تبعًا لمشروع مراقبة الانتخابات الرئاسية الذي دشنته “لجنة العدالة” خلال المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، واستكمالاً لمنهجية رصد وتوثيق الانتهاكات في الساحة الحقوقية والسياسية في إطار السعي لضمان الشفافية والمساءلة وتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية، عمدت “لجنة العدالة” خلال الأسبوع الثالث من مرحلة القيام بالحملات الانتخابية، الموافق 30 أكتوبر وحتى 3 نوفمبر للعام 2023، على تتبع البيانات والأنباء الصحفية، وتوثيق وقائع انتهاكات حقوق الأفراد والأحزاب السياسية المعارضة.
وقائع الانتهاكات خلال الفترة المرصودة
شهد الأسبوع الثالث من مرحلة الحملات الانتخابية استمرار استحواذ الحملة الانتخابية للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، على قمة الأحداث، باعتبار “السيسي” ليس رئيسًا محتملًا؛ بل مؤكدًا للفترة الرئاسية المقبلة.
فالواقع أن أيًا من الحملات الانتخابية المتنافسة مع “السيسي” لا يحظى بحضور في الشارع المصري– الحقيقي أو الافتراضي-، كما لا تتاح فرصة الترويج لبرامجهم أو حشد وتجنيد ظهيرهم الشعبي في ظل الأحداث المتلاحقة في غزة، لتضطر جميع الحملات الانتخابية في الاصطفاف خلف السلطة المصرية ومرشحها الحالي.
رصدت “لجنة العدالة” تجديد حبس 21 متهمًا من أعضاء حملة المرشح الذي كان محتملاً، أحمد الطنطاوي، بينهم 3 سيدات، بدعوى الانضمام لجماعة إرهابية في قضية “التوكيلات الشعبية الموازية”، وإخلاء سبيل اثنين فقط لانعدام صلتهم بالقضية، فيما انتهجت السلطات اعتداءات أكثر همجية بحق الحملات الانتخابية المنافسة، ففي حي ثان المنتزه بمحافظة الإسكندرية، جرى تمزيق لافتات المرشح الرئاسي، فريد زهران، وفصل التيار الكهربائي عن القاعة المعدة للمؤتمر، بحسب تصريحات “الحزب المصري الديمقراطي”.
كما نشر المحام والمدافع الحقوقي، خالد علي، أسماء 56 مواطنًا من المقبوض عليهم بتهمة التظاهر تضامنًا مع فلسطين وخارج نطاق المظاهرات التي أعدتها ورتبتها سلطات الأمن لدعم الرئيس “السيسي”، وأدرجت السلطات المقبوض عليهم في يوم 30 أكتوبر، في القضية رقم 2469/2023 بالإسكندرية، وفي 1 نوفمبر، بالقضية رقم 2468/2023 في القاهرة.
كذلك في ظل مناخ الترهيب والقمع، وخوفًا على أنصارهم وأعضاء حملاتهم الانتخابية، لا تخرج تصريحات مديري الحملات الانتخابية المتنافسة كما هو صوت حملة “السيسي” في تمثيل السلطة داخليًا وخارجيًا والتحدث بلسانها، ولا يتوقع أن تجرؤ بالتمدد على حساب أجهزة الدولة التي يفترض بها القيام بمهام التواصل مع الجهات الأجنبية بشأن سياسات مصر.
وحيث أسدت الحرب الدائرة في غزة فرصة مناسبة لحملة الرئيس “السيسي” في تصدر الأحداث وإضاعة فرص الحملات المنافسة؛ فيبدو أن المرشح المعارض- الذي كان محتملاً-، أحمد الطنطاوي، لم يفته الكثير في هذه الجولة، رغم اصطفاف الحركة المدنية خلفه وإدانتها بالإجماع للانتهاكات التي تعرض لها اتباعه أثناء تحرير محاولة تحرير التوكيلات.
كما لا يعد الدور المحلي للمنظمات التي يفترض بها مراقبة الانتخابات مؤثرًا؛ فحتى أثناء مطالبة الحركة المدنية للهيئة الوطنية للانتخابات باتخاذ “ضمانات أكثر جدية” لنزاهة الانتخابات في سبتمبر الماضي، فإن هذا لم يتبعه تأييد المنظمات المحلية المراقبة للانتخابات والتي حازت على الموافقة الرسمية من السلطة لمتابعة العملية الانتخابية، ما يثير الشكوك حول مدى المهنية والحيادية التي تتمتع بها تلك المنظمات. ومع تصريح محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري ورئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، بانتشار 10 آلاف مراقب على مستوى الجمهورية لمراقبة الانتخابات، فمن غير المتوقع أن يتخذ الأخير موقفًا مغايرًا للهيئة الوطنية العليا للانتخابات، بل يشيد بـ”مهنيتها ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف”. بعبارة أخرى، لم يكن- وليس متوقعًا- أن تقوم المنظمات المصرح بمراقبتها الانتخابات برقابة حقيقية تخالف سردية السلطة التي تفرضها على الإعلام والقضاء والجهات الحكومية وسلطات الأمن.
أيضًا فتحت الهيئة الوطنية للانتخابات باب الطعون لمدة عشرة أيام، من 29 أكتوبر إلى 7 نوفمبر، ومع اقتصار فترة تقديم الطعون في اليومين 27 و28 أكتوبر فقط؛ فإن اللجنة أعلنت- كما هو متوقع- بعدم تقديم أي من طالبي الترشح لاعتراضات على الفترة السابقة، ومن ثم تجري الآن اختيار الرموز الانتخابية تمهيدًا لاستكمال الحملات الانتخابية كما هو مفترض.