القرار خطوة إيجابية، فإنها تؤكد في الوقت نفسه أنّه لا يُلغي الطابع الجائر لحرمان سنية الدهماني من حريتها، نتيجة ممارستها لحق أصيل يكفله الدستور، وهو حرية الرأي والتعبير. كما تذكّر بأنّ استمرار ملاحقة الصحفيات والصحفيين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان يمثّل انتهاكاً خطيراً لالتزامات الدولة الدستورية والدولية والإقليمية، ويُكرّس منحى مقلقاً نحو تضييق الفضاء المدني والسياسي وتقويض ضمانات دولة القانون.
وعليه، تدعو لجنة العدالةُ السلطاتَ التونسية إلى:
- إيقاف جميع التتبّعات القضائية ضد سنية الدهماني دون أيّ تأخير.
- وضع حدّ نهائي لكلّ القضايا والإجراءات الهادفة إلى تقييد حرية الرأي والتعبير والعمل المدني والسياسي.
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء وسجينات الرأي والعمل المدني والسياسي.
- الإلغاء الفوري للمرسوم عدد 54، الذي تحوّل إلى أداة تشريعية تُستخدم خارج مقتضيات الشرعية لتجريم التعبير النقدي، والعودة إلى دولة القانون.
إنّ حماية الحريات الأساسية ليست امتيازاً تمنحه السلطة، بل التزام قانوني صارم وجوهر العقد الاجتماعي. وستواصل لجنة العدالة عملها في الرصد والتوثيق والدفاع، إلى أن تُرفع كلّ القيود عن الأصوات الحرّة بلا استثناء.